رياض سلامة الحاكم الخامس لمصرف لبنان

رياض سلامة يعد أول حاكم مصرف مركزي عربي يقرع له جرس افتتاح بورصة نيويورك عام 2009 (الجزيرة)

رياض سلامة، الحاكم الخامس لمصرف لبنان منذ تأسيسه عام 1964. يعتبره البعض رمز إعادة إعمار البلاد، بينما يراه آخرون رمز الليبرالية المالية المتفلتة؛ وكان حاكم مصرف لبنان طيلة 3 عقود انتهت يوم 31 يوليو/تموز 2023، وصار مستهدفا بتحقيقات قضائية محلية وأوروبية حول ثرواته وأدائه.

اعتبر سلامة مهندس السياسات المالية في مرحلة تعافي الاقتصاد لما بعد الحرب الأهلية بين عامي 1975 إلى 1990، لكنه حمّل مع بقية الطبقة الحاكمة مسؤولية فشل إدارة أزمة البلاد عقب الانهيار الاقتصادي الذي شهده لبنان منذ عام 2019.

المولد والنشأة
ولد رياض سلامة يوم 17 يوليو/تموز 1950 في بلدة كفردبيان في منطقة المتن بجبل لبنان.

الدراسة والتكوين
أنهى رياض سلامة دراسته الثانوية في مدرسة سيدة الجمهور للآباء اليسوعيين، ثم التحق بالجامعة الأميركية في بيروت، حيث نال درجة الإجازة (بكالوريوس) في الاقتصاد.

حصل على دكتوراه فخرية عام 2009 من "الجامعة الأميركية في بيروت"، ونالها أيضا في عام 2010 من "الجامعة اللبنانية"، ثم من "الجامعة الأميركية للتكنولوجيا" بلبنان عام 2013.

التجربة المهنية
بعد دراسته الجامعية التحق رياض سلامة بشركة "ميريل لينش" المالية العالمية في باريس، حيث تدرج في المناصب بين عامي 1973 و1985، ليتم تعيينه في ذلك العام نائبا لرئيس الشركة ومستشارا ماليا، مما لفت الأنظار إليه في لبنان.

مع انتهاء الحرب الأهلية كانت الحكومة اللبنانية قد استعانت بالحاكم السابق للمصرف ميشيل الخوري ليتسلم منصب الحاكم من جديد لفترة انتقالية مدتها سنتان.

ثم ما لبث أن عيّن رياض سلامة حاكما لمصرف لبنان، ليصبح الشخص الخامس الذي يتسلم هذا المنصب منذ تأسيس مصرف لبنان عام 1964.

ترافق تعيين رياض سلامة مع بدء فترة تولي الراحل رفيق الحريري رئاسة الوزراء في لبنان، ويعتبر سلامة بمثابة مهندس السياسات المالية للمرحلة التي تعرف بـ"الحريرية".

تنقسم الآراء حول رياض سلامة بين من يعتبره رمز إعادة إعمار البلاد، ومن يراه رمز الليبرالية المتفلتة من كل قيود بوصفه صاحب نظرية فتح باب الاستدانة الداخلية والخارجية، ورمز العلاقة مع المؤسسات المالية الكبرى في كل ما يتعلق بالقروض والاتفاقيات التجارية.

كان من المفترض أن يبقى سلامة ست سنوات في منصبه، لكنه أعيد تعيينه ثلاث مرات أعوام 1999 و2005 و2011.

وبوصفه حاكما للمصرف المركزي اللبناني، فإنّ سلامة عضو في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي.

بعد انتخاب الحاكم الثاني لمصرف لبنان إلياس سركيس رئيسا للجمهورية عام 1968، أصبح طموح كل حاكم بعده الوصول إلى مركز الرئاسة الأولى، كون حاكم مصرف لبنان هو دائما من الطائفة المارونية التي ينتمي إليها الرئيس أيضا.

وقد طرح الحاكم الأسبق إدمون نعيم (حاكم مصرف لبنان في الفترة 1985-1991) نفسه مرشحا للرئاسة إثر الشغور الرئاسي عام 1988، قبل أن يتم تعديل الدستور عام 1989 وتضاف الفقرة التي تمنع موظفي الفئة الأولى من تبوؤ منصب الرئاسة الأولى قبل مرور سنتين على استقالتهم من وظيفتهم.

ومثله مثل من سبقه، طرح اسم رياض سلامة مرشحا لمنصب رئيس الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس الراحل إلياس الهراوي، من دون أن يكون الطرح جديا لدرجة سير الأطراف السياسية بتعديل دستوري يسمح له بتبوؤ المنصب.

وأعيد طرح اسمه مرشحا لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية ميشال سليمان ببضعة أشهر، إثر فشل مجلس النواب في انتخاب رئيس من بين المرشحين الأبرز آنذاك، أي رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

توترت علاقة رياض سلامة مع حزب الله بعد تطبيقه القانون الأميركي لمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال الذي يفرض عقوبات مالية على الحزب.

الأزمة المالية عام 2019

طالت سلامة الكثير من الانتقادات حيال السياسات النقدية التي اعتمدها إبان الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت لبنان بداية عام 2019، إذ اعتبر منتقدوه أن هذه السياسات راكمت الديون وسرعت الأزمة، لكن سلامة دافع عن سياساته، مؤكدا أن المصرف المركزي "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".

وحافظت الليرة على استقرارها منذ توليه منصبه بعدما ثبّت سعر صرفها على 1507 ليرات، وتمكنت البلاد من جذب رؤوس أموال من الخارج مقابل منح فوائد مرتفعة للمودعين، حتى صار القطاع المصرفي ركيزة رئيسية في الاقتصاد اللبناني.

وبعد الأزمة حاول تمويل الدولة "بغطاء سياسي" متبعا سياسة "الهروب للأمام" رغم إحجام الحكومات المتعاقبة على إعادة هيكلة الاقتصاد.

ثم انخرط منذ عام 2016 بهندسات مالية للحفاظ على قيمة الليرة ورفع احتياطي المصرف المركزي ورسملة المصارف، لكن بعض خبراء الاقتصاد اعتبروها من بين الأسباب التي ساهمت في تعميق أزمة البلاد المالية.

وبعد الانهيار الشديد لليرة اللبنانية والقيود التي فرضتها المصارف على سحب الودائع بالدولار عام 2019، فقدت العملة المحلية أكثر من 98% من قيمتها أمام الدولار، ومن حينها طالته الشبهات والانتقادات، حتى أصدرت قاضية فرنسية بميونخ مذكرتي توقيف بحقه عممتها على الإنتربول.

الوظائف والمسؤوليات

  • رئيس "هيئة الأسواق المالية اللبنانية".
  • رئيس "المجلس المركزي لمصرف لبنان".
  • رئيس "الهيئة المصرفية العليا".
  • رئيس "هيئة التحقيق الخاصة".
  • عضو في مجلس محافظي "صندوق النقد الدولي".
  • عضو في مجلس محافظي "صندوق النقد العربي".
  • حاكم مصرف لبنان المركزي منذ عام 1993.
  • عمل رئيسا مشاركا في مجلس الاستقرار المالي لمنطقة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
  • نائب للرئيس ومستشار مالي في شركة "ميرل لينش" بين عامي 1985 و1993.

الجوائز والأوسمة

حاز رياض سلامة على عدد من الجوائز منها:

  • جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم العربي عام 1996.
  • وسام جوقة الشرف الفرنسية من رتبة فارس عام 1997، ثم الوسام نفسه لكن برتبة ضابط عام 2009.
  • جائزة "مجلة غلوبال فاينانس" باعتباره أحد أفضل 20 حاكما للمصرف المركزي عام 2004.
  • جائزة "يورموني" باعتباره أفضل حاكم مصرف مركزي في الشرق الأوسط لعام 2006، وقبلها عام 1996.
  • جائزة "يورموني" باعتباره أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم لعام 2006، وقبلها عام 2003.
  • نال عام 2006 جائزة أفضل حاكم مصرف مركزي في العالم من مجلة "يورو موني".
  • حصل على جائزة أفضل حكام مصرف مركزي عام 2009 من مجلة "بانكر".
  • كان أول حاكم مصرف مركزي عربي يقرع جرس افتتاح بورصة نيويورك في مارس/آذار 2009.
  • جائزة الإبداع العربي عام 2009 عن فئة الإبداع الاقتصادي.
  • جائزة شخصية الريادة المصرفية للعام 2009 من الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب.
المصدر : الجزيرة