إسماعيل الأزهري

السيد - إسماعيل الأزهري - الموسوعة

إسماعيل الأزهري قائد سياسي سوداني، تصدر النضال السياسي لاستقلال بلاده عن بريطانيا، دعا بداية إلى الوحدة مع مصر ثم طالب بالانفصال عنها، ورفع علم استقلال بلاده فلقبه السودانيون "زعيم الاستقلال". سجن مرات أيام الاحتلال وبعد الاستقلال، وكان آخرها قبل وفاته بأشهر إثر انقلاب نميري 1969.

المولد والنشأة
ولد إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل المفتي بن أحمد الأزهري (نسبة إلى الأزهر بمصر حيث درس) يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول 1900 في أم درمان بالسودان لأسرة علم وقضاء من قبيلة البديرية، أصلها من كردفان، وتـُنسب إلى جدها "إسماعيل الولي" الطريقة الإسماعيلية الصوفية.

درس القرآن في "خلوة" (كـُتاب) السيد المكي، والتحق بمدرسة الشبلي الأولية في أم درمان، وفي 1913 دخل المدرسة الأميرية المتوسطة بود مدني. أنجب ولدا واحدا وخمس بنات.

الدراسة والتكوين
التحق إسماعيل الأزهري في 1917 بقسم المعلمين في كلية غوردون التذكارية (جامعة الخرطوم لاحقا) التي درس فيها الرياضيات وتخرج 1921، ثم أرسل للدراسة بلبنان فعاد منها 1930 بالبكالوريوس في الرياضيات من الجامعة الأميركية ببيروت، وكانت رسالة تخرجه عن "الصفر"، كما درس التربية هناك.

الوظائف والمسؤوليات
عُين الأزهري مدرسا للرياضيات واللغة الإنجليزية والجغرافيا في كلية غوردون قبل أن يكمل تعليمه فيها، ودرّس إثر تخرجه1921 في المدرسة الأميرية المتوسطة بمدينة عطبرة، ثم في مدرسة أم درمان 1924.

اختاره طلاب الجامعة الأميركية ببيروت رئيسا للرابطة العربية، وصار بعد عودته أستاذا في كلية غوردون فأسس فيها جمعية الآداب والمناظرة، وعند إنشاء الاحتلال الإنجليزي لـ"نادي الخريجين"1931 اختير سكرتيرا عاما له، ثم انتخب أمينا عاما لـ"مؤتمر الخريجين" عند تأسيسه 1938، وأصبح رئيسه 1943.

نـُقل إسماعيل الأزهري في 1946 إلى مدرسة حنتوب الثانوية فاستقال من وظيفته وتفرغ للعمل السياسي الوطني.

شغل إسماعيل الأزهري منصب رئيس وزراء السودان في 1954-1956، وتولى رئاسة مجلس السيادة (رئاسة الدولة) في 1965-1969.

التجربة السياسية
انهمك الأزهري وهو يافع إلى حقل العمل السياسي الوطني، وكانت أول صلته به أن اصطحبه جده إسماعيل المفتي مترجما للوفد السوداني الزائر للندن 1919 لتهنئة بريطانيا بانتصارها في الحرب العالمية الأولى.

سعى ليكون "مؤتمر الخريجين" متحدثا باسم الشعب السوداني فرفضت ذلك سلطات الاحتلال، وتزعم وفدا كبيرا 1946 إلى مصر ومجلس الأمن الدولي بنيويورك لبحث تقرير مصير السودان.

ترأس إسماعيل الأزهري 1947 أول حزب سياسي سوداني عُرف بـ"الأشقاء" ودعا إلى إعلان حكومة سودانية ديمقراطية تحت التاج المصري، وأدخلته قيادته لمظاهرة مناهضته للجمعية التشريعية -التي عينها المستعمر 1948- السجن فقضى فيه شهرا.

أنشأ الأزهري بعد قيام ثورة يوليو/تموز المصرية 1952 الحزب الديمقراطي الاتحادي الذي كان يرفع شعار الاتحاد مع مصر، وفي 1953 جرت انتخابات تشريعية ففاز بها حزبه، وأصبح الأزهري نائبا برلمانيا وترأس 1954 أول حكومة وطنية.

رأس وفد السودان إلى مؤتمر باندونغ بإندونيسيا 1955 حيث صرح بأن السودان سيكون دولة ديمقراطية ومستقلة، وفي 19 ديسمبر/كانون الأول 1955 أعلن الأزهري داخل البرلمان استقلال السودان، وفي فاتح يناير/كانون الثاني 1956 رفع -مع زعيم المعارضة حينها محمد أحمد المحجوب- علم الاستقلال على سارية البرلمان.

ومما قاله الأزهري في خطاب الاستقلال: "إذا انتهى بهذا اليوم واجبنا في كفاحنا التحريري فقد بدأ واجبنا في حماية الاستقلال وصيانة الحرية، وبناء نهضتنا الشاملة التي تستهدف خير الأمة ورفعة شأنها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بنسيان الماضي وطرح المخاوف وعدم الثقة، وأن نـُقبل على هذا الواجب الجسيم إخوة متعاونين وبنيانا مرصوصا يشد بعضه بعضا، وأن نواجه المستقبل كأبناء أمة واحده متماسكة قوية".

انشقت عن الحزب الوطني الاتحادي مجموعة بقيادة زعيم الطائفة الختمية علي المرغني، وكونت حزب الشعب الديمقراطي برئاسة الميرغني، فاتفق الأخير مع حزب الأمة (الممثل السياسي لطائفة الأنصار) على تنظيم انتخابات جديدة وتكوين حكومة ائتلافية بين الحزبين، وبذلك سقطت حكومة الأزهري 1958.

رفض الأزهري عرضا بانقلاب عسكري لإعادته إلى السلطة، وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 1959 دخل السودان دوامة الانقلابات العسكرية باستيلاء الفريق إبراهيم عبود على الحكم، وعارضه الأزهري فزج به في السجن.

سقط الانقلاب بثورة أكتوبر/تشرين الأول الشعبية 1964 وشكلت حكومة انتقالية، ثم جرت انتخابات تشريعية 1965 فانتخب الأزهري عضوا في البرلمان، وتولى منصب رئيس مجلس السيادة (رئاسة الدولة).

نفذ جعفر نميري انقلابه في مايو/أيار 1969 فاعتقل الأزهري ووضع بغرفة صغيرة في "سجن كوبر".

المؤلفات
نشر إسماعيل الأزهري 1930 كتابه الوحيد "الطريق إلى البرلمان" الذي طبعته دار الثقافة ببيروت.

الوفاة
أذنت إدارة السجن للأزهري بالخروج منه لتقبل العزاء في شقيقه الوحيد علي، وبعد عودته إليه مرض.

توفي إسماعيل الأزهري يوم 26 أغسطس/آب 1969، ودفن في مقابر البكري بأم درمان.

أصدرت حكومة نميري بيانا يعلن وفاة "زعيم الاستقلال" فكان نصه: "اليوم توفي إسماعيل الأزهري، وكان الفقيد معلما بالمدارس الثانوية"، ثم كان في "مجلس الثورة" من ينادي بدفنه سرا.

أما السودانيون فما زالوا يقصدون مطلع كل عام "بيت الزعيم" -الذي بنوه بتبرعاتهم البسيطة- لإحياء ذكرى رئيس يتداولون وثيقة طلبه الاستدانة من أحد معارفه، واقترن اسمه بذكرى استقلال الوطن.

المصدر : الجزيرة