عز الدين العراقي.. رئيس حكومة تعريب التعليم بالمغرب

الموسوعة - Secretary General of the Organization of the Islamic conference Azeddine Laraki

عز الدين العراقي من أكثر الوزراء ورؤساء الحكومة في المغرب إثارة للجدل، كان تدرجه السياسي في حزب الاستقلال، لكنه فك ارتباطه بالحزب ليستمد وجاهته من تزكية النظام له.

ارتبط مساره بوصفه رجل دولة بمحطتين كبيرتين، الأولى خطة تعريب التعليم، والثانية ملتمس الرقابة الذي قدمته المعارضة لسحب الثقة من الحكومة التي كان يقودها منذ سبتمبر/أيلول1987.

المولد والنشأة
ولد عز الدين العراقي يوم 1 مايو/أيار 1929 في مدينة فاس المغربية، ونشأ في حضن عائلة بورجوازية هي من أبرز الأسر الفاسية المعروفة بنفوذها في دواليب الاقتصاد والسياسة بالمملكة.

فتح عينيه على أجواء الصراع بين نظام الاحتلال الفرنسي والحركة الوطنية التي كانت المدينة العتيقة لفاس واحدة من معاقلها.

الدراسة والتكوين
تلقى عز الدين العراقي تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة فاس قبل أن يلتحق بكلية الطب بباريس، التي حصل منها على شهادة الدكتوراه في الطب عام 1957. وفي ديسمبر/كانون الأول 1967 حصل على شهادة التبريز في الطب ضمن أول فوج من الأطباء المغاربة.

الوظائف والمسؤوليات
تولى عز الدين العراقي عدة وظائف ومهام سواء داخل مجال تخصصه العلمي، أو كسياسي ورجل دولة، فضلا عن مهامه على المستوى الإقليمي والدولي. 

ففي المجال الطبي، تولى العراقي منصب مدير مستشفى ابن سينا أكبر المستشفيات العمومية بالعاصمة الرباط قبل تعيينه سنة 1960 رئيسا لمصلحة الأمراض والجراحة الصدرية. كما عمل أستاذ كرسي بكلية الطب ابتداء من سنة 1972.

في الشأن العام، عين العراقي في 10 أكتوبر/تشرين الأول 1977 وزيرا للتربية الوطنية وتكوين الأطر، ورقي في 12 مارس/آذار 1986 إلى منصب نائب للوزير الأول إلى جانب منصبه كوزير للتربية الوطنية.

وتولى عز الدين العراقي الوزارة الأولى في 30 سبتمبر/أيلول 1987 إلى غاية صيف 1992.

أما على الصعيد الدولي، فقد تولى مهمة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي ابتداء من ديسمبر/كانون الأول 1997.

التجربة السياسية
لعل الانتماء إلى أسرة بورجوازية عريقة من عائلات فاس الشهيرة المعروفة بقوة نفوذها في الدواليب الاقتصادية والسياسية للبلاد، فسح مبكرا طريق المجد السياسي والمهني أمام الشاب عز الدين العراقي العائد بشهادة دكتوراه في الطب من باريس.

فمنذ 1958 بعد عام واحد فقط من عودته من فرنسا وهو لما يتم عقده الثالث، اختير مديرا لديوان وزير التربية الوطنية عمر بن عبد الجليل في حكومة القيادي بحزب الاستقلال أحمد بلافريج، وبعدها تولى مهمة مدير ديوان لوزير الصحة عبد المالك فرج.

وبالموازاة مع ذلك، انخرط العراقي في الحياة السياسية ناشطا في صفوف حزب الاستقلال الذي تدرج في هياكله حتى أصبح عضوا في لجنته التنفيذية أعلى جهاز تقريري في هذا الحزب الذي يعتبر حاضن النخب البورجوازية المحافظة.

في سنة 1959، جمع العراقي بين تخصصه المهني وعمله السياسي حيث شغل منصب مدير ديوان وزير الصحة العمومية، ثم صار مديرا لمستشفى ابن سينا بالرباط قبل تعيينه سنة 1960 رئيسا لمصلحة الأمراض والجراحة الصدرية.

وحصل العراقي على أول حقيبة وزارية في مساره المهني يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول 1977، حين عين وزيرا للتربية الوطنية وتكوين الأطر في الحكومة التي قادها أحمد عصمان.

واحتفظ بمنصبه وزيرا للتربية الوطنية في حكومة المعطي بوعبيد (الاتحاد الدستوري، يمين) التي نصبت في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 1981. واحتفظ بنفس المنصب في حكومة كريم العمراني (تكنوقراطي) في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1983 وكذلك في أبريل/نيسان 1984.

وفي هذه المحطة بالضبط، وقع عمليا فك الارتباط بين حزب الاستقلال -الذي فضل العودة إلى المعارضة احتجاجا على ما اعتبره تزويرا لنتائج الانتخابات- والعراقي الذي اختار مواصلة العمل داخل التجربة الحكومية. بل إنه عزز نفوذه في الجهاز الحكومي بتعيينه في 12 مارس/آذار 1986 نائبا للوزير الأول إلى جانب منصبه وزيرا للتربية الوطنية.

اعتبر البعض أن استمرار العراقي في الحكومة رفضا لقرار حزبه تجسيد لانتهازية سياسية، ورأى آخرون أن من عادة النظام أن يستقطب قيادات من المعارضة لتعزيز طاقم الموالاة للدولة.

وفي 30 سبتمبر/أيلول 1987، عين عز الدين العراقي رئيسا للحكومة المغربية إلى غاية 20 أغسطس/آب 1992.

وخلال تجربته الحكومية، واجه العراقي انتقادات عديدة تتعلق بخياراته على مستوى قطاع التربية والتكوين. كما أن حصيلة تسييره الحكومي ظلت موضع مؤاخذات جمة نظرا لتجاهله للقطاعات الاجتماعية وسياساته الاقتصادية المبنية على الريع، حسب كثيرين.

وقد واجهت حكومة العراقي واحدة من أخطر المحطات الاحتجاجية المتمثلة في الإضراب العام في ديسمبر/كانون الأول 1990، الذي تحول إلى عمليات تخريب ممتلكات ومواجهات دموية مع قوات الأمن.

وجاء ملتمس الرقابة الذي قدمته المعارضة بقيادة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وكذلك حزب الاستقلال (حزبه السابق)، لينال من مصداقية حكومة العراقي رغم فشله في إسقاطها من داخل البرلمان.

وبعد انتهاء ولاية حكومته، احتجبت الأضواء عن الوزير العراقي إلى غاية ديسمبر/كانون الأول 1997، حيث انتخب أمينا عاما لمنظمة المؤتمر الإسلامي خلال المؤتمر الـ24 لوزراء خارجية المنظمة الذي انعقد في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، ثم نصب رسميا خلال القمة الإسلامية الثامنة بطهران في ذات العام.

الوفاة
توفي عز الدين العراقي يوم 1 فبراير/شباط 2010.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية