محمد الفيتوري

شاعر ودبلوماسي ليبي الأب سوداني الأم، أثار كثيرا من الجدل وسط نقاد الشعر والأدب العربي بقصائده وكتاباته الأدبية التي غلب عليها طابع الثورة والتمرد على الموروثات القديمة، وبجمعه بين الأفريقية والعربية في قالب فريد.

المولد والنشأة
ولد محمد مفتاح رجب الفيتوري عام 1936، في مدينة الجنينة بدارفور غرب السودان، لأب ليبي وأم سودانية.

الدراسة والتكوين
رحل في صباه مع أسرته إلى الإسكندرية التي حفظ فيها القرآن الكريم، ثم إلى القاهرة للدراسة في كلية العلوم بالأزهر.

الوظائف والمسؤوليات
عقب إكماله دراسته الجامعية عمل محررا أدبيا في عدد من الصحف المصرية والسودانية قبل أن يعين خبيرا إعلاميا في الجامعة العربية في الفترة 1968-1970، ثم مستشارا ثقافيا في السفارة الليبية بإيطاليا، قبل أن يشغل منصب المستشار والسفير في السفارة الليبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، ثم مستشارا سياسيا وإعلاميا بسفارة ليبيا في المغرب.

التجربة الشعرية
نال الفيتوري مكانة متميزة في الشعر العربي، إذ يعد من أوائل مجددي المفردة والصورة والشكل في الشعر، فقد برز صوتا شعريا متفردا ومختلفا منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى رحيله، وشكلت الهويات التي ينتمي إليها أصواتا متباينة داخل قصيدته، فهو ممجد لأفريقيا، ومغن بصوت العروبة وأحلامها وانكساراتها، وكان منفتحا على الثقافات الإنسانية، ومناديا بالتمرد.

وقد جمع بين الانتمائي الأفريقي والعربي في قالب فريد، وعالج عددا من القضايا في أشعاره، حاملا هموم المواطن العربي، وخاصة الحرية التي هي الأصل عنده بينما الأحداث الأخرى عوارض:

أمس قد مر طاغية من هنا
نافخا بوقه تحت أقواسها
وانتهى حيث مر.

قال عنه الشاعر تاج السر الحسن (رفيق درب الفيتوري) إنه شاعر سوداني أصيل، ودوره في الشعر السوداني والحركة الثقافية الحديثة مهم وكبير، وفيه تتداخل الانتماءات السودانية والمصرية والليبية

أما الروائي والناقد عيسي الحلو فيرى أن الفيتوري قائد الكتابة الشعرية علي مستوى الوطن العربي، لأنه امتاز بموهبة كبيرة وفهم عميق للشعر على المستوى العربي والأفريقي والكوني، وقد استطاع  أن يعطي القصيدة العربية المعاصرة بعدا أفريقيا وكونيا في آن. بجانب قدرته الكبيرة على شحن المفردة الشعرية القديمة بمدلولات جديدة.

وللفيتوري تجربة سياسية اختلف حولها النقاد، فقد ناضل ضد حكومتي إبراهيم عبود وجعفر النميري، إلا أن مواقفه وأشعاره في "دكتاتورية" العقيد الليبي الراحل معمر القذافي، تجعل التساؤل عن موقفه من الأنظمة الاستبدادية أمرا مشروعا. 

المؤلفات
للفيتوري عدد كبير من المؤلفات والقصائد والدواوين الشعرية، مثل دواوين: "أغاني أفريقيا"، و"عاشق من أفريقيا"، و"اذكريني يا أفريقيا"، و"سقوط دبشليم"، و"معزوفة لدرويش متجول"، و"سولارا"، و"البطل والثورة والمشنقة"، و"أقوال شاهد إثبات"، و"ابتسمي حتى تمر الخيل"، و"عصفورة الدم". كما كتب مسرحية "ثورة عمر المختار" عام 1974، ودراسة "عالم الصحافة العربية والأجنبية" عام 1981.

وصدرت له دراسة "الموجب والسالب في الصحافة العربية" (1986)، و"أحزان أفريقيا"
(1966)، و"شرق الشمس.. غرب القمر" (1985)، و"يأتي العاشقون إليك" 1989، و"قوس الليل.. قوس النهار" (1994).

الوفاة
توفي محمد مفتاح الفيتوري عصر يوم الجمعة 24 أبريل/نيسان 2015 بمستشفى الشيخ زايد بالعاصمة المغربية الرباط -حيث أقام لسنوات طويلة بضاحية سيدي العابد- عن عمر يناهز 85 عاما، بعد معاناة طويلة مع المرض.

المصدر : الجزيرة