حمادي الجبالي أول رئيس حكومة تونسية بعد الثورة على بن علي

Former prime minister Hamadi Jebali waves to reporters following the transfer of power ceremony to newly appointed Tunisian prime minister Ali Larayedh, unseen, in Tunis, Tunisia, Thursday March 14, 2013. Tunisian lawmakers have approved a new compromise government that the dominant Islamist party hopes will quell tensions over the killing of an opposition leader and a resurgence in religious activity.(AP Photo/Hassene Dridi)
رئيس الوزراء السابق حمادي الجبالي عقب حفل نقل السلطة إلى رئيس الوزراء علي العريض بتونس في 14 مارس/آذار 2013 (أسوشيتد برس)

مهندس وصحفي تونسي وأحد أبرز القادة التاريخيين لحركة النهضة، قضى 16 عاما في السجون (أفرج عنه سنة 2006). شغل منصب الأمين العام للحركة، وترأس الحكومة التونسية في 13 ديسمبر/كانون الأول 2011.

المولد والنشأة

ولد حمادي الجبالي في 13 أكتوبر/تشرين الأول 1949 في مدينة سوسة الساحلية، لأسرة ميسورة الحال.

تزوج من السيدة وحيدة الطرابلسي ولهما 3 بنات.

الدراسة والتكوين

سنة 1969 وبعد استكمال دراسته الثانوية في المعهد الثانوي التقني بمدينة سوسة وحصوله على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) في العلوم انتقل إلى العاصمة تونس لدراسة الهندسة الميكانيكية في الجامعة.

في بداية السبعينيات التحق بكلية العلوم والتكنولوجيا في مدينة رين الفرنسية، حيث حصل على درجة الماجستير.

ثم انتقل بعد ذلك إلى باريس لمتابعة دراساته الهندسية في المعهد الوطني للفنون والحرف في اختصاص الديناميكا الحرارية المطبقة على الطاقات الساخنة والباردة والجديدة والمتجددة، وتخرج سنة 1978.

التجربة السياسية

نشط حمادي الجبالي في الحركة الإسلامية بتونس منذ ثمانينيات القرن الماضي، وبرز اسمه على الساحة السياسية عام 1981 إثر اعتقال ومحاكمة القيادات التاريخية لحركة الاتجاه الإسلامي أواخر عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

تولى خلال تلك الفترة إدارة شؤون الحركة مع المهندس علي العريض، ثم انتخبه مجلس شورى الحركة عام 1982 رئيسا لها، وظل في رئاستها حتى عام 1984 تاريخ إطلاق قياداتها، ليصبح عضوا في عدد من هياكلها كالمكتب التنفيذي والمكتب السياسي ومجلس الشورى.

حُكم عليه عام 1990 بالسجن 16 عاما نافذة لاتهامه بنشر مقالات كتبها نشطاء الحركة في جريدة "الفجر"، ورأى نظام بن علي أنها تنال من مؤسسات الدولة وتحرّض على العصيان، إضافة إلى اتهامه بالانتماء إلى جمعية غير مرخصة، ومحاولة قلب نظام الحكم.

قضى أكثر من 15 عاما في السجن، منها 10 أعوام في الحبس الانفرادي، وخاض عام 2002 إضرابا عن الطعام احتجاجا على ظروف سجنه، ثم أطلق سراحه في فبراير/شباط 2006.

عقب الإطاحة بنظام بن علي انتُخب حمادي الجبالي أمينا عاما لحركة النهضة في مارس/آذار 2011 التي فازت في انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر/تشرين الأول من السنة نفسها.

دعمت حركة النهضة ترشّح الجبالي لرئاسة الحكومة، وكلفه الرئيس المنصف المرزوقي برئاسة الوزراء في 13 ديسمبر/كانون الأول 2011 وتشكيل حكومة الترويكا، فكان أول رئيس حكومة بعد الثورة التي أطاحت بنظام بن علي.

Tunisian Prime Minister Hamadi Jebali, right, smiles at the opening of a meeting with representatives of all Tunisian political parties, to see if there is sufficient support for his solution to end the country's ongoing political crisis in Carthage, outside Tunis, Monday, Feb. 18, 2013. Ennahda party leader Rached El Ghannouchi is seated at left. Jebali's initiative, while supported by the opposition, puts him on a collision course with the moderate Islamist Ennahda Party which dominates the government. (AP Photo/Hassene Dridi)
حمادي الجبالي (يمين) في افتتاح اجتماع مع ممثلي جميع الأحزاب السياسية التونسية في فبراير/شباط 2019 (أسوشيتد برس)

عقب اغتيال السياسي اليساري التونسي شكري بلعيد في السادس من فبراير/شباط 2013، اقترح حمادي الجبالي تكوين حكومة كفاءات مستقلة للحد من حالة الاحتقان الكبيرة التي شهدتها الساحة السياسية في تونس، ولكن الترويكا وحركة النهضة رفضتا هذا المقترح.

وإزاء هذا الرفض لمقترحه للخروج من الأزمة قدّم الجبالي استقالته من الحكومة في 19 فبراير/شباط 2013 تحت وطأة هجمات كبيرة من أنصار النهضة اتهمته بشقّ الحركة ومحاولة زعزعة استقرارها، في مقابل ترحيب كبير من الأحزاب المعارضة التي اعتبر شق منها موقف الجبالي عقلانيا ووطنيا.

غادر قصر الحكومة بالقصبة في مارس/آذار 2013. ثم بعد سنة أعلن استقالته أيضا من الأمانة العامة لحركة النهضة الإسلامية والتي تولاها منذ 2011، ولم يوضح أسباب الاستقالة إلا أنه أكد أن قراره نهائي وأرجعه إلى أسباب "ذاتية وموضوعية".

فُسّرت قراراته تفسيرات متعددة أبرزها تفسير خصوم حركة النهضة بأن الاستقالة خطوة أولية في مسار يقود إلى قصر الرئاسة في قرطاج، بعد اكتسابه شعبية عند بعض الشرائح الاجتماعية والتيارات السياسية كـ"رجل وطني" ورجل "قدم مصلحة البلاد على مصلحة الحزب".

بعد وفاة الرئيس التونسي الأسبق الباجي قايد السبسي، قدم الجبالي ترشحه للانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها سنة 2019 مستقلا، لكنه لم ينجح في بلوغ الدور الثاني، إذ حصل فقط على نسبة 0.2% من الأصوات وعلى الرتبة 20 من جملة 26 مترشحا.

اعتقالات وتحقيقات

في مايو/أيار 2022 ألقت الشرطة القبض على زوجة الجبالي لبضع ساعات قبل أن تطلق سراحها وتوجه لها دعوة للمثول أمام المحكمة بتهمة توظيف أفارقة مقيمين في تونس بصفة غير شرعية وحيازة مواد كيميائية خطرة في الورشة التي تملكها.

واعتقلت الشرطة التونسية حمادي الجبالي بتهمة تبييض الأموال في 24 يونيو/حزيران 2022. ورفض منذ إيقافه الإجابة عن أسئلة المحققين وأعلن دخوله في إضراب عن الطعام حتى يتم إطلاق سراحه لأنه يرى أن القضية ذات طابع سياسي بامتياز.

أفرج عنه بعد 3 أيام من الإيقاف على أن يبقى على ذمة التحقيقات والأبحاث المتعلقة بشبهة غسيل أموال منسوبة لجمعية خيرية.

قررت دائرة الاتهام لدى محكمة الاستئناف بتونس في 14 يوليو/تموز الإبقاء عليه في حالة سراح.

تم استنطاقه في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، من قبل قاضي التحقيق 23 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس في نطاق قضية جمعية "نماء تونس" وتقرر الإبقاء عليه بحالة سراح.

في الخامس من سبتمبر/أيلول 2023، أعيد مجدّدا اعتقال الجبالي من طرف فرقة أمنية داهمت منزله وفتشته وحجزت الحواسيب والهواتف الموجودة بالمنزل، ثم اقتادته من منزله إلى مقر ثكنة العوينة بضواحي العاصمة.

الوظائف والمسؤوليات

بعد 9 سنوات قضاها في فرنسا عاد إلى تونس سنة 1978 وعيّن رئيسا لقسم الطاقة في شركة "إيه يو إي دي" الهندسية، ثم تولى مسؤولية الإشراف على قسم المكونات السائلة الموجّهة للمستشفيات العمومية التونسية حتى سنة 1981.

سنة 1982 أسّس في مسقط رأسه سوسة شركة مختصة في الطاقة الشمسية والطاقات البديلة، وعمل أيضا في الصحافة في بداية عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، حيث أسّس نهاية سنة 1989 جريدة "الفجر" الناطقة باسم حركة النهضة وتولى رئاسة تحريرها إلى أن حوكم واعتقل عام 1990.

ترأس الحكومة التونسية في 13 ديسمبر/كانون الأول 2011، وقدم استقالته منها في مارس/آذار 2013.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية