الجالية التركية بألمانيا.. أكبر تجمع للأتراك بالخارج

أتراك برلين تظاهروا لليوم الثاني أمام سفارتهم تأييداا لرئيسهم أردوغان ورفضا للإنقلاب الفاشل. الجزيرة نت
أتراك يتظاهرون في العاصمة الألمانية برلين تأييدا للرئيس أردوغان (الجزيرة)

أهم وأكبر جالية تركية في الخارج، تتميز بالتنوع العرقي والسياسي والأيديولوجي، تمثل أحد عناوين القوة التركية الناعمة في أوروبا، وتؤيد نسبة كبيرة منها حزب العدالة والتنمية الحاكم حسب نتائج الانتخابات المتتالية.

بداية التكون
تعود بدايات تشكل النواة الأهم للجالية التركية في ألمانيا إلى ستينيات القرن الماضي حين اضطرت ألمانيا الغربية حينها تحت وطأة نقص اليد العاملة الماهرة والحاجة لإعمار ما دمرته الحرب العالمية الثانية إلى استقدام مئات آلاف العمال من دول عديدة -منها تركيا– ضمن ما عرف وقتها ببرنامج "العمال الضيوف".

أرقام ومعطيات
يعيش في ألمانيا نحو ثلاثة ملايين من ذوي الأصول التركية من أصل 15 مليون تركي مهاجر، وهو ما يجعلهم يشكلون المجموعة الكبرى من بين المهاجرين خارج البلاد، ومن بين هؤلاء نحو 27% لهم وجود منذ ثلاثين عاما أو أكثر، إضافة إلى 5% يعيشون بألمانيا منذ حوالي عشرة إلى ثلاثين عاما.

ومن بين ثلاثة ملايين تركي يعيشون بألمانيا يحق لنصفهم تقريبا الاقتراع في الانتخابات الألمانية، وهو ما يدفع الأحزاب الألمانية لمحاولة استقطابهم والفوز بأصواتهم.

كما أن نحو 1.4 منهم يحق لهم الاقتراع في الاستحقاقات الانتخابية بتركيا، وهو ما يضعهم في المرتبة الرابعة من حيث وزن التجمعات الانتخابية بعد إسطنبول وأنقرة وإزمير، وهو ما يضاعف من اهتمام القوى السياسية التركية بهم.

ولكن أهمية هذه الجالية لا تنبع فقط من حجمها البشري وحضورها السياسي، فهي أيضا ذات حضور اقتصادي مؤثر، حيث ذكرت مجلة "Wirtschaftswoche" الألمانية الاقتصادية المتخصصة أن الأتراك بألمانيا حولوا نحو ثمانمئة مليون يورو لبلادهم عام 2016.

وتضع وسائل الإعلام ومراكز البحث الألمانية الجالية التركية تحت مجهر التحليل والبحث، ولا سيما بعد أن صوتت لصالح حزب العدالة والتنمية بالانتخابات البلدية الأخيرة، إلى جانب تصويت نحو 63% ممن اقترعوا في الاستفتاء على التعديلات الدستورية التركية في أبريل/نيسان 2017 لصالح التعديلات التي اقترحها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما شكل صدمة في ألمانيا التي تعيش أزمة معلنة ومتفاقمة مع تركيا منذ أكثر من عام.

إشكالات الاندماج
وتكشف تقارير ودراسات عدة عن أزمة مركبة يعيشها "أتراك ألمانيا" من أهم أسبابها فشل سياسة الاندماج الألمانية للمهاجرين، حيث لم تقم بوضع برامج تضمن دمج أعداد كبيرة من العمال الذين استقدمتهم مطلع ستينيات القرن الماضي، وكانت تهدف لاستبدال هذه العمالة بين الفينة والأخرى، لكن أرباب العمل نجحوا بالحصول على عقود طويلة الأجل للعمال المستقدمين حتى يتخلصوا من التدريب واستبدال العمالة بين مدة وأخرى.

ويرجع بعض الساسة الألمان بعض أسباب فشل سياسة الاندماج إلى أن بعض الدول لا تريد لمواطنيها أن يندمجوا بشكل كامل في المجتمع الألماني خوفا من انقطاع الصلة معهم.

ويقول تقرير لوكالة أسوشيتد برس نشر في العام 2015 إن الأتراك في ألمانيا يعانون من التمييز بمجالات التعليم والإسكان والتوظيف.

ويمكن للمهاجرين أن يتمتعوا بإقامة شرعية ولكن لا يحق لهم التقدم لطلب الجنسية قبل مضي 15 عاما من الإقامة، ورغم تخفيض هذه المدة فإن كثيرا منهم لم يستطع الحصول على تعليم جيد أو وظيفة مجزية، وذلك بسبب عدم إجادة الألمانية بطلاقة.

ونتيجة لهذا الشروط فإن المهاجرين الأتراك يبقون الأقل اندماجا بالمجتمع الألماني، وذلك وفق معهد برلين للسكان والتنمية.

ويلقي بعض النقاد والمراقبين باللائمة على المهاجرين الأتراك والعرب في عدم الاندماج بالمجتمع الألماني وذلك بسبب زواجهم من نفس الجالية، ويرى مراقبون آخرون أن الحكومات المتعاقبة أهملت سياسات دمج المهاجرين، وتلكأت في مواجهة التمييز العنصري الذي يواجهه الأجانب في ألمانيا.

وبدأت ألمانيا في السنوات الأخيرة بوضع برامج لمواجهة التمييز ضد المهاجرين في البلاد، كما بدأت بتطبيق برامج لتعليم الألمانية، وسرعت عملية الحصول على الجنسية.

وعلى عكس ما تفعله الولايات المتحدة فإن ألمانيا لا تمنح الجنسية للذين يولدون على ترابها على الرغم من إقامة آبائهم فترة طويلة، كما رفضت المستشارة أنجيلا ميركل طلبات للسماح بازدواجية الجنسية تقدم بها أتراك ومهاجرون من أصول أخرى.

وفي ذات الإطار، ذكر تقرير دايتن 2016 -الصادر بعنوان "التقرير الاجتماعي للجمهورية الفدرالية الألمانية"- أن 36% من الأتراك في ألمانيا يعيشون تحت خط الفقر مقارنة بـ25% من المهاجرين من البلقان وأوروبا الجنوبية الغربية، كما يبين أن الأتراك لديهم تحصيل تعليمي أقل من المجموعات المهاجرة الأخرى الموجودة في ألمانيا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية