نيكولاي تشاوسيسكو

A man holds a portrait of Romania's late communist dictator Nicolae Ceausescu at his grave in a Bucharest cemetery January 26, 2013, which would have been his 95th birthday. Year after year nostalgic Communists gather to mourn Ceausescu, who was executed on Christmas Day together with his wife Elena in 1989, following a popular uprising. The poster reads: "People will avenge me! Long live free and independent Romania". REUTERS/Bogdan Cristel (ROMANIA - Tags: POLITICS ANNIVERSARY)

شيوعي حكم رومانيا إثر وفاة قائدها التاريخي بعد الحرب العالمية الثانية كوركي كوركي ديج عام 1965، وصفه خصومه بـ"الدكتاتور"، وأَطاحت به ثورة شعبية عام 1989 ضمنَ الثورات التي عرفتها دول أوروبا الشرقية ضد الشيوعية وسُميت "ربيع الديمقراطية".

المولد والنشأة
وُلد نيكولاي تشاوسيسكو يوم 26 يناير/كانون ثاني عام 1918 في قرية أولتينيا جنوبي رومانيا. فارق أسرته وهو في الحادية عشر من عمره إلى العاصمة بوخاريستْ، حيث عمل في تنظيف الأحذية.

الدراسة والتكوين
لا يعرف في سيرة تشاوسيسكو مسار دراسي أو أكاديمي، والثابت أن طفولته كانت بائسة عاش فيها الفقر المدقع ولم يعرف المدرسة.

التجربة السياسية
دخل تشاوسيسكو السجن أولَ مرة عام 1932، وقالت الرواية الرسمية السائدة خلال سنوات حكمه إنَ سبب اعتقاله هو توقيعه عريضة رافضة لمحاكمة عمال مناجم مضربين عن العمل.

اعتقل مرة ثانية عام 1936حيث أوقفته السلطات الفاشية لمشاركته في أنشطة سياسية مناهضة لها، كما اعتقل مرة ثالثة عام 1940 وأودع سجن "تارجي"، وهناك تعرف على الزعيم الشيوع، كوركي كوركي ديجْ الذي جعله أحدَ مقربيه.

فتحت معرفة الزعيم كوركي ديج أبواب المستقبل أمام تشاوسيسكو، فاختير 1944 أمينا لشباب الحزب الشيوعي الروماني. ومع استيلاءِ الحزب الشيوعي على السلطة في 1947، عُيَّن وزيرا للزراعة ثم وزيرا للدولة مكلفا بشؤون القوات المسلحة.

وفي 1952 أصبح عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الحاكم، وبعد عامين نال عضوية مكتبه التنفيذي فتعاظم مركزه إلى أن صار الرجل الثاني في الحزب والنظام.

بعد وفاة كوركي ديج في مارس/آذار 1965، اختير تشاوسيسكو أمينا عاما للحزب العمالي الروماني الذي كانت إعادة تسميته "الحزب الشيوعي" من أول القرارات التي اتخذها، كما أعاد تسمية رومانيا لتُصبح الجمهورية الاشتراكية الرومانية بدلا من الجمهورية الشعبية. وفي 1967 أحكم سيطرته على مقاليد الحكم بانتخابه رئيسا لمجلس الدولة.

منذ وصوله السلطة حرص تشاوسيسكو على تكريس استقلاله عن المظلة السوفيتية رغم بقائه في حلف وارسو، كما كان حريصا على علاقات متينة مع أوروبا أهلت بلاده لتكون أول بلد يحصل عام 1974 على صفة "الشريك المفضل" بالنسبة للمجموعة الاقتصادية الأوروبية.

كان تشاوسيسكو الزعيم الشيوعي الوحيد بشرق أوروبا الذي أدان تدخل الجيش السوفيتي لقمع "ربيع براغ" 1968، وفي 1984 رفض الانصياع لضغوط موسكو من أجل مقاطعة الألعاب الأولمبية المنظمة في مدينة لوس أنجلوس الأميركية والتي لم تحضرها أغلبية دول شرق أوروبا.

أما سياسة حكمه الداخلية فقد تميزت بقبضة أمنية شديدة تولاها جهاز الاستخبارات "سكريتاتْ"، حيث كان نظامه يرفض أي شكل من أشكال المعارضة.

وعلى المستوى الاجتماعي، ربط بين التحديث والقضاء على الميراث الثقافي "باعتباره أحد أسباب التخلف الأساسية". وهُدمت أغلبية الأحياء القديمة في مدن البلاد، ودُمرت مئات القرى وأُجبر أهاليها على السكن في أحياء أُعدت لهم في ضواحي المدن لا يتوفر أغلبها على شروط العيش الكريم.

كان تشاوسيسكو مسكونا بهاجس قلة سكان رومانيا فسعى إلى زيادة عددهم، فسُنت قوانين تُجرم الإجهاض وتعقد إجراءات الطلاق، وأُطلقت حملات تُشجع على زيادة النسل.

لكن التدابير المواكبة لذلك كانت هشة فكثر التخلي عن الأطفال واكتظت الحضانات الحكومية بالأطفال المتخلى عنهم، وهو ما فجر أزمة اجتماعية حادة مع بلوغ هذا الجيل سن المراهقة، إذ بلغ عدد المراهقين المشردين في شوارع رومانيا نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن العشرين أكثر من مليونيْ مشرد.

اتسم نظام تشاوسيسكو بالفساد الذي بلغ في عهده مستويات قياسية ضاعفت الأزمة الاقتصادية للبلاد، لا سيما في ظل اختلاس القروض التي حصل عليها النظام من المانحين الدوليين.

وفي نهاية الثمانينيات، كانت دول شرق أوروبا تعيش إرهاصات "ربيع الديمقراطية"، وتطورت الأمور بشكل سريع حينما أقدم نظام تشاوسيسكو في 17 ديسمبر/كانون الأول 1989 على طرد قسٍّ من الأقلية المجرية في مدينة تمسوارا بسبب مواقفه السياسية المناوئة للنظام وللشيوعية.

أججت الحادثة غضب السكان فخرجت مظاهرات عارمة في المدينة لم يتردد النظام في قمعها بدموية، فانتشرت المظاهرات في مختلف أرجاء البلاد ووصلت العاصمة في 22 ديسمبر/كانون أول، حيث هتف المتظاهرون "تمسوارا.. تمسوارا" مقاطعين خطابا لتشاوسيسكو في مهرجان شعبي لدعم النظام.

فرَّ تشاوسيسكو وزوجته ومقربون منه إلى أحد القصور الرئاسية في شرقي البلاد، بينما اقتحمت جموع المحتجين مقر اللجنة المركزية للحزب ثم التلفزيون الحكومي، وسط تأييد واسع من الجيش الذي انضم إلى المحتجين.

الإعدام
اعتُقل تشاوسيسكو وزوجته، وعُرضا بشكل خاطف على محكمة عرفية شرقي البلاد، وأعدما خارج مقر المحكمة يوم 25 ديسمبر/كانون الأول عام 1989.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية