الداء الزلاقي.. ابتعد عن الغلوتين

المرض الزلاقي (ويطلق عليه أيضا اسم مرض السيلياك والاعتلال المعوي الغلوتيني) من أمراض المناعة الذاتية، وفي هذه الأمراض يهاجم الجهاز المناعي الأنسجة السليمة عن طريق الخطأ.

وفي المرض الزلاقي يخطئ نظام المناعة ويعتبر المواد الموجودة داخل الغلوتين كتهديد للجسم ويهاجمها، وهذا يؤدي إلى أضرار بسطح الأمعاء الدقيقة، مما يعطل قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام.

وليس واضحا ما الذي يجعل الجهاز المناعي يتصرف بهذه الطريقة، ولكن يبدو أن الوراثة والبيئة تلعبان دورا في ذلك، وفقا لخدمات الصحة الوطنية في المملكة المتحدة.

ووفقا لخدمات الصحة، فمرض السيلياك ليس حساسية أو عدم تحمل الغلوتين، مع أنه كثيرا ما يطلق عليه اسم حساسية القمح وحساسية الغلوتين.

وبالنسبة لمن يعانون من المرض الزلاقي يؤدي استهلاك حتى الكميات الضئيلة جدا من الغلوتين الموجود في القمح أو الذرة أو الشعير إلى تحفيز استجابة مناعية تؤذي بطانة الأمعاء الدقيقة.

ويمكن للمرض إذا ترك دون علاج أن يؤدي إلى مجموعة من المشاكل الصحية بما في ذلك فقر الدم وهشاشة العظام ومشاكل الخصوبة.

والغلوتين هو عبارة عن بروتين يوجد في أغلب الأطعمة، ولا سيما الحبوب كالجاودار والقمح والحنطة والشوفان والشعير وغيرها، كما يوجد في أدوية ومكونات غذائية وفي الصلصات وتتبيلات الأطعمة وفي أحمر الشفاه ومرطبات الشفاه والأطعمة المقلية ومصادر أخرى متعددة.

ويوجد الغلوتين في القمح والشعير والذرة والأطعمة المحضرة منها، مثل المعكرونة والكيك وحبوب الإفطار ومعظم أنواع الخبز.

ويؤدي تناول الأطعمة التي تحتوي على الغلوتين إلى أعراض، مثل:

  • إسهال.
  • مغص.
  • انتفاخ.
  • عسر الهضم.
  • إمساك.

كما يمكن أن يقود المرض إلى أعراض أخرى مثل:

  • التعب نتيجة سوء التغذية الناجم عن عدم الحصول على ما يكفي من المواد المغذية من الطعام.
  • فقدان الوزن.
  • طفح جلدي وحكة.
  • مشاكل تعيق حدوث حمل.
  • تلف في الأعصاب.
  • الأطفال الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية قد لا ينمون بالمعدل المتوقع وقد يتأخر البلوغ عندهم.

ويعتبر مركز حساسية القمح في جامعة شيكاغو أن الاستهلاك الآمن من الغلوتين بالنسبة لمن يعانون من المرض لا يتعدى عشرة مليغرامات يوميا.

وعلى الرغم من أنه لا يمكن الشفاء من المرض فإنه يمكن تجنب الإصابة بالمتاعب الناجمة عنه من خلال اتباع نظام حمية غذائي يعتمد على الاستغناء تماما عن الأطعمة المحتوية على الغلوتين والتعويض عنها بأطعمة أخرى.

وتوجد أنواع من الخبز والبسكويت والكعك خالية من الغلوتين، ويمكن التعرف عليها بسهولة من خلال احتوائها على علامة سنبلة القمح المشطوبة.

ويمكن أيضا اللجوء إلى الأطعمة الخالية من الغلوتين بشكل طبيعي كالأرز أو منتجات الصويا أو الذرة، كما يمكن تناول جميع أنواع الفواكه والخضراوات إلا أنه ينبغي توخي الحذر من الأطعمة الجاهزة، إذ عادة ما تحتوي نوعيات الحساء والصوص وغيرها من المعلبات على الغلوتين.

‫من جهتها، أكدت الجمعية الألمانية لمساعدة مرضى الاعتلال المعوي الغلوتيني على ضرورة التحقق مما إذا كان الطعام محتويا على مادة الغلوتين، إذ لا يقتصر وجوده في القمح فقط، بل يشمل بعض الحبوب والأطعمة الأخرى، وهذا يتطلب من المرضى قراءة ملصقات مكونات الطعام وغسل أدوات الطهي قبل الطبخ بشكل جيد.

وأكدت الجمعية على ضرورة أن يقرأ هؤلاء المرضى قائمة مكونات الأطعمة التي يشترونها أو يتناولونها ويشمل ذلك الحساء والصلصات، ولا سيما النوعيات ذات القوام الغليظ مثل صوص الصويا الذي يحتوي غالبا على القمح.

كما أوصت الجمعية بتوخي الحذر عند استخدام مزيج التوابل، إذ كثيرا ما تستخدم في تصنيعه مواد تحتوي على الغلوتين، مشددة على ضرورة الانتباه جيدا عند تناول النقانق و"البودينغ" و"الكاتشب".

ومع أن العدس لا يحتوي بطبيعته على مادة الغلوتين إلا أن الجمعية تحذر من إمكانية أن تختلط معه بعض حبوب القمح نتيجة زراعته معها من خلال الزراعة المختلطة، لذلك يجب فرزه وتنقيته جيدا قبل إعداده للطعام وذلك لإبعاد الحبوب المختلطة به ثم نقعه في الماء قبل طبخه لضمان خروج أي آثار للغلوتين منه مع ماء النقع ثم يطبخ بماء جديد.

وكي لا تنتقل آثار مادة الغلوتين من الأطعمة المحتوية عليها إلى غيرها أثناء التخزين توصي الجمعية بوضع الأطعمة الخالية من الغلوتين فوق الأطعمة المحتوية عليه عند تخزينها، مشددة على أهمية اتباع اشتراطات النظافة والرعاية الصحية بالمطبخ لضمان عدم وصول الغلوتين إلى الأطعمة الخالية منه عند تحضيرها.

وعند الطهي يفضل غسل جميع الأواني والأدوات قبل استعمالها، ولا سيما الأجهزة التي يتم فيها استخدام الأطعمة النيئة مثل مفارم اللحوم وأجهزة الطهي وأواني الخبز، إذ يمكن أن تلتصق بها بعض بقايا مادة الغلوتين بعد وضع الأطعمة المحتوية عليه فيها، لافتة إلى أن ذلك ينطبق أيضا على ملاعق الطهي وألواح التقطيع المصنوعة من الخشب، فالغسيل الجيد يضمن إزالة آثار مادة الغلوتين منها.

من جهتها، تحذر الرابطة الألمانية لأطباء الأطفال والمراهقين من أن عدم تحمل الغلوتين قد يعيق نمو الطفل أو يصيبه بهشاشة العظام أو يلحق أضرارا بأمعائه الدقيقة مرجعة السبب في ذلك إلى تراجع إمداد جسم الطفل بعنصري الحديد وحمض الفوليك نتيجة اتباعه قواعد غذائية صارمة ومنعه من تناول أنواع كثيرة من الطعام لاحتوائها على الغلوتين.

وللتغلب على المخاطر الناتجة عن الإصابة بهذا المرض تنصح الرابطة الأهل بإمداد أطفالهم بهذه العناصر عن طريق أنواع أخرى من الأطعمة الغنية بالحديد كاللحوم الحمراء مثلا أو العدس، وكذلك الخضراوات المحتوية على حمض الفوليك كالشمندر الأحمر أو الأفوكادو.

وعلى جانب آخر، أشارت الرابطة إلى أن إصابة الطفل بهذا المرض لا تعني بالضرورة الاستغناء تماما عن تناول الحلويات لاحتوائها على الدقيق المصنوع من الغلوتين، مؤكدة أنه يمكن للأهل تقديم الحلويات لأطفالهم شريطة ألا يقوموا باستخدام الأنواع العادية من الدقيق المصنوعة من القمح أو الحنطة أو "الجاودار" أو الشعير والتي تتسبب بالطبع في إصابة الطفل بالمتاعب.

‫وكبديل لذلك، أوضحت الرابطة الألمانية لأطباء الأطفال والمراهقين أنه يمكن للأهل مثلا إعداد فطيرة الفواكه الشهية أو الكعك المحبب للطفل باستخدام دقيق الحنطة السوداء أو دقيق الكينوا أو دقيق اللوز الخالي من الزيوت وكذلك دقيق جوز الهند.

ويجب أولا وأخيرا استشارة طبيب الطفل لتحديد الأطعمة التي تلائمه والالتزام بتوصياته وذلك لحمايته من أي مضاعفات أو متاعب.

المصدر : الألمانية + رويترز + مواقع إلكترونية + نيوزويك