فرانكو.. الجنرال الذي حكم إسبانيا بقبضة من حديد

Spanish military dictator General Francisco Franco (1892 - 1975). (Photo by Keystone/Getty Images)

الجنرال فرانكو قائد عسكري إسباني مناصر للملكية؛ حكم بلاده بقبضةٍ من حديد في نهاية الحرب الأهلية الإسبانية التي دارت رحاها في ثلاثينيات القرن العشرين. أقام علاقات وثيقة بالفاشية والنازية خلال الحرب العالمية الثانية، وتعرض لعزلة دولية بعد الحرب خرج منها مستفيدا من مناخ الحرب الباردة. توفي عام 1975.

المولد والنشأة
وُلد فرانسيسكو فرانكو يوم 4 ديسمبر/كانون الأول 1892 في إقليم غاليسيا بإسبانيا لأسرة متوسطة الحال، فقد كان أبوه محاسبا في البحرية الإسبانية كما كانت أمه تعمل فيها، فشغف الابن بالبحرية وحياة الجندية.

الدراسة والتكوين
أخفق فرانكو في الالتحاق بالمدرسة البحرية عام 1907، فتوجه إلى مدرسة المشاة بمدينة طليطلة وتخرج فيها عام 1910 برتبة "ملازم".

التجربة العسكرية
أرسل فرانكو إلى المغرب حيث تولى قيادة الوحدات العسكرية المشكلة من السكان المحليين في منطقة الريف وتطوان.

وفي عام 1916، رُقي إلى رتبة "رائد" واستُدعي لمهام عسكرية في بلده إسبانيا فشارك عام 1917 في قمع انتفاضة عمال المناجم في أستورياس.

عاد فرانكو عقب ذلك إلى المغرب فأُسندت إليه مهمة محاربة الزعيم المقاوم عبد الكريم الخطابي واستمرَّ في ذلك إلى 1926. وخلال السنوات التي أمضاها في المغرب، تعلم الدارجة المغربية ولغة أهل الريف الأمازيغ وتعرف على ثقافتهم عن قرب، فكان يُطرب بالموسيقى الأمازيغية وصار له منهم أصدقاء. 

تولى فرانكو إدارة المدرسة العسكرية في سرقسطة ببلاده، لكن هذه المدرسة أُلغيت في عهد الجمهورية الثانية 1931 فانتقل إلى العمل في الحاميات العسكرية بجزر البليار. وفي 1935 عُين قائدا للأركان في مسعى لإصلاح المؤسسة العسكرية لكن خسارة معسكر وزير الدفاع للانتخابات أبعدته مجددا إلى جزر كناريا ليكون قائدا للحامية العسكرية هناك.

التجربة السياسية
في يوليو/تموز 1936، قاد ضباط موالون للملكية انقلابا عسكريا على الاشتراكيين المناصرين للجمهورية فاندلعت الحرب الأهلية في إسبانيا. وبادر فرانكو إلى إصدار بيان مؤيد للانقلاب.

عقب موت قائد الجيش خوسيه سان خيرخو زعيم الحركة الانقلابية في حادث تحطم طائرة مروحية بعد أيام من الانقلاب، طار فرانكو إلى مدينة تطوان حيث تولى قيادة الوطنيين وضمن سيطرتهم على الأراضي المغربية الخاضعة للاستعمار الإسباني، في وجه تهديد الجمهوريين المسيطرين على جنوب وشرق إسبانيا المتاخم للمغرب، بينما كانت معاقل الوطنيين منحصرة في الغرب والشمال.

احتدمت المواجهة بين الفريقين، وقررت اللجنة العسكرية للدفاع تسمية فرانكو رئيسا للحكومة في أكتوبر/تشرين الأول 1936، وبحلول فبراير/شباط 1938 أضاف إلى هذا اللقب لقبي رئيس الدولة وقائد أركان الجيش. وفي 28 مارس/آذار 1939 دخل مدريد منتصرا مستفيدا من دعم  ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وتجنيد واسع في صفوف المغاربة خاصة بمنطقة الريف.

خلال الحرب العالمية الثانية قرر فرانكو التزام الحياد في بادئ الأمر، لكن قناعته بنصرِ الحلفاء جعلته يلتقي الزعيم الألماني أدولف هتلر عام 1940، وقرر عقب ذلك احتلال مدينة طنجة المغربية الخاضعة حينها لوضع دولي، ثم أرسل في 1941 وحدات قتالية لمحاربة الاتحاد السوفياتي على الجبهة الشرقية.

ومع تبدل موازين القوى اعتبارا من 1942، بادر فرانكو إلى العودة إلى الحياد، فأخلى مدينة طنجة ورفض عبور القوات الألمانية إسبانيا للتوجه إلى أفريقيا، لكن ذلك لم يشفع له. إذ في عام 1946 دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة ـبإيعاز من الاتحاد السوفياتي- الدول الأعضاء إلى سحب سفرائها من مدريد فدخلت إسبانيا عزلة دولية استمرت إلى الخمسينيات.

رأت الولايات المتحدة في قوة نظام فرانكو والاستقرار السياسي بإسبانيا عاملا يُؤهل البلد ليكون قلعة من قلاع مواجهة الشيوعية، فأجرت اتصالات بفرانكو كانت نتيجتها قبوله بإقامة قواعد عسكرية أميركية عام 1953، وعادت إسبانيا إلى نادي الأمم العالمية عام 1955.

أقام فرانكو نظاما سياسيا استبداديا قائما على الحزب الواحد، وألقى بخصومه في السجون والمنافي، لكنه بدأ ينفتح على معارضيه اعتبارا من 1965، وفي عام 1969 قبل تسمية خوان كارلوس دي بوربون وليا للعهد، وقبل بقدومه إلى إسبانيا من منفى العائلة في إيطاليا.

ويرى مؤرخون أن فرانكو كان مقتنعا بالملكية لكنه أراد أن يُمهد لها الطريق بإحكام سيطرته على الحياة السياسية وكسر شوكة الجمهوريين نهائيا.

ومع نهاية حقبة حكم فرانكو، كانت الطبقة الوسطى الإسبانية متسعة كما كان التعليم في وضع جيد في عمومه. وهذه العوامل مجتمعة، أسهمت بشكل حيوي في عودة إسبانيا السلسة إلى الملكية الدستورية والديمقراطية مباشرة بعد وفاته.

الوفاة
توفي الجنرال فرانكو يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1975. 

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية