هؤلاء معتقلون أو ممنوعون من التغريد في السعودية

الحكم بسجن مغرد في السعودية
تزايد الملاحقات التي تستهدف المغردين السعوديين بعد اندلاع الأزمة الخليجية (الجزيرة)

يواجه المدونون السعوديون الذين يغردون خارج السرب الحكومي مضايقات متنوعة بين الملاحقة القضائية والإيداع في السجون، إلى المنع من التغريد؛ فضلا عن التشويه والتحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام الحكومية وشبه الحكومية.

ولئن كانت سياسات الاعتقال والمطاردة بسبب التعبير عن الرأي المخالف أمرا شائعا وممارسة قديمة في السعودية فإن الجديد -مع الأزمة الخليجية الراهنة- هو معاقبة بعض المغردين على الصمت والامتناع عن المشاركة في الحملات التي تشنها الجيوش الإلكترونية على قطر ومن يقف معها.

وشنت السلطات السعودية بداية من منتصف سبتمبر/أيلول 2017 حملة اعتقالات طالت بعض المغردين الذين لهم حضور كبير على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مثل الداعية سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري، فيما بدا وكأنه مرتبط بموقفهم "الصامت" من الأزمة بين قطر ودول خليجية في مقدمتها السعودية.

ورغم أن ما يوصف بالحملة على المغردين سجنا وتضييقا واتهاما ومنعا من التغريد قد اشتدت مع تصاعد الأزمة الخليجية؛ فإنها لم تبدأ معها، بل تعود لسنوات خلت.

ونعرض فيما يلي لعدد من أشهر الحالات التي تعرض فيها مغردون سعوديون للمضايقة على خلفية مواقف عبروا عنها في مدوناتهم وحساباتهم الاجتماعية:

قبل الأزمة الخليجية
في يونيو/حزيران 2012 اعتقل المدون والناشط السعودي رائف بدوي، وحكم عليه في أغسطس/آب2014 بالسجن عشر سنوات وبألف جلدة بتهمة الإساءة للإسلام، كما غرمته المحكمة الجزائية في جدة بمليون ريال.

وكان بدوي وهو مؤسس الشبكة الليبرالية السعودية الحرة على الإنترنت يناقش دور الدين في المملكة، وقد حكم عليه قبل ذلك في يوليو/تموز 2014 بالسجن سبع سنوات وبستمئة جلدة، لكن محكمة استئناف ألغت الحكم وأمرت بإعادة المحاكمة.

وقالت منظمة العفو الدولية "إنه سجين رأي ذنبه الوحيد أنه تجرأ على إقامة منتدى عام للنقاش، ومارس في شكل سلمي الحق في حرية التعبير".

وفي 10 مارس/آذار 2014 أيدت محكمة سعودية مختصة بالنظر في قضايا الإرهاب حكما بسجن مغرد سعودي أدين بتهمة تحريض عائلات موقوفين، وبتهمة إرسال تغريدات في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" تحرض على التظاهر والاعتصامات، إضافة إلى اتهامه بالسخرية من ولاة الأمور والعلماء في المملكة والتشكيك في نزاهتهم.

وأفات وكالة الأنباء السعودية أن محكمة الاستئناف الجزائية المتخصصة أيدت الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية بسجن مغرد سعودي ثماني سنوات. وأضافت أن الحكم صدر بموجب "نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية وما ثبت في حقه من جرائم"، كما قررت المحكمة منعه من السفر مدة مماثلة للعقوبة، وحظر حسابه في تويتر ومنعه من الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي.

ولم تذكر الوكالة اسم المغرد، لكن مواقع التواصل الاجتماعي أفادت أنه مهند المحيميد. ونقل أحد المواقع عن والد المحيميد قوله بعد صدور الحكم "ليس لدي أي تعليق وسلمت أمري إلى الله".

وفي مارس/آذار 2016 تعرض الناشط والمدون السعودي محمد الحضيف للاعتقال، وتحدث نشطاء التواصل حينها عن أن اعتقاله جاء على خلفية اتهامه بالإساءة إلى الإمارات؛ حيث علق على زيارة وزير العدل المصري السابق أحمد الزند إلى الإمارات، بالتغريد عبر حسابه الرسمي على تويتر قائلا: "إلى أكبر مكب نفايات بشرية في العالم".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 أوقف الكاتب السعودي جمال خاشقجي المعروف بانتقاد النظام المصري وإعلامه عن التغريد والكتابة، ولكنه خرج لاحقا من السعودية واستقر بأميركا وأعلن في 12 أغسطس/آب 2017 عودته للتغريد على حسابه في تويتر؛ حيث شكر وزير الإعلام وولي العهد السعودي، ولكنه عاد فأكد أنه لا يجوز أن يُحجر على رأي مخالف، فتعدد الآراء إثراء واجتهاد يفيد المسؤول، حسب قوله.

بعد الأزمة الخليجية
وبعد اندلاع الأزمة الخليجية في العام 2017 زادت السلطات السعودية من الضغط على المغردين، في حملات تشويه وتحريض مستعرة يقوم بها الموالون لها على وسائل التواصل الاجتماعي ضد قطر.

وقالت وكالة الأنباء السعودية في 14 أغسطس/آب إن النيابة العامة استدعت مجموعة من المغردين في موقع تويتر رُصدت عليهم اتهامات جنائية بالإساءة للنظام العام والتأثير على ما وصفته بسلامة واعتدال المنهج الفكري للمجتمع.

وأكدت النيابة العامة أن من استـُـدعوا هم قيد توصيف الاتهام الجنائي، وستطبق بحقهم الإجراءات الشرعية والنظامية للمتهمين.

ونقلت الوكالة عن النائب العام قوله إن أي مشاركة تحمل مضامين ضارة بالمجتمع أيا كانت مادتها وذرائعها ووسائل نشرها ستكون محل اهتمام من النيابة العامة، حسب المقتضى الشرعي والنظامي.

وفي بيان منفصل، قال النائب العام الشيخ سعود بن عبد الله المعجب إنه يحترم حرية الرأي، لكنه شدد على سلطة مكتبه بمقاضاة الذين يروجون للكراهية أو الطائفية أو يضللون الرأي العام.

وعلمت الجزيرة أن ضغوطا كبيرة مورست على دعاة سعوديين لديهم حسابات ناشطة على تويتر لحملهم على اتخاذ مواقف مناوئة لقطر، وأن أحدهم سُجن يومين وتعرض للتهديد، فقبِل بتبني وجهة النظر الرسمية واتهام قطر بالمسؤولية عن الأزمة بدلا من كونها ضحية لها.

وأحدثت تغريدات نشرها الداعية محمد العريفي لاحقا على موقع تويتر جدلا بين المغردين، وانتشر هاشتاغ "العريفي معذور" على اعتبار أنه ربما نشر تلك التغريدات تحت التهديد، بينما قال آخرون إنه كان أجدر به ألا يذعن.

ولاحقا وفي 11 سبتمبر/أيلول 2017 أكد مغردون سعوديون نبأ اعتقال السعودية عشرين شخصية معظم من الدعاة، منهم بعض الدعاة المشهورين على شبكات التواصل الاجتماعي ولديهم ملايين المتابعين، ومن أبرز هؤلاء الشيخ سلمان العودة وعوض القرني وعلي العمري.

وجاء اعتقال العودة إثر تغريدة دعا الله فيها أن "يؤلف القلوب"، بعد نبأ الاتصال الهاتفي بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

كما اعتقل لاحقا خالد العودة شقيق سلمان العودة، ورجحت مصادر إعلامية أن يكون سبب توقيف خالد العودة تأكيده على حسابه في "تويتر" أن شقيقه سلمان تعرض للاعتقال.

وامتدت الحملة على المغردين إلى دائرة الأسرة الحاكمة؛ حيث شملت -حسب مغردين ومصادر إعلامية- الأمير عبد العزيز بن فهد الذي اشتهر في خضم الأزمة بتغريداته النارية ضد سياسات الإمارات ومواقف ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد.

وطالت اعتقالات المغردين أيضا الخبير الاقتصادي عصام الزامل الذي عرف بمواقفه وتغريداته المؤيدة للتغيير في العالم العربي، وبنقده لرؤية 2030 الاقتصادية في السعودية، وصنف سابقا من طرف مجلة "فوربس" ضمن أكثر الشخصيات السعودية تأثيرا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية