ميريل ستريب.. المرأة التي هاجمت ترمب

FILE - In this March 5, 2015, file photo, Actress Meryl Streep arrives for a photocall for her film "Into the Woods" in Tokyo. No actor or actress can match Streep’s 19 Academy Award nominations, and only Katharine Hepburn has bested her three Oscars for acting. So maybe it’s conceivable that Streep’s letter on Tuesday, June 23, to each member of Congress can somehow revive the Equal Rights Amendment, politically dormant since its high-water mark four decades ago. (AP Photo/Shuji Kajiyama, File)

يكفي ترشيح النجمة الأميركية المخضرمة ميريل ستريب 19 مرة لنيل جوائز الأوسكار دلالة على قيمتها الفنية. توصف بأنها أفضل ممثلة سينمائية على قيد الحياة. فازت بجائزة غولدن غلوب ثماني مرات. اشتهرت بمهاجمتها للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بداية 2017.

ميريل من النجمات القليلات اللواتي لم يخمد التقدم في السن بريقهن وحضورهن في ساحة الفن السابع. سرها في ذلك قدرة لافتة على تغيير جلدها وتجريب أدوار جديدة حيث تجعل من كل عمل جديد لها تحديا إبداعيا للغوص في أعماق النفس البشرية بمختلف حالاتها.

الميلاد والنشأة
ولدت ماري لويس ستريب (اسم الشهرة ميريل) يوم 22 يونيو/حزيران 1949 بمدينة "ساميت" في ولاية نيوجيرسي بأميركا. نشأت في كنف أب صيدلي، ويليام هاري ستريب، وأم تمارس الفن التشكيلي، ماري وولف. وقد تلقت تربية راقية وصارمة نوعا ما. كان أبوها يشجعها على دراسة الحقوق لتصبح محامية، لكن الأجواء الأسرية لم تكن تخلو من عشق للفنون.

تحكي ميريل عن طفولتها قائلة "لم يكن أمرا نادرا أن ننهي أمسيتنا على إيقاع عزف والدي على البيانو وغناء أمي، بينما كان الأبناء الثلاثة يشكلون الكورال". كما كانت الوالدة تحرص على اصطحاب ميريل كل أسبوع، عبر القطار، إلى مانهاتن لزيارة المعارض وحضور الحفلات الموسيقية أو مشاهدة عروض مسرحية في برودواي.
 
الدراسة والتكوين
بالموازاة مع فصولها الدراسية، كانت ستريب تبدي ميلا أكبر للغناء، وتلقت دروسا في الأوبرا، قبل أن تنجذب لاحقا للفن الدرامي. تابعت ميريل تكوينها الفني بمعهد فاسار بنيويورك عام 1971 قبل أن تحصل على ماستر من مدرسة الدراما بيال.

التجربة الفنية
على غرار جل نجوم هوليود، خصوصا المخضرمين منهم، كانت بدايات ميريل ستريب على خشبة المسرح. أخطأت أولى مواعدها مع السينما حينما رشحت للمشاركة في فيلم "كينغ كونغ" عام 1976، ثم قرر المنتج تعويضها بدعوى أنها ليست بالجاذبية الكافية.

حالفها الحظ في العام الموالي بدور في فيلم "جوليا" لفريد زينمان. على أن شهرة ميريل لن تتحقق إلا مع فيلمها الثاني عام 1978 بعنوان "صائد الغزلان"، الذي لعب بطولته النجم روبيرت دي نيرو.

وقد خولها الأداء المميز في الفيلم ترشيحها لجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة. وفي عام 1979 لم تخطئ ستريب حظها مع الأوسكار حيث توجت أفضل ممثلة ثانوية عن فيلم "كرامر ضد كرامر" أمام داستن هوفمان.

وكان عقد الثمانينات حافلا بالأدوار المهمة التي كرست ميريل ستريب كواحدة من نجمات الصف الأول في هوليود. برز ذلك في فيلم "الزوجة الفرنسية للضابط" وفيلم الدراما النفسية "ما تبقى من الليل" و"اختيار صوفي".

قدمت دورا غاية في الرومانسية بالاشتراك مع النجم دي نيرو في "الوقوع في الحب" كما جسدت دور امرأة تنحدر إلى هاوية التدمير الذاتي في "بلينتي". ووقفت أمام روبيرت ريدفورد في "خارج افريقيا" و أمام جاك نيكولسون في "احتراق قلب".

و حافظت ميريل على نفس إيقاعها في اختيار الأدوار وإجادتها، خلال عقد التسعينيات وما بعده. بل لوحظ إقدام أكثر على تنويع اختياراتها بين الكوميديا والدراما النفسية بل والأفلام السياسية على غرار "أسود وحملان" مع توم كروز، وإخراج روبيرت ريدفورد، وهو عن الحرب في العراق، ثم "احتجاز سري" حول اعتقال المشتبه في أنهم إرهابيون.

برعت أيضا في تجسيد سير شخصيات نسائية معروفة على غرار دورها الملفت في فيلم "المرأة الحديدية" (2011) الذي تقمصت فيه دور رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر.

تقول ميريل ستريب عن مكانة السينما في حياتها: "أعشق مهنتي، لكن، في النهاية أعتقد أنها الشيء الوحيد الذي أستطيع فعله". وبعيدا عن أضواء الكاميرات، نجحت في تحقيق استقرار عائلي مماثل لذلك الذي عاشت في ظله كطفلة. فبعد علاقة عاطفية مع الممثل جون كازال انتهت بوفاته بسبب السرطان عام 1978، تزوجت ميريل من دون كامر ورزقت منه بأربعة أبناء.

هاجمت ميريل ستريب يوم 8 يناير/كانون الثاني 2017 الرئيس الأميركي دونالد ترمب دون أن تذكره بالاسم لتهكمه على صحفي من ذوي الاحتياجات الخاصة أثناء حملته الانتخابية.

وقالت ستريب في كلمة ألقتها بمناسبة تسلمها جائزة غولدن غلوبز، "كان هناك أداء هذا العام أصابني بالذهول"، وأضافت أن قلبها فطر "في اللحظة التي قام فيها ذلك الشخص الذي يسعى إلى أكثر المقاعد احتراما في بلادنا بتقليد صحفي معاق".

وكانت ستريب تشير إلى واقعة عام 2015 وسط حشد في ساوث كارولينا عندما أشاح ترمب بذراعيه وغيّر نبرة صوته مقلدا فيما يبدو الصحفي سيرج كوفاليسكي من صحيفة نيويورك تايمز الذي يعاني من إعاقة حركية، ولكن ترمب نفى أن يكون قد سخر من الصحفي.

وتابعت نجمة هوليود أن "هذا الميل الغريزي للإهانة عندما يمثله شخص على الساحة العامة شخص صاحب نفوذ، فإن أثره يمتد إلى حياة الجميع. قلة الاحترام تولّد قلة احترام، والعنف يولد العنف".

وفي إشارة إلى ما كان يتبناه ترمب خلال حملته الانتخابية من سياسة متشددة تجاه المهاجرين، قالت ستريب "هوليود تمتلئ بالأجانب، إذا طردتهم جميعا لن تجد ما تشاهده سوى كرة القدم"، وسط تصفيق الجمهور.

وفي إطار رده على انتقادات ستريب، قال ترمب في اتصال مع صحيفة نيويورك تايمز إنه "لا يدهشه" أن يتعرض للهجوم من "شخصيات سينمائية ليبرالية". ووصف ترمب الممثلة بأنها "من محبي هيلاري"، في إشارة إلى منافسته الديمقراطية في الانتخابات هيلاري كلينتون.

الجوائز والأوسمة
بلغ عدد مرات ترشيح ميريل ستريب لجائزة الأوسكار 19 ترشيحا، وهو رقم قياسي لا تنازعها فيه أي نجمة أخرى. وفازت بالجائزة ثلاث مرات، الأولى كأفضل ممثلة ثانوية عام 1979 عن دورها في فيلم "كرامر ضد كرامر"، والثانية كأفضل ممثلة رئيسية عام 1982 عن دورها في فيلم "اختيار صوفي"، بينما فازت بها للمرة الثالثة كأفضل ممثلة عن فيلم "المرأة الحديدية" عام 2011. كما تم ترشيحها لجائزة الغولدن غلوب 25 مرة وفازت بها ثماني مرات.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية