بثينة شعبان.. "لسان" الأسد الإعلامي وخازنة أسراره

Bouthaina Shaaban, advisor to Syrian President Bashar Assad, briefs the media, at the European headquarters of the United Nations, in Geneva, Switzerland, Wednesday, Jan. 29, 2014. Shaaban spoke after a meeting between government and opposition delegates with the U.N.-Arab League mediator Lakhdar Brahimi. (AP Photo/Keystone, Martial Trezzini)

أكاديمية وسياسية سورية؛ عملت في سلك التعليم الأكاديمي وانتقلت إلى أروقة السياسة مترجمة للرئيس السوري، فدخلت الحكومة وزيرة فمستشارة سياسية وإعلامية للرئيس. احتلت منذ تفجر أحداث الثورة السورية قلب المشهد السياسي والإعلامي متحدثة إلى العالم بـ"لسان النظام"، خاصة عندما يرغب في مخاطبة الغرب بلغته.

المولد والنشأة
وُلدت بثينة شعبان يوم 7 مايو/أيار 1953 في قرية المسعودية في ريف محافظة حمص بسوريا لأسرة فلاحية. عاشت طفولة بائسة ضمن عائلة تضم تسعة أطفال، حسب ما روته هي في فيلم أعده عنها المخرج الأميركي من أصل سوري زياد حمزة عام 2005 واختار له عنوان: "امرأة".

الدراسة والتكوين
أكملت بثينة المرحلة الثانوية من تعليمها متفوقة عام 1971، والتحقت بجامعة دمشق حيث درست الأدب الإنكليزي، ثم تابعت مسيرتها التعليمية حتى حصلت على ماجستير في الأدب الإنكليزي من جامعة وورويك البريطانية عام 1977، ودكتوراه في نفس التخصص من الجامعة ذاتها 1982.

الوظائف والمسؤوليات
بعد نيلها الدكتوراه انخرطت بثينة في ممارسة التعليم؛ فصعدت السلم الأكاديمي في جامعة دمشق عضوا في هيئة تدريس قسم اللغة الإنجليزية، وترقت فيه حتى وصلت إلى منصب رئيس قسم الأدب المقارن في الجامعة، كما زاولت التدريس في إحدى جامعات الجزائر.

انضمت إلى رابطة الشاعرين كيتس وشيلي في الولايات المتحدة، واختيرت عام 2000 نائبة لرئيس اتحاد الكتاب العرب في سوريا، ونُشرت لها مقالات في عدة صحف سورية وعربية.

التجربة السياسية
في عام 1988 التحقت بثينة شعبان بوزارة الخارجية السورية لتكون "مترجمة" إلى جانب مزاولتها مهنة التدريس، وبرزت في عالم السياسة والدبلوماسية حين اعتمدها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد مترجمة له في محادثاته عام 1994 مع وزير الخارجية الأميركي آنذاك وارن كريستوفر بشأن عملية السلام بين العرب وإسرائيل التي أطلِقت 1991 في مؤتمر مدريد، ثم لاحقا في لقاءاته مع نظيره الأميركي بيل كلنتون بجنيف 1994.

وإذا كان الأسد الأب هو الذي جاء ببثينة إلى الواجهة الإعلامية؛ فإن ابنه بشار الأسد هو الذي أدخلها ضمن عصبة النظام الممسكة بخيوطه بعد عامين من تسلمه مقاليد الحكم وراثة عن أبيه، فقد عينها عام 2002 مديرة لدائرة الإعلام الخارجي في وزارة الخارجية.

دخلت بثينة الحكومة السورية لأول مرة وزيرة لشؤون المغتربين في سبتمبر/أيلول 2003، وفي 30 يوليو/تموز 2008 انضمت إلى الحلقة الضيقة من مستشاري الأسد بوصفها "مستشارة للشؤون السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية بمرتبة وزير"، وهي مرتبة لم تمنح لمن سبقوها في هذا المنصب.

ومع انطلاق الثورة السورية في مارس/آذار 2011 أنيطت ببثينة مسؤولية أول رد رسمي قدمه النظام بشأن مجزرة درعا الشهيرة، لكنها بدلا من شرح ملابسات الحادثة وحقيقة ما جرى ظهرت مروّجة لـ"زيادات في الرواتب"، ووعد بإقرار قانون للأحزاب، و"بحث إلغاء حال الطوارئ" في وقت كان العالم يتوقع إلغاءها.

وكانت في ذات الوقت مدافعة عنيدة عن النظام ورافضة بقوة لمبدأ دخول وسائل الإعلام الغربية والعربية لتغطية ما يجري في سوريا، بل إنها اتهمت وسائل الإعلام هذه "بتضخيم الأحداث والترويج لمشروع فتنة طائفية" في البلاد. وكان هذا الظهور الإعلامي بمثابة تزكية لها لتواصل التحدث باسم النظام في وقت غابت فيه عن المشهد شخصيات بارزة مثل فاروق الشرع نائب الرئيس.

وإلى جانب إطلالاتها الإعلامية الانتقائية تولت مسؤولية إعطاء المقابلات المنتقاة لكبريات الصحف الأميركية والبريطانية؛ على غرار مقابلتها مع صحيفة نيويورك تايمز الأميركة التي نُشرت يوم 10 مايو/أيار 2011 وقالت فيها إن "اللحظة الأكثر خطورة (في الأزمة السورية) قد تم تجاوزها..، وأعتقد أننا نعيش بداية نهاية هذه القصة..، لا يمكن أن نتسامح مع التمرد المسلح"، ثم توالت الأحداث الدامية مكذبة هذه التصريحات المتفائلة.

أوفد النظام بثينة شعبان إلى دول كبرى ومحافل دولية عديدة لتوضيح مواقفه بشأن ما يجري في البلاد، ومن ذلك زيارتها الأولى -في هذا الإطار- لموسكو في سبتمبر/أيلول 2011 لمقابلة القيادة الروسية التي طالما مثلت حائط الصد الدولي الأول عن نظام الأسد، وذلك بعد زيارة مماثلة قام بها وفد من المجلس الوطني السوري المُنشأ آنذاك.

كما كانت أول مسؤول سوري بمستواها يزور أوروبا منذ بدء الثورة السورية، حيث زارت العاصمة النرويجية أوسلو وقدمت ورقة عن "رؤية الحكومة السورية لما تتعرض له المنطقة من إرهاب" في الدورة الـ12 لـ"منتدى أوسلو"، وهو لقاء دولي تنظمه وزارة الخارجية النرويجية بالتعاون مع "مركز الحوار الإنساني".

وفي 26 يونيو/حزيران 2012 ضم الاتحاد الأوروبي بثينة شعبان إلى قائمة المسؤولين السوريين الذين فرض عليهم عقوبات، على خلفية الفظائع التي ارتكبها النظام السوري بحق نشطاء الثورة السورية.

وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول 2012 أعلن القضاء اللبناني أنه بدأ تحقيقا في احتمال وجود علاقة لبثينة شعبان بالتخطيط لتنفيذ تفجيرات في لبنان، يُعتقد أن رئيس مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك والوزير اللبناني السابق ميشال سماحة كانا يستعدان لتنفيذها. وهو ما علقت هي عليه قائلة إنه "لا يعدو كونه نوعا من المهاترات والسجالات السياسية المتعارف عليها في هذا البلد (لبنان) والتي لا تستحق الرد أو التعليق".

وبعد ذلك بسنوات بثت وسائل إعلام لبنانية في 21 يناير/كانون الثاني 2016 تسجيلا صوتيا لاتصال هاتفي بين سماحة وبثينة يتحدثان فيه عن نقل أشياء من دمشق إلى بيروت للبدء في تنفيذ عمل ما.

وصفتها صحيفة صنداي تلغراف البريطانية (في 5 يونيو/حزيران 2016) بأنها "أكثر شرا من رئيسها بشار الذي يستمر في حرق بلاده"، مضيفة أنه "إذا كانت هناك ماري أنطوانيت في عصرنا الحالي فهي بثينة شعبان التي قالت عندما سُئلت عن حصار القرون الوسطى لمليون سوري وتجويعهم: لا حاجة في سوريا لمعونات غذائية، ومواطنو البلدات والقرى ومخيمات اللجوء المحاصرة يمكنهم العيش من دون معكرونة أو طرود فواكه من الأمم المتحدة".

الجوائز والأوسمة
منحتها جامعة الدول العربية جائزة "المرأة المتميزة في العمل الحكومي" عام 2005، ورُشحت في نفس العام -ضمن ألف سيدة من أنحاء العالم- لنيل جائزة نوبل للسلام. كما حصلت عام 1993 على "منحة روكفيلر" من جامعة رايس (هيوستن، تكساس) الأميركية، و"منحة ثيلما ماكاندليس" للأستاذ المتميز من جامعة ميتشغان الشرقية عام 2000.

المؤلفات
أصدرت بثينة شعبان عدة كتب باللغتين العربية والإنجليزية، منها: "باليمين والشمال: نساء عربيات يتحدثن عن أنفسهن" (نشرته بالإنكليزية 1988)، و"مئة عام من الرواية النسائية العربية" (1999)، و"المرأة العربية في القرن العشرين" (2000)، و"عشرة أعوام مع حافظ الأسد 1990-2000″، و"مأزق التدخل الأميركي وإمكانات الفعل العربي: نبضات ورؤى" (2006)، و"مذكرات دمشق: القصة الحقيقية لدبلوماسية حافظ الأسد من أجل السلام 1990-2000″، (بالإنكليزية 2012).

المصدر : الجزيرة