بينوشيه.. جنرال حارب الديمقراطية بتشيلي

FILE - In this Oct. 1983, file photo, General Augusto Pinochet is seen in Santiago, Chile. Retired members of the armed forces and civilians commemorated Wednesday, Nov. 25, 2015, Pinochet's one hundredth birthday at the dictator's former summer retreat outside Santiago. Pinochet took power in a 1973 coup that deposed the democratically elected government of President Salvador Allende. (AP Photo/Di Baia, File)
رئيس ديكتاتوري سابق، حكم تشيلي بالحديد والدم، وأحد أشهر جنرالات أميركا اللاتينية الموالين للولايات المتحدة في النصف الثاني من القرن الماضي، ومتهم بأنه المسؤول عن مقتل رئيس البلاد السابق المنتخب سلفادور أليندي.

المولد والنشأة
ولد أغوستو خوسيه رامون بينوشيه أوكارتا في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1915 في فلباريسو (وسط تشيلي)، من أبوين ينحدران من أصول فرنسية وباسكية إسبانية، وله خمسة أولاد.

الدراسة والتكوين
تابع أغوستو بينوشيه دراسته الابتدائية في مدرسة رفائيل في فلباريسو، والثانوية في معهد كويلتا بالمنطقة نفسها، والتحق بالمدرسة العسكرية بسانتياغو عام 1933، وتخرج فيها عام 1937 برتبة ملازم ثان في فرقة المشاة.

التوجه السياسي
عُرف بينوشيه بولائه للولايات المتحدة والغرب مما جعله يتلقى دعما أميركيا واسعا وتغاضيا آنذاك عن الاتهامات الموجهة له بانتهاكات حقوق الإنسان، كما أنه قطع في المقابل علاقاته مع البلدان الاشتراكية.

قام بينوشيه بتعليق الدستور وتجميد الحياة السياسية في البلاد، وقمْع وتصفية وتعذيب اليساريين والاشتراكيين والمتعاطفين مع الشيوعية ومع الرئيس السابق سلفادور أليندي. 

تبنى بينوشيه أطروحات اقتصادية رأسمالية بالاعتماد على اقتصاد السوق المفتوح، قائلا إنه كان يطمح إلى جعل تشيلي "أمة من رجال الأعمال، لا البروليتاريين". واعتمد في ذلك على أطر تشيلية من خريجي الجامعات الأميركية، حيث أطلق عمليات خصخصة، وقمع نقابات العمال، وخفض الضرائب على الثروات والأرباح، مما أدى إلى توسيع الهوة بين طبقات الشعب.

المسار المهني
بعد حصوله على رتبة ضابط رئيس هيئة أركان الجيش عام 1951، قام بالتدريس في الأكاديمية العسكرية، وعمل أستاذا في أكاديمية الحرب بسانتياغو ابتداء من عام 1953، وشارك عام 1956 مع مجموعة من الضباط في مهمة عسكرية في الإكوادور استمرت ثلاثة أعوام، ثم عُيّن عام 1963 رئيسا لثانوية تابعة لأكاديمية الحرب.

وتمت ترقية بينوشيه عام 1968 إلى رتبة رئيس أركان الفرقة الثانية للجيش، ثم إلى رئيس الأركان عام 1969، وعيّن قائدا لمقاطعة تاراباسا، ورقي عام 1971 إلى رتبة جنرال فوج، وعين قائدا لحامية العاصمة سانتياغو، ثم أصبح عام 1972 رئيسا لهيئة الأركان، ثم عينه الرئيس المنتخب السابق أليندي يوم 23 أغسطس/آب 1973 في منصب القائد الأعلى للجيش.

تزعم بينوشي يوم 11 سبتمبر/أيلول 1973 انقلابا عسكريا ضد أليندي، قُتل فيه هذا الأخير في ظروف غامضة.

فبعد تولي سلفادور أليندي -ذي التوجهات الاشتراكية- منصب رئيس البلاد بعد انتخابات في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1970، اتخذ عدة إجراءات من بينها تأميم عدة مؤسسات صناعية كبيرة، خاصة مصانع النحاس المملوكة لشركات أميركية، مما أثار غضب الولايات المتحدة التي قامت بدعم المعارضة الداخلية ضده بخلق وضع اقتصادي متوتر، مهّد للانقلاب العسكري الذي قاده بينوشيه ضد أليندي.

وعين بينوشيه بعد الانقلاب نفسه "كابتن جنرال"، وتولى رئاسة البلاد ابتداء من 27 يونيو/حزيران 1974، من خلال مجلس عسكري، واستمر في منصبه حتى 11 مارس/آذار 1990، حيث اضطر للتنازل عن رئاسة البلاد لباتريشيو أيلوين المنتخب ديمقراطيا، لكنه استمر في منصب قائد الجيش، ثم عضوا في مجلس الشيوخ.

تعرض بينوشيه في سبتمبر/أيلول 1986 لمحاولة اغتيال فاشلة قامت بها جبهة "مانويل رودريغيث الوطنية"، وأصيب خلالها بجروح طفيفة، وقتل فيها خمسة من حراسه، وقامت على إثرها الشرطة العسكرية بإعدام ثلاثة من القياديين الشيوعيين.

اتهامات
وجهت لبينوشيه العديد من الاتهامات المتعلقة بانتهاك حقوق الإنسان، وممارسة أساليب التصفية والتعذيب في حق المعارضين السياسيين خلال فترة توليه السلطة، حيث أثبتت "لجنة تحقيق ريتج" 2095 حالة قتل، و1102 حالة اختفاء في عهده، في حين أشار تقرير" فاليك" إلى وجود أكثر من 28 ألف حالة تعذيب.

اعتقل بينوشيه عام 2002 في العاصمة البريطانية لندن، أثناء توجهه لإجراء فحوصات طبية، وذلك بتفويض قضائي أصدره القاضي الإسباني بلتزار غارسون، وبقي قيد الإقامة الإجبارية سنة، قبل أن يُطلق سراحه لأسباب طبية، ليعود إلى تشيلي، ويتخلى عن عضويته في مجلس الشيوخ.

وأصدرت المحكمة العليا بتشيلي في مايو/أيار 2004 حكما بأن بينوشيه قادر على المثول أمام القضاء، حيث بدأت محاكمته في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه بتهم تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان والفساد المالي، بعد اكتشاف حسابات مصرفية سرية له بملايين الدولارات في الولايات المتحدة.

الوفاة
توفي بينوشيه في العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2006 بالمستشفى العسكري بسانتياغو، وذلك بعد ستة أيام من رفع الإقامة الإجبارية عنه، حيث نظمت إثر وفاته مظاهرات من قبل معارضيه أمام المستشفى ووسط العاصمة التشيلية.

المصدر : الجزيرة