حارث الضاري

عالم عراقي وأمين عام لهيئة العلماء المسلمين العراقية. عرف بمواقفه الداعية لخروج القوات المحتلة من العراق، ودعا العراقيين إلى الوحدة في وجه مخططات التقسيم والطائفية، وأكد أن المقاومة في العراق حق مشروع، وأن كل من يعين الاحتلال يعدُّ من المحتلين.

المولد والنشأة
ولد حارث سليمان الضاري عام 1941 بمنطقة خان ضاري في أبو غريب بضواحي بغداد.

وينتسب الشيخ حارث إلى واحدة من كبرى العائلات في العراق والتي تنتمي إلى قبائل شمر العربية العريقة، ولعبت دورا بارزا في مقاومة الاحتلال البريطاني للعراق في العشرينيات من القرن الماضي.

الدراسة والتكوين
بدأ تعليمه في مدرسة لتحفيظ القرآن، ثم التحق بعد ذلك بالمدرسة الدينية التي أكمل فيها الدراسة الأولية وأخذ منها الشهادة الثانوية، وفي عام 1963 التحق بجامعة الأزهر وحصل منها على شهادة الليسانس في كلية أصول الدين والحديث والتفسير.

تابع تعليمه العالي وحصل على شهادة الماجستير في التفسير (1969) وبعدها سجل في شعبة الحديث، فأخذ منها أيضا شهادة الماجستير (1971).

حصل على الدكتوراه في الحديث عام 1978 ليعود إلى العراق حيث عمل مفتشا في وزارة الأوقاف، ثم بعد ذلك نُقل إلى جامعة بغداد بوظيفة معيد، فمدرس فأستاذ مساعد فأستاذ.

الوظائف والمسؤوليات
قضى الدكتور حارث الضاري في التعليم الجامعي أكثر من 32 عاما، ثم تقاعد بعد عمله في عدة جامعات عربية، كجامعة اليرموك في الأردن، وجامعة عجمان في الإمارات العربية المتحدة، وكلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي.

تفرغ لإدارة هيئة علماء المسلمين في العراق، وهي هيئة إسلامية سنية نشأت بعد احتلال البلاد بأقل من أسبوع لـ"جمع الكلمة ورص الصف بين المسلمين، استجابة لطلب الشارع بالعمل صفا واحدا، والتعاون على إنجاز الأعمال".

وكان من بين مهامها تسيير الشؤون الدينية كتلك التي ترتبط بإدارة المساجد ورعايتها، والمساعدة في دفن الشهداء ورعاية الجرحى، قبل أن تهتم أيضا بمواكبة الأوضاع الناشئة عن الاحتلال سواء السياسية أو الاجتماعية.

التجربة السياسية
بعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، عاد حارث الضاري إلى العراق في الأول من يوليو/تموز 2003.

وبحكم واقع العراق حينها المتمثل في وجود قوات أجنبية، وظهور عدة تحديات تهدد وحدة المجمع العراقي وعلى رأسها الطائفية، دعا الشيخ حارث الضاري -بصفته الأمين العام لهيئة علماء المسلمين- العراقيين بجميع طوائفهم إلى الوحدة والتلاحم والصفح.

ورأى خلال هذه الفترة أن المهمة الأولى للعراقيين هي العمل على وحدة الشعب، يليها العمل على إزاحة الاحتلال بكل السبل المتاحة شرعا وقانونا.

وفي سبتمبر/أيلول 2004 حث الضاري كل القوى على تبني مشروع سياسي باسم القوى الوطنية العراقية الرافضة للاحتلال، وحدد المشروع بأربعة أسس، هي: رفض الاحتلال، ورفض التعامل مع نتائجه، مع تبني القوى الوطنية لمشروع إستراتيجي يعمل على إنهائه، والعمل من أجل عراق موحد.

وطالب برحيل قوات الاحتلال، وأكد أن هذا الاحتلال ساقط بكل المقاييس، وأنه لم يجلب للعراقيين سوى انعدام الأمن والاستقرار، منتقدا تعامل سلطات الاحتلال مع العراقيين بعنجهية وصلف.

وتكريسا للموقف الرافض للاحتلال امتنعت هيئة علماء المسلمين عن المشاركة في المؤتمر الوطني العراقي، وأوضح الضاري أن من أهم الثوابت التي حافظت عليها الهيئة عدم المشاركة في تشكيل سياسي أو رسمي طالما ظل الاحتلال موجودا في العراق، وذلك حتى لا تعطي الهيئة لوجود الاحتلال شرعية.

وقاطعت الهيئة انتخابات الجمعية الوطنية الانتقالية (البرلمان) التي أجريت في أواخر يناير/كانون الثاني 2004، وأكد أن المقاومة في العراق حق مشروع، وأن كل من يعين الاحتلال يعد من المحتلين.

وبعد سيطرة مسلحي العشائر العراقية ومقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية على بعض المناطق العراقية في يونيو/حزيران 2014، اعتبر حارث الضاري أن ما وقع ثورة من أجل رفع الظلم عن جميع المظلومين والمستضعفين في العراق، وضد ممارسات إجرامية وسياسات طائفية استبدادية اتبعها رئيس الوزراء نوري المالكي.

وانتقد الفتاوى الطائفية التي صدرت من بعض المراجع الشيعية لأنها تؤجج الفتنة بين العراقيين وتدعم الحاكم الظالم، مؤكدا في حوارات صحفية على أهمية وحدة العراق، وأن مشروع الفدراليات والأقاليم مشروع أعداء العراق الدوليين والإقليميين لتقسيمه على أسس طائفية وعرقية مقيتة.

كما انتقد الضاري تنظيم الدولة الإسلامية وإعلانه عما سماه بـ"دولة الخلافة"، معتبرا ذلك تمهيدا لتقسيم العراق.

الوفاة
توفي الشيخ حارث الضاري بمدينة إسطنبول التركية يوم الخميس 12 مارس/آذار 2015 عن عمر ناهز 74 عاما.

المصدر : الجزيرة