محمود بيرم التونسي

محمود بيرم التونسي - الموسوعة

شاعر وأديب وزجّال مصري من أصل تونسي، يعد واحدا من أبرز شعراء العامية وكتاب الزجل في القرن العشرين، وصفه النقاد بـ"فنان الشعب" و"شاعر العامية الأول".

المولد والنشأة
ولد محمود بن محمد مصطفى بيرم يوم 12 مارس/آذار عام 1893 في حي الأنفوشي بمدينة الإسكندرية شمالي مصر، لعائلة تونسية كانت تقيم فيها.

وكان والده صاحب مصنع للحرير، وعندما بلغ الرابعة من عمره أرسله إلى كُتاب الشيخ جاد الله، فحفظ بعض سور القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والحساب.

الدراسة والتكوين
لم يستمر محمود في الكُتاب طويلا بسبب كرهه لمادة الحساب، ولكن والده أصر على استكمال تعليمه فأرسله إلى المعهد الأزهري بمسجد المرسي أبو العباس بالإسكندرية، فانتظم في الدراسة لكن وفاة أبيه دفعته إلى تركها -وهو في الثانية عشرة من العمر- للبحث عن عمل.

مر محمود بظروف صعبة بعد وفاة أبيه إذ لم يوفق في إيجاد عمل، وسرعان ما توفيت والدته بعد أبيه بخمس سنوات، ولم يكن يمتلك إلا بيتا من ميراثه فباعه واشترى آخر أقل ثمنا.

تزوج وهو في السابعة عشرة لكن زوجته توفيت بعد ست سنوات، وتركت له طفلين: محمد ونعيمة، فاضطر إلى الزواج ثانية بعد 17 يوما من وفاة زوجته لحاجة طفليه إلى سيدة ترعاهما.

التجربة الأدبية
أحب بيرم منذ صغره الحكايات الشعبية فبدأ يقرأ قصص "أبو زيد الهلالي" و"ألف ليلة وليلة" و"عنترة بن شداد" و"سيف بن ذي يزن" وغيرها، وكان يحفظ بعض أبيات الشعر الموجودة في هذه القصص، وبدأت هوايته تظهر مع قراءته لأشعار ابن الرومي التي تعلم منها ومن غيرها روح الهجاء والنقد اللاذع.

قرأ أيضا لأبي حامد الغزالي والمقريزي وعبد الله النديم، وكان إعلان مولد موهبته الزجلية متزامنا مع قصيدته الزجلية التي كتبها عن "المجلس البلدي" يقول فيها:

يا بائع الفجل بالملّيم واحدةً      كم للعيال وكم للمجلس البلدي

وقد أثارت هذه القصيدة ضجة واسعة في مدينة الإسكندرية بعد أن نشرتها صحيفة "الأهالي"، مما دفع بيرم إلى إعادة طباعتها وتوزيعها منفصلة، حيث وزع منها مائة ألف نسخة.

كانت هذه هي البداية الفعلية لظهور موهبته في كتابة الزجل والشعر العامي، وكانت أزجاله الأولى مليئة بالدعابة والنقد الاجتماعي وتعتمد على السرد القصصي، مما جعل النقاد يسمونه "فنان الشعب".

وفي عام 1920 التقى بالفنان سيد درويش فاتفقا على كتابة "أوبريت" يعلي همة المصريين في مواجهة المحتلين الإنجليز، فكتب بيرم "شهر زاد" التي يقول في مقدمتها:

أنا المصري كريم العنصرين             بنيت المجد بين الأهرمين

أغضبت قصيدته المعنونة "البامية الملوكي والقرع السلطاني" الملك فؤاد فأصدر أمرا بنفيه خارج مصر عام 1920، واستمرت رحلته القاسية في المنفى 18 عاما تنقل فيها بين تونس وفرنسا، وعانى فيها آلام الجوع والغربة وفقدان الأهل والأصدقاء، حتى نجح في العودة مرة أخرى إلى مصر في 8 أبريل/نيسان 1938 بعد وفاة الملك فؤاد.

التقى بيرم بالفنانة أم كلثوم نهاية 1940 فكتب لها أكثر من عشرين أغنية، من أشهرها: "أنا في انتظارك"، و"الأولى في الغرام"، و"حبيبي يسعد أوقاته"، و"أهل الهوى"، و"شمس الأصيل"، و"الحب كده"، و"هو صحيح الهوى غلاب"، ثم "القلب يعشق كل جميل"، كما غنى له مشاهير الطرب مثل فريد الأطرش وشادية والكحلاوي.

حصل على الجنسية المصرية في عام 1954 بعد أن رحب بـ"ثورة يوليو" 1952، وقدم لها العديد من الأغاني الوطنية والأزجال.

المؤلفات
ترك بيرم ديوان شعر يحتوي آلاف القصائد والقطع الزجلية القصيرة والطويلة، والأغاني والموشحات، وصدرت أعماله الكاملة في ثلاثة مجلدات.

الوفاة
أصيب محمود بيرم التونسي بمرض الربو، وتوفي في 18 رجب 1380هـ الموافق 5 يناير/كانون الثاني 1961م.

المصدر : الجزيرة