الفساد السياسي بفرنسا.. ملفات مغلقة وأخرى مفتوحة

A woman holds a banner as she attends a gathering against the corruption of elected representatives at Place de la Republique in Paris, France February 25, 2017. The banner reads
متظاهرة فرنسية ترفع لافتة ضد فساد رموز من النخبة الحاكمة في بلادها (رويترز)

واجه رؤساء وسياسيون فرنسيون خلال العقود الأخيرة سلسلة فضائح فساد تنوعت ما بين التهرب الضريبي وتضليل العدالة وتفويت صفقات عمومية دون احترام الإجراءات القانونية، إلى جانب منح وظائف وهمية لمقربين.

وقد حكم على عدد منهم بأحكام وغرامات، فيما لا تزال قضايا أخرى منظورة أمام المحاكم إلى حدود 2017، وكان آخر ضحايا تلك الفضائح المرشح اليميني لخوض رئاسيات 2017 فرانسوا فيون الذي كشفت جريدة "لو كانار أونشينيه" تورطه في توظيف زوجته وولديه ومنحهم رواتب كبيرة بما لا يتماشى مع القانون.

وأظهرت استطلاعات للرأي بداية 2017 أن 85% من الفرنسيين يرون أن هذه الطبقة السياسية الفاسدة يجب تغييرها، في حين يرى 55% أن الفساد استشرى بين السياسيين الذين أصبح خطابهم العنصري وسيلة للوصول إلى المناصب والكراسي بدءا من البلديات مرورا بالبرلمان وصولا إلى كرسي الرئاسة.

وفي ما يلي أبرز الرؤساء والمسؤولين الفرنسيين المتهمين بالتورط في قضايا فساد:

جاك شيراك
عاش الرئيس الفرنسي السابق شيراك قصصا كثيرة اتهم فيها بالفساد، ونشرت الصحف الفرنسية -خاصة لو كنار أونشينيه- تفاصيل تلك القضايا وفي مقدمتها فضيحة دفع رواتب لنواب من حزبه من خزينة بلدية باريس التي ترأسها ما بين 1977 و1995 والتي لم يعملوا بها.

كما عاش شيراك تفاصيل فضيحة تمويل حملته الانتخابية الرئاسية عام 1981، حيث نشرت الصحف أنه لجأ إلى مساعدة الرئيس عمر بونغو لإيجاد الأموال اللازمة لإنهاء حملته بنجاح.

أيضا، تفجرت في وجه شيراك فضيحة أخرى عام 2004 عرفت بفضيحة "كليرستريم 2"، حيث اتهم القضاء الفرنسي شخصيات سياسية بارزة -بينها شيراك- بمحاولة تضليل العدالة بغرض إقصاء شركات منافسة في مجال صفقات السلاح تحديدا.

نيكولا ساركوزي
تسبب تجاوز ساركوزي السقف القانوني الذي يمنحه القانون لتمويل الحملات الانتخابية عام 2012 في إثارة مشاكل كبرى للرئيس، وقد تجاوز المبلغ حاجز 22.5 مليون يورو.

لكن القضية الأبرز التي واجهت ساركوزي ـإلى جانب قصة كليرستريم 2 مع شيراك هي قضية تمويل حملته الرئاسية عام 2007 التي ذكرت الصحف الفرنسية أنها أتت من عند العقيد الليبي معمر القذافي.

وقد اعترف رئيس الاستخبارات العسكرية الليبي السابق عبد الله السنوسي أمام المحكمة الجنائية الدولية بأنه أشرف على تحويل خمسة ملايين يورو لتمويل حملة ساركوزي، فيما تحدث مصدر بارز آخر عن أن التمويل وصل إلى خمسين مليون يورو بينها عشرون مليونا نقدا، وثلاثون مليونا عبر تحويل بنكي، وهو ما كان موضوع متابعة قضائية لم تزل مستمرة إلى حدود بداية 2017.

ومنذ نيسان/أبريل 2013 يحقق القضاء الفرنسي مع ساركوزي بشأن اتهامات بأن القذافي موّل حملته الانتخابية في 2007.

وفي 19 مارس/آذار 2018، تحفظت الشرطة الفرنسية على ساركوزي، للتحقيق معه بشأن القضية، والاستماع إلى شهادته للمرة الأولى.

 ومن جهته، قال مصدر مقرب من التحقيق إن الشرطة استجوبت كذلك بريس أرتوفو الوزير السابق والحليف المقرب من ساركوزي، فيما يتعلق بالتحقيق الخاص بليبيا.

وألقي القبض على رجل أعمال فرنسي في يناير/كانون الثاني 2018 في بريطانيا بعدما اشتبه المحققون في أنه نقل المال من القذافي إلى حملة ساركوزي، وخرج بكفالة بعد أن مثل أمام محكمة في لندن.

جيروم كاهوزاك
وزير الميزانية كاهوزاك حكم عليه عام 2016 بالسجن لثلاثة أعوام ومنعه من الترشح للانتخابات لخمس سنوات وذلك بتهمة التهرب الضريبي.

ونشرت الصحف الفرنسية أن كاهوزاك ثبت أن لديه أموالا غير مصرح بها في حسابين بسويسرا وآخر في سنغافورة، وتسبب تورطه في هذه الفضيحة بإعلان الرئيس فرانسوا هولاند يوم 19 مارس/آذار 2013 استقالة وزيره.

وبعد طول إنكار اعترف كاهوزاك يوم 2 أبريل/نيسان 2013 أمام قاضي التحقيق بالتهم المنسوبة إليه، مما جعل القضاء يتابعه بتهمتي التهرب الضريبي وتبييض الأموال، وحكم عليه في 8 ديسمبر/كانون الأول 2016 بالسجن والحرمان من الترشح للانتخابات.

جان مارك أيرولت
اتهم أيرولت يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 1997 بتمرير أعمال من دون عمل مناقصة عمومية كما يفرض القانون وذلك خلال فترة ترؤسه بلدية نانت، وحكم عليه بالسجن لستة أشهر مع وقف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 5900 يورو.

وقد طفت تلك القضية على السطح مجددا عام 2012 عندما حاول أيرولت المنافسة على الفوز بمنصب وزاري في إثر فوز فرانسوا هولاند بالرئاسيات.

وقد جدد أيرولت براءته من التهم التي نسبت إليه وحوكم على أساسها، وقال إنها لا تعنيه في شيء وإنه تحمل المسؤولية بصفته عمدة المدينة وقتها. واختير أيرولت رئيسا للحكومة عام 2012، ثم لاحقا وزيرا للخارجية في عهد هولاند.

فرانسوا فيون
واجه فيون عاصفة من الانتقادات بعد كشف جريدة "لو كنار أونشينيه" الساخرة يوم 25 يناير/كانون الثاني 2017 أن زوجة فيون متهمة بالاستفادة من وظائف وهمية في إطار العمل مساعدة برلمانية، وهو ما تقاضت عنه نحو تسعمئة ألف يورو خلال الفترات من 1988-1990، ومن 1998-2007، ثم من 2012-2013.

كما أعلنت الصحيفة أن زوجة فيون تقاضت كذلك نحو مئة ألف يورو لقاء عمل في مجلة ثقافية بين 2012 و2013.

وحسب "لو كانار أونشينيه"، فإن ولديْ فيون تقاضيا 84 ألف يورو بين 2005 و2007 بينما كانا لا يزالان طالبين وذلك لعملهما مساعدين لوالدهما.

وأعلن فيون أنه لن يستسلم للعاصفة وأنه سيواجهها، وقدم لاحقا اعتذارا للفرنسيين عن "خطأ" تشغيل زوجته وولديه معاونين برلمانيين. ورأى أن محاولة دفعه إلى سحب ترشحه تصب تحديدا في مصلحة اليمين المتطرف.

كما أكد أن ما قام به قانوني، ووعد بنشر وثائق تثبت ذلك، وأقر بأن ذلك يطرح إشكالا أخلاقيا أمام الناخبين. وشدد على أنه لن ينسحب من السباق رغم استدعاء القضاء له للمثول بين يديه.

مارين لوبان
في أوج حملتها الانتخابية في فبراير/شباط ومارس/آذار 2017 تفجرت في وجه لوبان فضيحة بعد متابعة مديرة مكتبها، واتهامها بدفع رواتب شهرية تقدر بآلاف اليوروات لبعض النواب بصفتهم مستشارين لها، وذلك بين عامي 2010 و2016.

كما بادر البرلمان الأوروبي يوم 2 مارس/آذار 2017 لرفع الحصانة عن لوبان بعد نشرها صورا لأشخاص قطع تنظيم الدولة الإسلامية رؤوسهم أو أحرق أجسادهم.

وجاء رفع الحصانة بناء على طلب نيابة نانتير في منطقة باريس التي قررت مساءلتها بشأن نشر صور عنف نشرتها على حسابها في تويتر في ديسمبر/كانون الأول 2015، وقد استدعيت لوبان للمثول أمام قاضي تحقيق في أبريل/نيسان 2016 بشأن تلك الصور، لكنها رفضت بحجة أنها نائبة برلمانية ولديها حصانة.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات