لي كوان يو

Former Singapore's Prime Minister Lee Kwan Yew poses for photographs with U.S. Secretary of State Hillary Rodham Clinton, not pictured, at Istana, or Presidential Palace, Friday, Nov. 16, 2012, in Singapore.

سياسي سنغافوري يوصف بأنه باني سنغافورة الحديثة، وصانع نهضتها التي جعلتها ضمن مصاف العالم الأكثر تطورا. قاد الانفصال عن ماليزيا، وحرص خلال ثلاثين عاما من حكمه للبلاد على محاربة الفساد الإداري والبيروقراطية وفسح المجال للاستثمار الدولي. 

المولد والنشأة
ولد لي كوان يو يوم 16 سبتمبر/أيلول 1923 بسنغافورة، ونشأ وسط أسرة صينية استقرت بسنغافورة في القرن 19.

الدراسة والتكوين
درس لي كوان بأحسن المدارس الماليزية، وكان يحتل مراتب متقدمة في صفوف الدراسة. وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية استطاع تحقيق حلمه بالسفر ودراسة القانون بجامعة كامبريدج، وعاد إلى بلده الذي كان وقتها مستعمرة بريطانية وساهم في تفعيل النقاش حول قضايا الاستقلال وإنشاء الدستور.

كان لمعاناته مع قسوة اليابانيين خلال سيطرتهم على المنطقة إبان فترة الحرب العالمية الثانية كبير الأثر على شخصيته، إذ تكونت لديه قناعة ترفض الخضوع للأجنبي، وتسعى إلى تحقيق الحرية دائما وأبدا مهما كان الثمن الذي يجب دفعه لنيل ذلك، ولو تعلق الأمر بحرية التعبير.

الوظائف والمسؤوليات
أسس لي كوان حزب العمل الشعبي مع رفاقه، وعين رئيسا له، ونجح في الوصول إلى منصب الوزير الأول لسنغافورة وعمره 35 عاما سنة 1959، ولم يترك المنصب إلا عام 1990.

قاد تيار الانفصال عن ماليزيا ونجح في مسعاه عام 1965 بتحول سنغافورة إلى جمهورية قائمة بذاتها. ونقل عنه رفاقه أنه كان يطمح في وحدة ماليزية سنغافورية كبديل عن الانفصال، لكن ذلك المسعى فشل، وأنه لحظة الإعلان عن انفصال سنغافورة أجهش بالبكاء.

فرض لي سيطرة تامة على الحياة السياسية في البلاد وعلى حرية التعبير والمعارضة وكان يؤمن بأن ضمان الاستقرار الاقتصادي والأمني هما خطان أحمران لا يمكن غض الطرف عنهما.

نهضة سنغافورة
منذ وصل لي كوان إلى هرم السلطة في بلاده، كانت لديه رؤية واضحة لتطوير بلده، تتجسد أساسا في فرض سلطة الدولة لتحقيق نهضة اقتصادية.

وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت له لتقييده حرية التعبير في بلاده، ومحاصرته للمعارضة، وفسحه المجال لسيطرة التنظيم الذي أسسه على الحياة السياسية في البلاد، إلا أن لي تمتع بسمعة طيبة لدى مواطني سنغافورة، بعدما تمكن من جعلها تجربة اقتصادية ناجحة، أوصلتها لمصاف نمور آسيا.

بدأت حكاية لي مع تنمية سنغافورة عام 1971 عندما قررت بريطانيا إنهاء وجودها العسكري وإغلاق ثكنتها الكبرى في البلاد، وهي الثكنة التي كانت توظف نحو خمسين ألف مدني وتمثل خمس الدخل القومي لسنغافورة.

احتج لي كوان على ما قررته بريطانيا والمخالف لتعهداتها السابقة، وهدد باستدعاء اليابان لتعويض التاج البريطاني.

لكنه استسلم للأمر الواقع في نهاية الأمر، واستغل الواقعة لتنفيذ خيارات سياسية واقتصادية صعبة، تقطع مع الخضوع للدعم الأجنبي، وتعتمد ركائز التنمية المحلية كوسيلة لتحقيق التطور المطلوب.

ولم تكد تمر سنوات قليلة، حتى عرفت سنغافورة نهضة اقتصادية كبرى، لفتت إليها الانتباه.

تجمع آراء الخبراء الاقتصاديين على أن نقطة قوة لي كوان لم تكن السياسة الاقتصادية التي انتهجها، فأي خطة بالإمكان أن تعدل وتراجع وتصحح، بل تجسدت في حرصه المستمر على محاربة الفساد الإداري، والقطيعة مع البيروقراطية، وفسح المجال للمستثمرين الأجانب، وفتح الباب أمام المهاجرين من النخب العلمية للاستقرار ببلاده التي لم يكن عدد سكانها يتجاوز المليونين.

وبرغم الانتقادات، سجل له حرصه على استقرار المشهد السياسي من خلال فرض سيطرة حزب العمل الشعبي على الحكم، والدفع بحكومات تكنوقراطية إلى الواجهة، شجعت على ضمان انفتاح البلاد على الاستثمار الأجنبي في كل المجالات، ضامنا بذلك لسنغافورة أفقا تنمويا واضحا.

ومن أهم المجالات التي أولاها لي كوان أهمية خاصة، التعليم، فطوره وبناه على أسس علمية ثابتة، تحفظ الهوية المحلية وتنفتح على العالم.

وبفضل تلك الإجراءات التي اتخذها لي كوان وحكوماته المتعاقبة، أصبحت سنغافورة واحدة من أسرع مراكز إدارة الثروات نموا في العالم. وقد أعلنت سلطة النقد السنغافورية (البنك المركزي) نهاية عام 2013 أن حجم الأموال المدارة في سنغافورة ارتفع بنسبة 22% في 2012 ليصل إلى رقم قياسي عند 1.63 تريليون دولار سنغافوري (1.29 تريليون دولار أميركي) مقابل 1.34 تريليون دولار سنغافوري سنة 2011.

المؤلفات
ترك لي كوان مؤلفا وحيدا هو "قصة سنغافورة"،  يحكي فيه التفاصيل التي عاشها قبل وأثناء وبعد الانفصال عن ماليزيا، وكيف فكر ورفقاءه في بلورة رؤية خاصة لتطوير البلاد، وهو ما تحقق.

الوفاة
توفي لي كوان يو يوم 23 مارس/آذار 2015 عن عمر ناهز 91 عاما، وذكر نجله لي هسين لونغ، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء، أن والده "توفي بدون آلام في المستشفى العام في سنغافورة".

المصدر : الجزيرة