كيف احترق برج غرينفيل بلندن؟
اندلع الحريق في الساعات الأولى من صباح يوم 14 يونيو/حزيران 2017 في برج غرينفيل بمنطقة لاتيمير رود في لانكستر ويست غربي لندن التي يتحدر أغلب سكانها من أصول عربية وأفريقية.
وتصاعدت ألسنة اللهب من البرج بعد أن اندلع الحريق في الساعة الواحدة صباحا، ورأى شهود العديد من سكان الطوابق العليا يصيحون طلبا للنجدة من نوافذ شققهم.
ولعدة ساعات، كافح أكثر من مئتي إطفائي لإخماد الحريق. وقالت رئيسة فرقة إطفاء لندن داني كوتون "طوال 29 عاما من عملي في إطفاء الحرائق لم أشهد أي شيء على هذا النطاق".
وقد فرّ السكان عبر الممرات المليئة بالدخان في البرج السكني بعد أن استيقظوا على رائحته، بينما أنقذ رجال الإطفاء أعدادا كبيرة من الأشخاص من المبنى، وهو عقار منخفض الإيجار.
وأقيم البرج السكني عام 1974 في شمال كنسينغتون غرب لندن، ويتكون من 120 شقة في 24 طابقا، التهمت النيران 23 منها. وبحسب صحيفة "تلغراف" البريطانية فإن عدد الذين كانوا في شقق البرج لحظة اندلاع الحريق نحو ستمئة شخص، أغلبهم كانوا نائمين.
وأول من تنبه للحريق هي العائلات المسلمة التي تقطن في الحي، لأنها كانت لحظتها مستيقظة لتناول وجبة السحور، وهو ما أكدته شاهدة عيان تدعى رشيدة لوسيلة إعلام محلية، حيث قالت إن المسلمين انتبهوا للحريق وسارعوا إلى الطرق على أبواب جيرانهم لإيقاظهم.
وقالت رشيدة إن استيقاظ الصائمين لتناول السحور أنقذ كثيرا من الأرواح في البرج.
حصيلة الضحايا
وأسفر الحريق الذي أتى على برج غرينفل عن 79 قتيلا على الأقل، بحسب مصادر الشرطة البريطانية، ورجح المسؤول في شرطة لندن ستيوارت كوندي ارتفاع عدد ضحايا الحريق الذي خلف أيضا عشرات المفقودين.
وكشفت السلطات البريطانية عن أول هوية لأحد ضحايا الحريق الذي شب في برج غرينفي، وهو لاجئ سوري يدعى محمد الحاج علي (23 عاما)، ذهب إلى بريطانيا عام 2014 وكان يدرس الهندسة المدنية.
وقالت جمعية حملة التضامن مع سوريا "لقد فرّ محمد من أمام الموت والحرب في سوريا، ليلقى حتفه في بريطانيا، داخل بيته".
وكان محمد يقيم مع شقيقه عمر في الدور الرابع عشر، وحاولا الهروب سويا لكنهما افترقا على السلم، وقد أنقذ رجال المطافئ عمر بينما لقى محمد حتفه.
وقالت الجمعية إن محمد كان يتحدث هاتفيا مع أصدقاء له في سوريا أثناء انتظاره الإنقاذ، وقد حاول الوصول إلى عائلته التي لم يرها لمدة سنوات عبر الهاتف ولكنه لم يتمكن من ذلك، وحين وصلت النار إليه ودع صديقه على الهاتف وطلب منه أن يبلغ الرسالة إلى عائلته.
ورجحت السلطات المغربية من جهتها أن سبعة مغاربة كانوا من بين ضحايا حريق لندن.
سخط واحتجاجات
تسبب الحريق في موجة احتجاجات وانتقادات ضد السلطات البريطانية التي اتهمت بالإهمال والتقصير في التعاطي معه، وتظاهر عشرات من سكان البناية المنكوبة وأهالي الضحايا المتضررين منددين بإهمال السلطات أوضاع الفقراء وعدم اتخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم.
وواجهت الشرطة انتقادات لأنها تأخرت في الكشف عن هويات المفقودين الذين تصل أعدادهم إلى العشرات، كما تعرضت الشرطة لانتقادات لأنها لم تسمح لعدد كبير من الشبان -الذين كان أغلبهم من المسلمين- بدخول البرج الذي كان يحترق لمساعدة سكانه.
بدورها تلقت حكومة تيريزا ماي انتقادات رغم أنها أقرت اعتماد صندوق دعم لعائلات الضحايا بقيمة خمسة ملايين جنيه إسترليني، وبالتعهد بإجراء تحقيق شامل وإعادة الثقة بين الحكومة والمتضررين.
وقال السكان إن البرج لم يكن آمنا، واتهموا السلطات بالإخفاق في تقديم معلومات كافية ودعم لمن فقدوا أقاربهم ومنازلهم في الحريق.
وكان سكان البرج قد حذروا قبل عام من الحادث من خطر اندلاع حريق بسبب تراكم النفايات أثناء أعمال ترميم. وكتبت جمعية "غرينفيل آكشون غروب" على مدونة تقول إن "المسألة مثيرة للقلق، إذ ليس هناك سوى مدخل ومخرج واحد لبرج غرينفيل خلال أعمال الترميم".
وشهد برج غرينفيل تحديثا لواجهته بكلفة 8.7 ملايين جنيه إسترليني (11.1 مليون دولار).