أحمد الريسوني.. أستاذ علم المقاصد

لقاء اليوم- أحمد عبد السلام الريسوني
الشيخ أحمد عبد السلام الريسوني أستاذ علم المقاصد والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين (الجزيرة)

الشيخ أحمد الريسوني عالم مغربي متخصص في علم المقاصد وعضو مؤسس في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وكان نائبا لرئيسه. ثم انتخب رئيسا للاتحاد (مقره الدوحة) عام 2018 قبل أن يستقيل في 28 أغسطس/آب 2022 عقب تصريحات له حول إقليم الصحراء الغربية، والتي أثارت جدلا.

ساهم الريسوني في تأسيس الجمعية الإسلامية بالمغرب، وكان أول رئيس لها، ثم ترأس حركة التوحيد والإصلاح بالمغرب في الفترة الممتدة بين 1996 و2003.

المولد والنشأة

ولد أحمد بن عبد السلام بن محمد الريسوني عام 1953، في قرية أولاد سلطان بناحية مدينة القصر الكبير في إقليم العرائش شمال المغرب.

الدراسة والتكوين

تلقى الريسوني تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينة القصر الكبير شمال غربي المملكة، وحصل فيها على شهادة البكالوريا (الثانوية) في الآداب العصرية.

التحق بعدها بكلية الحقوق (شعبة العلوم القانونية) لسنة واحدة، ثم بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (شعبة الفلسفة) لسنة أخرى أيضا، ثم تركها والتحق بكلية الشريعة في جامعة القرويين بمدينة فاس، وحصل منها على الإجازة العليا (الليسانس) عام 1978.

أتم الريسوني دراساته العليا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية (جامعة محمد الخامس) بالرباط، فحصل منها على شهادة الدراسات الجامعية العليا عام 1986، ثم بلوم الدراسات العليا (ماجستير) في مقاصد الشريعة سنة 1989.

حصل على دكتوراه الدولة في أصول الفقه عام 1992، وساهم في تأسيس جمعية خريجي الدراسات الإسلامية العليا بالمغرب، وكان أول أمين عام لها.

الوظائف والمسؤوليات

عمل في بداية مشواره محررا قضائيا في وزارة العدل (1973-1978)، وعين رئيسا للقسم الإداري في المحكمة الابتدائية بمدينة "سوق أربعاء الغرب" عام 1976​، ثم استقال.

في عام 1986 أصبح الريسوني أستاذا لعلم أصول الفقه ومقاصد الشريعة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس، ودار الحديث الحسنية بالرباط، واستمر في العمل بهما حتى عام 2006.

بعدها عمل أستاذا زائرا بجامعة زايد في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة حمد بن خليفة في دولة قطر، وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة قطر.

تولى منصب المدير المسؤول لصحيفة "التجديد" اليومية في الفترة 2000-2004، وكان عضو هيئة التحرير بمجلة "إسلامية المعرفة".

عمل الريسوني في وظيفة "خبير أول" لدى مجمع الفقه الإسلامي الدولي بمدينة جدة في المملكة العربية السعودية منذ 2006، حيث عين نائبا لمدير "مشروع معلمة زايد للقواعد الفقهية والأصولية"، ثم مديرا للمشروع حتى الانتهاء منه عام 2012.

نال عضوية مجلس الأمناء والمجلس العلمي لجامعة مكة المكرمة المفتوحة، وعمل مستشارا أكاديميا لدى المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وأستاذا زائرا في جامعة زايد بالإمارات العربية، وبجامعة حمد بن خليفة بقطر، وهو يدير منذ أواخر عام 2012 مركز المقاصد للدراسات والبحوث.

أشرف الريسوني على أزيد من 100 أطروحة دكتوراه ورسالة ماجستير في مختلف الجامعات المغربية، وأشرف على العديد من الدورات العلمية المنهجية للباحثين في العلوم الشرعية.

التجربة الفكرية والسياسية

منذ سبعينيات القرن الماضي، ينتمي الريسوني لمدرسة الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل التي تأثرت فكريا بجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

عام 1996 اندمجت "رابطة المستقبل الإسلامي" التي ترأسها الريسوني في الفترة 1994−1996، مع "حركة الإصلاح والتجديد" في "حركة التوحيد والإصلاح" بالمغرب، وانتخب الريسوني رئيسا للحركة لمدة 7 سنوات (1996−2003).

يؤمن الريسوني بفكر الحركة القائم على الوسطية والتجديد والإسهام في إقامة الدين وتجديد فهمه والعمل به، على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع والدولة والأمة، وبناء نهضة إسلامية رائدة وحضارة إنسانية راشدة ومناصرة القضايا الإنسانية العادلة.

ويعتقد -وفق منهاج الحركةـ أن تحقيق هذه النهضة لا بد من خلال حركة دعوية تربوية، وإصلاحية معتدلة، وشورية وديمقراطية، تعمل وفق الكتاب والسنة، وتعتمد الحركة أساسا على إعداد الإنسان وتأهيله، ليكون صالحا مصلحا في محيطه وبيئته، كما تلتزم منهج التدرج والحكمة والموعظة الحسنة، والتدافع السلمي، والمشاركة الإيجابية والتعاون على الخير مع غيرها من الأفراد والهيئات.

6 مبادئ أساسية للحركة يؤمن بها الريسوني؛ وتتمثل في ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، والمرجعية العليا للكتاب والسنة، والإسلام هو الهدى، والدعوة إلى الله تعالى، والحرية والشورى، والعمل المؤسساتي.

ساهم الريسوني في تأسيس الجمعية الإسلامية بالمغرب، كما شارك في تأسيس وتسيير عدد من الجمعيات العلمية والثقافية، وأعد وقدّم عددا من البرامج والحلقات التلفزيونية، وحلَّ ضيفا في قنوات فضائية عديدة أبرزها قناة الجزيرة في برنامج "الشريعة والحياة" و"في العمق".

انتخب أول رئيس لرابطة علماء أهل السنة، وانتخب في السابع من ديسمبر/كانون الأول 2013 نائبا لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ثم رئيسا للاتحاد عام 2018.

تصريحات.. أزمة.. استقالة

في مقابلة مع موقع "بلانكا برس" المغربي (مستقل) منتصف أغسطس/آب 2022، صرح الريسوني بأن المغاربة مستعدون للزحف نحو تندوف (ولاية جزائرية تقع جنوب غربي المغرب) لتحرير صحرائهم، وأشار إلى أنه "حتى وجود موريتانيا غلط، فضلا عن الصحراء، والمغرب يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي".

تصريحات الريسوني عن إقليم الصحراء أثارت ردود فعل غاضبة في الجزائر، خاصة من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي، وطالبت بإقالته من موقعه.

وتصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، في حين تطالب جبهة البوليساريو -التي تدعمها الجزائر- بتنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة.

وعقب تصاعد أزمة تصريحات الريسوني وفي 17 أغسطس/آب 2022، قال الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القره داغي إن موقف الاتحاد من تصريحات رئيسه أحمد الريسوني مؤخرا عن الصحراء الغربية "يمثله وحده ولا يمثل علماء المسلمين".

وفي 28 أغسطس/آب 2022، قدم الريسوني استقالته من رئاسة الاتحاد بعد إصداره بيانا، مبررا قراره بـ"تمسكه بمواقفه وآرائه الثابتة الراسخة التي لا تقبل المساومة، وحرصا على ممارسة حريته في التعبير بدون شروط ولا ضغوط"، وبعدها بساعات أعلن الاتحاد قبول الاستقالة.

المؤلفات

ألف الدكتور أحمد الريسوني قرابة 30 كتابا، منها كتب تعدُّ مرجعا مهما للطلبة والباحثين في علم المقاصد، منها: "نظرية التقريب والتغليب وتطبيقاتها في العلوم الإسلامية"، و"نظرية المقاصد عند الإمام الشاطبي" الذي ترجم إلى الإنجليزية والفارسية والأوردية والبوسنية.

وضمن مجال تخصصه أيضا، ألّف: "من أعلام الفكر المقاصدي"، و"مدخل إلى مقاصد الشريعة"، و"الفكر المقاصدي.. قواعده وفوائده"، وألف كذلك في المواضيع التي تشغل الأمة الإسلامية من قبيل "الشورى في معركة البناء"، و"فقه الثورة.. مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي"، و"الأمة هي الأصل".

ونشر كذلك بحوثا كثيرة في المجلات العلمية، وشارك في عشرات الندوات والمؤتمرات العربية والدولية، وكتب مقالات في عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية