فريدمان.. "مفتي" البيت الأبيض في قضايا العالم

New York Times columnist Thomas L. Friedman speaks during the International New York Times Energy for Tomorrow Conference at the Hotel Potocki, the Chamber of Commerce and Industry in Paris, France December 9, 2015 on the sidelines of the COP21 United Nations conference on climate change. REUTERS/Mandel Ngan/Pool

توماس فريدمان صحفي وكاتب أميركي؛ يوصف بأنه أحد أبرز وأهم كتاب الرأي على المستوى الدولي، تثير آراؤه السياسية جدلا في أميركا ومنطقة الشرق الأوسط، غير أنه يظل صانع رأي عام مؤثرا ويحظى بأهمية في أوساط كثيرة.

المولد والنشأة
وُلد توماس لورن فريدمان يوم 20 يوليو/تموز عام 1953 في مدينة سانت لويس بارك بولاية مينيسوتا الأميركية لأسرة يهودية، كان في طفولته مولعا بالعديد من الرياضات. متزوج ولديه ابنتان.

الدراسة والتكوين
درس فريدمان المرحلة الابتدائية في المدرسة اليهودية والثانوية في "سانت لويس بارك هاي سكول"، واشتهر خلال مرحلة دراسته الثانوية بكتابة مقالات لصحيفة المدرسة، وقضاء عطل الصيف المدرسية في "كيبوتزات" (التجمعات الزراعية اليهودية) قرب مدينة حيفا في فلسطين.

حصل على بكالوريوس في دراسات منطقة المتوسط من "جامعة براندي" عام 1975، وتابع دراسته في "سانت أنطوني كوليدج" التابعة لجامعة أوكسفورد التي نال فيها ماجستير في دراسات الشرق الأوسط. ويقول إن البروفيسور ألبيرت حوراني أثر بشكل كبير في مساره الدراسي.

التوجه الفكري
عُرف فريدمان بإيمانه الشديد بأهمية هيمنة الليبرالية الجديدة في العالم وسيطرة العولمة على الطريقة الأميركية، وتتناول طروحاته وأفكاره العديد من القضايا التي تركز على علاقات أميركا بدول العالم، وتحليل العديد من إشكاليات النزاعات والصراعات خصوصا في الشرق الأوسط والشرق الأقصى، حيث قام بسلسلة من الزيارات لبلدان المنطقة خصوصا الصين وإيران والسعودية وإسرائيل.

التجربة المهنية
بدأ فريدمان مساره المهني كاتبا وصحفيا إثر التحاقه بعد تخرجه عام 1978 بمكتب وكالة الأنباء الأميركية (يو بي آي) في لندن، ثم عمل -ابتداء من يونيو/حزيران 1979 إلى مارس/آذار 1981- مراسلا لصحيفة "نيويورك تايمز" في بيروت، ثم عاد إليها 1982 لتغطية الاجتياح الإسرائيلي للبنان حيث اشتهر بتغطيته الصحفية لمذبحة صبرا وشاتيلا.

وانتقل في يونيو/حزيران 1984 إلى القدس للعمل رئيسا لمكتب الصحيفة إلى غاية فبراير/شباط عام 1988، حيث برز اسمه أيضا في تغطية الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

وبعد توليه تغطية أنشطة وزير الخارجية الأميركي السابق جيمس بيكر خلال فترة الرئيس السابق جورج بوش الأب؛ أصبح عام 1992 مراسلا لصحيفة "نيويورك تايمز" في البيت الأبيض، ثم تخصص بشكل أكبر -ابتداء من عام 1994- في الكتابة حول السياسة الخارجية والاقتصاد، ثم أصبح "كاتب رأي" في شؤون السياسة الخارجية.

تنشر مقالاته في أكثر من مئة صحيفة في العالم، ويكتب بشكل مكثف في مجلات "فورين أفيرز" (Foreign affairs) و"غلوبال تريد" (global trade) و"ميدل إيست غلوبالزيشن" (Middle East globalization) و"قضايا بيئية" (environmental issues).

يُتهم فريدمان بأنه متصلب في ما يعتبره "قناعات ثابتة" في تحليله لعدد من القضايا، خصوصا طرحه المتمثل في التركيز على العوامل الاقتصادية لحل نزاع الشرق الأوسط، وهو ما اعتبره نقاد (بن شابيرو Ben Shapiro نموذجا) "دوغمائية"، كما وجهت له انتقادات بسبب كتاباته المساندة للغزو الأميركي للعراق عام 2003.

يصفه البعض بأنه "صهيوني متطرف" بينما يقول آخرون إنه من الصحفيين الأميركيين القلائل الذين يتحلون بـ"الواقعية السياسية" في تناول قضايا الشرق الأوسط، خصوصا ما يخص آراءه في القضية الفلسطينية. ويعللون ذلك بأن أفكاره ومقارباته تستمد "قوتها" من أنها "تعتمد على رؤى وشهادات ميدانية" من خلال أسفاره المتعددة إلى مناطق النزاعات.

يقول فريدمان إن الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 من أهم الأحداث التي استحوذت على ذهنه وطريقة تفكيره في مشاكل وقضايا منطقة الشرق الأوسط، وهو ما جعله يكتسب "خبرة عالية" في الشؤون المحلية العربية والإقليمية على حد سواء.

يعد من أهم الصحفيين الأميركيين الذين قدموا معلومات وأفكارا واستشارات إلى جهات أميركية عديدة، ويُتهم بأنه يجد صعوبة في فصل نفسه عن توجهات الإدارة الأميركية وما يخدم مصالحها الخاصة.

يرى أن بلدان الشرق الأوسط سترتبط حتما بـ"النظام الديمقراطي العالمي"، ويعتمد في بناء نظريته السياسية تلك على المتغيرات الدولية ذات الطابع العولمي الخاص (المعلومات والاتصالات)، لكنه يُظهر في المقابل " تشاؤما" بسبب ما يعتبره "عدم تفهم من الأنظمة التقليدية العربية لمدى جدية المتغيرات في المنطقة".

المؤلفات
أصدر فريدمان العديد من المؤلفات التي تركز على تحليل السياسة الدولية والأميركية، منها: "من بيروت إلى القدس" (صدر عام 1989)، و"سيارة اللكزس وشجرة الزيتون.. محاولة لفهم العولمة"(عام 1999)، و"خطوط طول وعرض.. استكشاف العالم بعد 11 سبتمبر" (عام 2002)، و"العالم في عصر الإرهاب".

الجوائز والأوسمة
تـُوج توماس فريدمان بجائزة "بوليتزر" ثلاث مرات؛ الأولى كانت عام 1983 في صنف "التقارير الدولية" لتغطيته مجزرة صبرا وشاتيلا بلبنان. والثانية عام 1988 أيضا في صنف "التقارير الدولية" لتغطيته الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987. والثالثة نالها عام 2002 في صنف "التعليقات" بتحليله لتأثيرات "التهديدات الإرهابية" في العالم.

وحصل عام 1989 على "جائزة الولايات المتحدة للكتب غير الخيالية"، وتوج 2004 بجائزة "نادي الصحافة لما وراء البحار"، كما انتخب 2005 عضوا في مجلس إدارة جائزة "بوليتزر".

المصدر : الجزيرة