البيت الأبيض واتفاقيات المناخ.. مواقف متقلبة

TAORMINA, ITALY - MAY 27: U.S. President Donald Trump departs after attending the group photo for the G7 Outreach Program on the second and last day of the G7 Taormina summit on the island of Sicily on May 27, 2017 in Taormina, Italy. Leaders of the G7 group of nations, which includes the Unted States, Canada, Japan, the United Kingdom, Germany, France and Italy, as well as the European Union, are meeting at Taormina from May 26-27. (Photo by Sean Gallup/Getty Images)
ترمب فاجأ الجميع بإعلانه انسحاب بلاده من اتفاق باريس حول المناخ (غيتي)

أثار قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بداية يونيو/حزيران 2017 الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ ضجة عالمية، غير أن رؤساء آخرين قبل ترمب دأبوا على وقف المفاوضات الدولية لمكافحة الاحتباس التي ترعاها الأمم المتحدة، في حين سمح آخرون -خصوصا باراك أوباما في 2015- بإحراز تقدم كبير أمام الضرورة الملحة لمعالجة أزمة المناخ.

علما أن الولايات المتحدة -التي تعد إحدى أكبر الدول الملوثة في العالم- هي جهة رئيسية في معركة المناخ لكن مواقفها متقلبة وفقا للأغلبية السياسية الحاكمة.

ريو
بدأ كل شيء في 1992 خلال قمة الأرض في ريو التي أرست أسس معاهدة الأمم المتحدة حول التقلبات المناخية وأطلقت المفاوضات للتوصل إلى اتفاق عالمي ينص على خفض انبعاثات غازات الدفيئة المنبثقة أساسا من مصادر الطاقة الأحفورية من النفط والغاز والفحم.    

وتعارض الولايات المتحدة أساسا فكرة فرض قيود على انبعاثاتها، وقال الرئيس جورج بوش الأب في ريو "لا تفاوض بشأن نمط العيش الأميركي.. نقطة".

كيوتو
وخلال التفاوض بشأن بروتوكول كيوتو رفضت واشنطن أيضا أي التزام، واعتبرت أن على الدول الناشئة والنامية تحمل جزء من العبء، واستمرت المفاوضات إلى أن تم التوصل لاتفاق في 1997 بعد تلبية المطالب الأميركية.

ووقع المعاهدة آل غور نائب الرئيس الديمقراطي لكنه لم يحصل على تأييد مجلس الشيوخ.

ووصف الرئيس الجمهوري جورج بوش الابن النص بأنه "ظالم وغير فعال"، وأعلن في 2001 أنه لن يصادق عليه.

ودخل بروتوكول كيوتو حيز التنفيذ في 2005 وألزم 37 بلدا متطورا على خفض انبعاثاتها، ليست بينها الولايات المتحدة، وسهل الانسحاب الأميركي لاحقا انسحاب كل من كندا ونيوزيلندا واليابان وروسيا منه.

كوبنهاغن
وفي 2007 التقى مندوبو البلدان في بالي للمفاوضات السنوية ومحاولة استبدال بروتوكول كيوتو.    

وعارضت إدارة بوش مجددا أي معاملة مختلفة بين الدول المتطورة الملوثة تاريخيا والدول الناشئة، لكن هذه المرة تعرض الوفد الأميركي لصيحات استهجان، وفي نهاية المطاف تمت المصادقة على "خطة عمل بالي" لتبني معاهدة جديدة للمناخ في 2009.    

لكن مؤتمر كوبنهاغن انتهى في ذلك العام على نزاع بين دول الشمال والجنوب، ورفضت الولايات المتحدة المدعومة من دول أخرى أن يكون الاتفاق ملزما، وانتهت أعمال المؤتمر دون التوصل إلى معاهدة عالمية.

باريس
اضطلعت الولايات المتحدة -التي أصبحت في عام 2000 أول ملوث في العالم إلى جانب الصين– بدور رئيسي في تبني اتفاق باريس نهاية 2015.    

وفي النهاية عد الاتفاق تسوية مع مبادئ ملزمة و"مساهمات" وطنية تحددها كل دولة على أساس طوعي.

والنص الشديد الليونة سمح لإدارة أوباما بالالتفاف على مصادقة مجلس الشيوخ المعارض.    

لكن هذه الليونة تحديدا وغياب عقوبات أتاحا لدونالد ترمب التخلي عن الالتزامات الأميركية من دون انعكاسات فورية، وفعلا فقد فاجأ ترمب الجميع يوم 1 يونيو/حزيران 2017 بإعلانه انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس حول المناخ.

وقال ترمب في خطاب من البيت الأبيض إن اتفاقية باريس للمناخ ستزيد التكلفة على الشعب الأميركي بشكل غير متناسب. وأضاف أنه بهذا القرار يفي بتعهده بأن "يضع العمال الأميركيين أولا".

اتفاق باريس في خمس نقاط
يشكل اتفاق باريس الذي أعلن ترمب الانسحاب منه المعاهدة الأولى التي يلتزم فيها مجمل المجتمع الدولي بمكافحة تغير المناخ ومواجهة أحد أكبر تحديات القرن الـ21.

195 بلدا: أبرم 195 بلدا إضافة إلى الاتحاد الأوروبي اتفاق باريس في ديسمبر/كانون الأول 2015 بالعاصمة الفرنسية على إثر أعوام من المفاوضات الشاقة.

إشعار مسبق: يترتب على أي بلد يريد الانسحاب من الاتفاق إبلاغ أمانة سر اتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، لكن ليس قبل انقضاء ثلاث سنوات على سريان النص الذي تم في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2016. لاحقا يفترض صدور إشعار قبل عام ليتم "الانسحاب" الفعلي.

درجتان مئويتان: حدد الاتفاق هدفا عالميا هو إبقاء متوسط ارتفاع حرارة الأرض أقل من درجتين مئويتين قياسا بحقبة ما قبل الثورة الصناعية.

الطاقات الأحفورية: يؤكد خبراء الهيئة الحكومية الدولية للمناخ أن البقاء دون درجتين يفرض تقليص انبعاثات غازات الدفيئة من 40 إلى 70% حتى عام 2050، وهذا يعني التخلي تدريجيا عن الطاقات الأحفورية (مصدر 80% من انبعاث غازات الدفيئة)، الأمر الذي لا يذكره الاتفاق بشكل صريح مكتفيا بالقول إن البلدان تسعى إلى "تحديد سقف للانبعاثات في أفضل المهل".

الشفافية: رغم طوعية الالتزامات الدولية تعهدت البلدان بإعلان سياساتها المناخية ونتائجها ووضع تقييمات جماعية للجهود العالمية، كما يجب توخي الشفافية في المساعدات التي توفرها الدول الثرية للبلدان الأكثر فقرا.

المصدر : الفرنسية