إرفينغ فيشر.. صاحب النظرية الكمية للنقود

صورة للاقتصادي إرفينغ فيشر، Fisher Irving - الموسوعة

إرفينغ فيشر اقتصادي أميركي، اشتهر بنظريته المعروفة في الأوساط الأكاديمية بالنظرية الكمية للنقود، كما كانت له عدة إسهامات في مجال الإحصاء، أهمها مؤشره للأسعار الذي يحمل اسمه. 

المولد والنشأة
ولد إرفينغ فيشر يوم 27 فبراير/شباط 1867 في مدينة سوغريتز التابعة لولاية نيويورك. 

الدراسة والتكوين
التحق فيشر بجامعة ييل وتخصص في دراسة الرياضيات والاقتصاد، لكن تعليمه لم يكن مقصورا على هذين المجالين مما سمح له بالانفتاح على الأدب والفلسفة وعلم الفلك.

توج فيشر دراسته بحصوله على إجازة عام 1888، كما نال درجة الدكتوراه في الاقتصاد عام 1891. وكان فيشر أول من يحصل على الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة ييل. 

التوجه الفكري
آمن إرفينغ فيشر بأهمية استثمار الأدوات الرياضية للمساعدة على فهم الواقع الاقتصادي، وترجم إيمانه واقعا من خلال توظيف زاده المعرفي في مجال الرياضيات في صياغة معظم نظرياته. 

الوظائف والمسؤوليات
عمل فيشر أستاذا للرياضيات في جامعة ييل خلال 1892-1895، ثم التحق بأسرة التدريس في قسم الاقتصاد بنفس الجامعة عام 1895. وبقي يدرس الاقتصاد حتى تقاعده سنة 1935.

ساهم في تأسيس عدة جمعيات ومؤسسات بحثية، كما تقلد منصب الرئاسة في بعضها كالجمعية الاقتصادية الأميركية وجمعية الاقتصاد القياسي.

عُين فيشر عام 1933 مستشارا اقتصاديا للرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت، في إطار مساعيه لإنعاش اقتصاد الولايات المتحدة بعد أزمة الكساد العظيم.

التجربة العلمية
تعد النظرية الكمية للنقود من أهم الإنجازات العلمية التي تحسب لإرفينغ فيشر. وقد اعتمدتها المدرسة النقدية في الاقتصاد (من أهم روادها ميلتون فريدمان) كمنطلق وأساس نظري.

وتقوم هذه النظرية على معادلة رياضية تعرف بـ"معادلة فيشر"، وتنص على أن كمية النقود المتداولة مضروبة في سرعة دورانها (متوسط عدد المرات التي يتم استعمال وحدة نقدية فيها خلال فترة محددة) تساوي الحجم الكلي للمبادلات مضروبا في متوسط الأسعار.

وتفيد هذه المعادلة أن هناك علاقة ترابطية موجبة بين كمية النقود المتداولة ومستوى الأسعار (بمعنى أنه كلما ارتفع الأول زاد الثاني والعكس بالعكس).

وتفترض هذه المعادلة أن سرعة دوران النقود تتحدد تبعا لعادات المجتمع في الإنفاق بغض النظر عن كمية النقود المعروضة، وأنها بالتالي تبقى شبه ثابتة ولا تتغير إلا ببطء. ويسري الأمر ذاته على حجم المبادلات الذي يرى فيشر أنه لا يتأثر بكمية النقود.

استنتج فيشر بناء على هذه الفرضيات أن العلاقة بين طرفيْ المعادلة يمكن اختزالها لكي تبقى كمية النقود في جهة ومستوى الأسعار في جهة أخرى. واستنتج تبعا لذلك أن أي تغير يلحق بكمية النقود يؤدي بالضرورة إلى تغير مستوى الأسعار.

وقد دأب أنصار المذهب النقدي على توظيف هذه النظرية من أجل تحذير الحكومات من الإفراط في استعمال السياسة النقدية عبر ضخ المزيد من النقود في الاقتصاد، لأن ذلك وفقا لرأيهم يؤدي في النهاية إلى التضخم.

وعُرف فيشر أيضا بمعارضته للضرائب المستهدفة للدخل، ونصح بتعويضها بضرائب جديدة تقتطع على الاستهلاك. وبرر ذلك بكون السياسة الضريبية القائمة تشجع الاستهلاك على حساب الادخار اللازم من أجل تمويل الاقتصاد، وتحد بالتالي من تراكم رأس المال الضروري لتنفيذ المشاريع الكبرى. وألح على أهمية تغيير هذه السياسة لمصلحة الادخار.

ولا يزال فصيل من الاقتصاديين يدافعون عن تعويض الضرائب على الدخل بضرائب على الاستهلاك، ويعتمدون في حجتهم على المبرر ذاته الذي ساقه فيشر قبل عدة عقود.

وكان فيشر أول من ميز بين سعر الفائدة الاسمي (الملاحظ في الواقع)، وسعر الفائدة الحقيقي الذي يعادل الفرق بين سعر الفائدة الاسمي ومعدل التضخم المتوقع.

وفي مجال الإحصاء، أبدع فيشر في صياغة مجموعة من المؤشرات الإحصائية والأرقام الاستدلالية أبرزها مؤشره للأسعار الذي يحمل اسمه. 

المؤلفات
ألف فيشر عدة كتب ونشر مقالات في مجاليْ الاقتصاد والإحصاء، منها: "استقصاء رياضي في نظرية القيمة والأسعار" (1892)، "طبيعة رأس المال والدخل" (1906)، "القوة الشرائية للنقود" (1911)، "صياغة الأرقام الاستدلالية" (1922)، "نظرية سعر الفائدة" (1930)، "ازدهارات وانهيارات" (1932). 

الوفاة
توفي إرفينغ فيشر في 29 أبريل/نيسان 1947 بمدينة نيوهيفن في الولايات المتحدة، عن عمر ناهز 80 عاما.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية