لويس بونويل

In this Aug. 1, 2013 photo, the passport of Spanish filmmaker Luis Bunuel hangs at an exhibit inside the "Casa Bunuel" in Mexico City. The plan is to turn the building into a meeting place for Spanish and Mexican moviemakers, with workshops and occasional exhibits staged to celebrate Spanish-language cinema. (AP Photo/Gabriela Sanchez)

سينمائي إسباني من أبرز المخرجين في تاريخ السينما، حملت أفلامه نفسا هجائيا ونقديا للقيم البورجوازية والدينية والمؤسسات السلطوية من منطلق ماركسي فرويدي.

المولد والنشأة
ولد لويس بونويل يوم 22 فبراير/شباط 1900 بمدينة كالاندا في إسبانيا.

الدراسة والتكوين
درس في سرقسطة واهتم بالرياضة والعزف على الكمان، ثم تخصص في العلوم الطبيعية بجامعة مدريد بعد رفض والده طلبه بالسفر إلى باريس لدراسة الموسيقي، وتفضيله دراسة الهندسة الزراعية.

لكنه قرر دراسة الحشرات لأكثر من عام، توصل بعدها إلى أنه كان مهتما بحياة أو أدب الحشرات أكثر من وظائفها الفسيولوجية.

شكل لقاؤه في تلك الفترة بالشاعر فدريكو غارثيا لوركا، والرسام سلفادور دالي، والشاعر والناقد مورينو فيلا، تحولا في حياته جعله يدرك أن مجاله الفن والأدب، وليس العلوم الطبيعية، فغير الوجهة نحو دراسة الفلسفة والأدب، وتخرج من جامعة مدريد عام 1924.

التوجه الأيديولوجي
لا يعرف للويس بونويل أي انتماء سياسي أو أيديولوجي صريح، لكن عمله في السينما كشف عن نفس ماركسي ثوري رافض للقيم الدينية.

المسار
أسهمت الفترة (1917-1925) التي قضاها بونويل في مدريد في تغيير مسار حياته وتحديد وجهته المستقبلية، فقد عاش الحراك الفكري والسياسي وتعرف على كتاب كبار كأنطونيو ماتشادو وخوان رامون خيمينيث، والشاعر فدريكو غارثيا لوركا، والرسام سلفادور دالي، والشاعر والناقد مورينو فيلا، وتوثقت الصلة بينهم وتوطدت صداقته معهم.

في عام 1925 انتقل لويس إلى باريس حيث ظهرت ميوله السينمائية، وعمل مساعدا للمخرج جان أبشتاين في فيلمين.

وهناك انضم إلى الحركة السوريالية، وقال عنها "السوريالية علمتني أن للحياة مغزى أخلاقيا لا يمكن تجاهله. عبر السوريالية اكتشفت أيضا، وللمرة الأولى أن الإنسان ليس حرا.. ماذا تعني التجربة السوريالية بالنسبة لي؟ إنها تعني شيئاً واحداً: التضامن الجماعي".

أخرج أول أفلامه "كلب أندلسي" عام 1928 لتنطلق مسيرته السينمائية بدون توقف طيلة خمسين سنة، عالج فيها المشاكل الاجتماعية، وواجه المنطق التقليدي السائد في الحياة وخاصة في موطنه.

مكنه سفره إلى الولايات المتحدة -واشتغاله مستشارا تقنيا في هوليوود، وفي قسم البرامج الوثائقية في متحف نيويورك– من الحصول على خبرة سينمائية كبيرة، لكنه عاش بعض الصعوبات فاستقال عام 1947 واستقر مع أسرته في المكسيك.

يذكر بعض النقاد كحمادي كيروم، أن عالم بونويل يتكون "من الخيال والحلم والعبث والجنون والتوهمات والهذيان، يستعمل التناقضات بين الأشخاص والأشياء لتتحول إلى معارضة وتمرد وثورة ضد الظلم والاستبداد، يبني عالمه اللاعقلاني بعيدا عن الاعتباطية من اللامعنى واللاأخلاق.

يفضل الاسم على الفعل، تكتسي الأحلام في أفلامه واقعية مبتذلة. يعتمد السخرية والهزل والباروديا والمزاح والهجاء والنقد اللاذع الهدام. يتهكم بوقاحة وقلة أدب واحترام من كل الرموز السلطوية".

واعتبر كيروم أن "الغموض صفة تماهت مع مشروع بونويل وأبعدته عن شعبية جماهيرية محتملة". ويرى نقاد آخرون أن بونويل تأثر بمنجزات مدارس التحليل النفسي.

وقد منعت أفلامه التي أخرجها في فرنسا والمكسيك من العرض في إسبانيا في عهد الجنرال فرانكو، واعتبرتها الرقابة منافية للأخلاق العامة.

يميز الناقد السينمائي محمد شويكة بين ثلاث مراحل في المسيرة السينمائية لبونويل، الأولى إسبانية عكست بوضوح سرياليته، أنتج خلالها فيلم "كلب أندلسي" و"العصر الذهبي" وفيلمه الوثائقي "أرض بلا خبز". والثانية مكسيكية حيث التقى بالمخرج الروسي أوسكار دانسيجيريس، والثالثة فرنسية بدأت بعدما عاد إلى باريس عام 1955، حيث التقى السيناريست جون كلود كاريير.

وخلص الناقد إلى أن بونويل "جعل من السريالية قوة تصورية ليصبح فن السينما أكثر قدرة على إخراج ما هو كامن في الواقع" وأضاف أنه راهن "على الشاعرية والحلم اللذين يجعلان الإنسان يتجاوز شروط الملموس وتشرنقاته، مما أكسب أفلامه القدرة على تجاوز زمانها ومكانها".

تحدث بونويل عن طريقة عمله فقال في مذكراته "نفسي الأخير"، إنه أنجز أفلامه بضمير مرتاح، ولم يتنازل قط عن قناعاته السياسية أو الأخلاقية، وقال إنه يستمتع بتناول موضوعات الدين والجنس، حيث يعبر عن معارضته لما يصفه بالتعاليم الأخلاقية التقليدية، والنزعة العاطفية.

واعتبر الغموض عنصرا جوهريا في أي عمل فني، وأن "السينما سلاح رائع وخطير حين تستخدمه روح حرة، إنها الأداة الأمثل للتعبير عن عالم الأحلام والمشاعر والغريزة". وأعلن عام 1967 بعد انتهائه من فيلم "حسناء النهار" أنه سوف يتوقف ويتقاعد، لكنه لم يفعل.

الأعمال
أنتج لويس بونويل أكثر من ثلاثين فيلما سينمائيا، أولها فيلم "كلب أندلسي" عام 1929 بالاشتراك مع الفنان التشكيلي سلفادور دالي، ومن بين أفلامه "المنسيون "عام 1950 (حصل على جائزة أفضل إخراج، وجائزة الفيبريسي بمهرجان كان 1951)، وفيلم "صعودا إلى السماء" عام 1952، الذي حصل على جائزة النقد كأفضل فيلم طليعي بمهرجان كان 1952.

وحاز فيمله "نازارين" عام 1958 على الجائزة الكبرى بمهرجان كان، وحصل فيلمه "فيريديانا" عام 1961 على السعفة الذهبية بمهرجان كان. كما حصل فيلم "حسناء النهار" عام 1967 على جائزة الأسد الذهبي بفينيسيا، وفيلم "سحر البورجوازية الخفي" علم 1972 على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية.

الوفاة
توفي لويس بونويل يوم 29 يوليو/تموز 1983 في مدينة مكسيكو بالمكسيك.

المصدر : الجزيرة