صلاح جديد.. الزعيم السوري الصامت

صلاح جديد - الموسوعة

عسكري وسياسي سوري؛ وأحد القيادات الكبيرة في حزب البعث العربي الاشتراكي السوري. حكم البلاد أربع سنوات، وأطاح به انقلاب عسكري عام 1970 قاده رفيقه في الحزب وزير الدفاع آنذاك حافظ الأسد، إثر خلافات بين الاثنين.

الميلاد والنشأة
 وُلد صلاح جديد عام 1926 في قرية دوير (إحدى قرى ريف جبلة) بمحافظة اللاذقية السورية لأسرةٍ علوية، وكان والده يعمل في الإدارة المحلية.

الدراسة والتكوين
نظرا لطبيعة عمل والده المتنقلة توزع تعليم صلاح جديد الابتدائي والثانوي بين اللاذقية وحمص ودمشق التي حصل منها على الثانوية العامة عام 1948.

دخل كلية الطب لكنه سرعان ما تركها لينخرط في الجندية بأمر من قيادة حزب البعث الذي كان قد انتمى إليه بعد فترة وجيزة من الانخراط في صفوف الحزب القومي السوري، فمكث عامين في المدرسة الحربية بحمص ثم تخرج فيها ملازما متخصصا في المدفعية.

التجربة السياسية
مع دخوله الجيش انخرط صلاح جديد في خلايا حزب البعث الذي كان له وجود معتبر في المؤسسة العسكرية وكان قادته التاريخيون (مثل ميشيل عفلق، وصلاح البيطار، وأكرم حوراني) يُراهنون على دفع شباب الحزب إلى الجيش.

خدم جديد في وحدات مختلفة وشهد الانقلاب على أديب الشيشكلي، وقبله ثورة "جبل العرب" بقيادة سلطان باشا الأطرش التي أججت مظاهرات عارمة في كل أنحاء سوريا، أدَّت في النهاية إلى إسقاط نظام الشيشكلي.

بعد الوحدة مع مصر في عام 1958، تم تحويل صلاح جديد للعمل في مصر ومكث هناك حتى انقلاب عبد الكريم النحلاوي الذي أنهى الوحدة في عام 1961. وكان جديد قد أسس -رفقة آخرين- "اللجنة العسكرية"، وهي تنظيم للضباط البعثيين والعلويين منهم تحديدا في الجيش.

جاءت تلك الخطوة ردة فعل على إعلان القيادة التاريخية لحزب البعث -ممثلة في عفلق والبيطار- حل الحزب في عام 1958 تلبية لاشتراط الرئيس المصري في ذلك الوقت جمال عبد الناصر، وتجميد كل نشاط حزبي في سوريا كشرط لتحقيق الوحدة بين البلدين.

انفرط عقد الوحدة المصرية السورية عام 1961، فاعتُقل صلاح جديد مع ضباط سوريين في مصر، وأفرج عنه بعد أشهر قليلة في صفقة مبادلة لهم بضباط مصريين كانوا معتقلين في سوريا.

تجددت صلات جديد -إثر عودته إلى سوريا- بزملائه في اللجنة العسكرية، وشارك في انقلاب البعث على النحلاوي في مارس/آذار 1963، وتعزز مركزه في هرم السلطة مع قيادته الانقلاب على أمين الحافظ عام 1966 وتوليتهِ نور الدين الأتاسي منصب رئيس الجمهورية، وكان هو يتولى منصب الأمين العام المساعد للحزب منذ عام 1964 بعد أنْ استقال من الجيش.

شرع جديد في تطبيق رؤيته السياسية ذات النزعة الاشتراكية الحرفية، فدشن عمليات تأميم اقتصادية واسعة مما ألقى بالبلاد إلى أتون أزمة اقتصادية خانقة، ميزتها بطالة حادة ونزوح واسع لأهالي الأرياف إلى المدن بسبب تراجع الإنتاج الزراعي والرعوي.

وفي هذه الأثناء، كان الصراع على أشده بين جديد ووزير الدفاع حافظ الأسد الذي كان يقود الجناح العسكري للحزب، بينما كان جديد يُحاول تضييق الخناق على منافسه بتهميش دور الجيش وإبعاده عن القرارات السياسية الكبرى.

وقد كشف الصراعُ بين الاثنين عن وجهه بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967 ومطالبة مؤتمر الحزب بمعاقبة الأسد وقائد الأركان مصطفى طلاس، إلا أن نوبة التوتر هذه انتهت بمحاولة انقلاب فاشلة في عام 1969. وفي فبراير/شباط من ذلك العام، حاول أنصار جديد ضرب الوجود السياسي للأسد في معاقله باللاذقية وطرطوس بواسطة إطلاق حملة سياسية وإعلامية نشطة ضده وضد حلفائه.

رد الأسد باعتقال قيادة الحزب في المحافظة وبالسيطرة على مقرات الصحف الرئيسية مثل البعث والثورة، فاضطر معسكر جديد إلى تأسيس جريدة الراية في بيروت (ربيع 1969) لتكون الناطق باسمهم.

شدد الأسد قبضته على الجيش بمنع تعميم أوامر القيادة القـُطرية على الضباط إلا بموافقته. وعمل كذلك على استقطاب وتجنيد مئات الضباط العلويين في إطار التنافس بينه وبين خصمه جديد على كسب ولاء ودعم هذه الطائفة التي ينتميان إليها.

وهنا تجدرُ الإشارة إلى أن فترة حكم البعث الأولى (1963-1970) شهدت صعودا قويا للضباط المنحدرين من الأوساط القروية والفقيرة على حساب أبناء البرجوازية الدمشقية والحلبية والحمصية، الذين كانوا إلى الخمسينيات هم النواة الأهم للجيش والإدارة في عموم سوريا.

ومع تفجر أحداث سبتمبر/أيلول 1970 بين الحكومة الأردنية ومقاتلي منظمات فلسطينية منضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية في عمان، أمر جديد بإرسال رتل من الدبابات السورية لدعم الفلسطينيين في القتال ضد الجيش الأردني، لكن الأسد رفض توفير غطاء جوي للعملية، فدُمرت الدبابات السورية بنيران الطيران الحربي الأردني.

دعا جديد إلى مؤتمر استثنائي للحزب أنهى أشغاله في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 وقرر تجريد الأسد وطلاس من مهامهما، فرد الأسد بتنفيذ انقلاب عسكري عكَس مدى تحكمه في الجيش.

وما أن حل يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1970 حتى كان الأسد قد أمسك بالسلطة ووضع صلاح جديد والأتاسي في الإقامة الجبرية قبل أن يأمر بسجنهما.

الوفاة
توفي صلاح جديد يوم 19 أغسطس/آب 1993، بعد أن أمضى 23 سنة في السجن.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية