كراديتش.. من الطب النفسي للتطهير العرقي بالبوسنة

Bosnian Serb leader Radovan Karadzic speaks with the journalists during the talks on Bosnia in London, Britain, 27 July 1992. EPA/GERRY PENNY
سياسي وطبيب نفسي صربي، تولى رئاسة جمهورية صرب البوسنة، وارتبط اسمه بحصار سراييفو ومجزرة سربرينيتشا التي قتل فيها نحو ثمانية آلاف مسلم، مما جعله مطلوبا للعدالة الدولية. وقد أُوقف بعد 13 عاما من الفرار.

المولد والنشأة
ولد رادوفان كراديتش يوم 19 يونيو/حزيران 1945 في مدينة بيتنيكا بالجبل الأسود -في الاتحاد اليوغسلافي سابقا- وهو أكبر إخوته الثلاثة، وكان والده يحسب على التيار القومي الصربي. وقد أمضى طفولته بمنطقة نيكسيتش قرب الحدود بين الجبل الأسود والبوسنة والهرسك.

الدراسة والتكوين
بعد أن أنهى تعليمه الابتدائي انتقل عام 1960 إلى سراييفو لمواصلة تعليمه فدخل كلية الطب بسراييفو، وحصل منها عام 1971 على الدكتوراه في الطب النفسي.

وواصل دراسة تخصصه الطبي في كل من الدانمارك والولايات المتحدة، حيث درس أمراض الجهاز العصبي والطب النفسي بجامعة كولومبيا في نيويورك بين عامي 1974 و1975.

ومن هواياته كتابة القصائد وتأليف مسرحيات وموسيقى شعبية.

الوظائف والمسؤوليات
عمل مختصا في الطب النفسي بعدة مؤسسات، أبرزها مركز تأهيل البالغين، والمستشفى الحكومي بسراييفو، ونادي النجم الأحمر ببلغراد لكرة القدم. واتهم أثناء توليه هذه المسؤوليات باختلاس أموال عامة، وحكم عليه في 1985 بالسجن لمدة ثلاث سنوات لم تنفذ.

التجربة السياسية
عرف كراديتش بميوله القومية منذ التحاقه بالجامعة، لكنه لم ينخرط في السياسة إلا عام 1990 وكان مرشده رئيس يوغسلافيا السابق سلوبودان ميلوسوفيتش، الذي توفي عام 2006 في سجن محكمة الجزاء الدولية قبل انتهاء محاكمته.

شارك عام 1990 في تأسيس الحزب الديمقراطي الصربي في جمهورية البوسنة، وبعد انهيار الاتحاد اليوغسلافي عام 1991 أصبح رئيسا لمجلس الأمن القومي لجمهورية صرب البوسنة قبل أن يتولى رئاسة صرب البوسنة.

وفي هذه الفترة شهدت يوغسلافيا السابقة حملات تطهير عرقي على المسلمين والكروات في البوسنة، اعتبر كراديتش المسؤول الأول عنها، ولعل أسوأها مجزرة سربرينيتشا التي قتل فيها نحو ثمانية آلاف من مسلمي البوسنة، حسب المصادر الأممية.

اتهمته المحكمة الدولية لجرائم الحرب في يوغسلافيا عام 1995 بجرائم التطهير العرقي، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، فاختفى عن الأنظار وظل مختفيا لمدة 13 عاما إلى أن ألقي القبض عليه في صربيا يوم 21 يوليو/تموز 2008، وكان يحمل بطاقة هوية مزيفة تحت اسم دراغان بابيتش.

وفي 30 يوليو/تموز 2008 نقل إلى مركز اعتقال تابع للمحكمة الدولية لجرائم الحرب (في يوغسلافيا السابقة) في شيفنينغن بلاهاي تمهيدا لبدء محاكمته.

وقد مثل أمام المحكمة في لاهاي يوم 16 أكتوبر/تشرين الأول 2012 لمحاكمته في 11 تهمة بجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب البوسنية، من بينها مذبحة سربرينيتشا الشهيرة، وترحيل عشرات الآلاف من الكروات في عملية تطهير عرقي لإقامة دولة صربية في البوسنة.

وفي عام 2012 برأته المحكمة من بعض تهم الإبادة في بعض مناطق البوسنة، لكنها أبقت على التهم الموجهة له بارتكاب جرائم الإبادة في سربرينيتشا.

وصفه مرشده الطبيب النفسي عصمت سريتش بأنه رجل "بألف وجه ووجه" ويعاني دون شك من اضطراب في الشخصية.

وتقول مرسادا مالاغيتش التي قتل نجلاها وزوجها في مجزرة سربرينيتشا "عندما أدليت بشهادتي ضده (أمام محكمة الجزاء الدولية) لاحظت أنه لا يشعر بأي ندم".

وفي 24 مارس/آذار 2016، قضت محكمة الأمم المتحدة المتخصصة بجرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة بسجن رادوفان كراديتش 40 سنة، وذلك بعد إدانته بإحدى عشرة تهمة كانت مسندة إليه.

وقال القاضي في المحكمة بلاهاي أو-غون كوون "رادوفان كراديتش، حكمت عليك المحكمة بالسجن 40 عاما"، حيث أدين كراديتش  بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية، ومنها القتل العمد وحصار سراييفو 36 شهرا وقصفها ومحاولة تطهير البوسنة والهرسك من المسلمين والكروات.

كما حملته المحكمة المسؤولية الجنائية عن إعدام قواته نحو 8 آلاف رجل وشاب بمجزرة سربرنيتشا  بينما برأته من تهمة الإبادة الجماعية في سبع بلدات في البوسنة، حيث كانت لائحة الاتهام تتضمن 11 تهمة.

المصدر : الجزيرة