تقرير الإسكوا بشأن عنصرية إسرائيل

تقرير دولي يتهم إسرائيل بممارسة اضطهاد للشعب الفلسطيني
أكد التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي أنشأ بالفعل نظام فصل عنصريا (ناشطون)

تقرير اتهم إسرائيل بتأسيس نظام فصل عنصري يهدف إلى تسلّط جماعة عرقية على أخرى، وقدم أدلة ومعطيات تؤكد فرض إسرائيل نظام أبارتايد على الفلسطينيين وتقسيمهم إلى أربع فئات تخضع كل منها لترتيبات قانونية مختلفة. صدر التقرير عن لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (إسكوا).

نشر التقرير يوم 15 مارس/آذار 2017، وبعد نشره بيومين طلبت الأمم المتحدة والولايات المتحدة رسميا سحبه، وتعرضت الأمينة التنفيذية للإسكوا ريما خلف لضغوط من الأمين العام للأمم المتحدة من أجل سحب التقرير.

وعلى خلفية ذلك قدمت ريما خلف استقالتها إلى الأمين العام للمنظمة الأممية، مؤكدة أنها لا تستطيع أن تخالف مبادئها الإنسانية وضميرها.

نص التقرير
وللاطلاع على نص تقرير الإسكوا بشأن الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الفصل العنصري (أبارتايد) كاملا، يمكن الضغط على هذا الرابط باللغة العربية وعلى هذا الرابط بالإنجليزية.

أبرز المضامين
يؤكد التقرير أن إسرائيل أسست نظام أبارتايد يهيمن على الشعب الفلسطيني بأجمعه، وأن الوقائع والأدلة تثبت بما لا يدع للشك مجالا أن إسرائيل بسياساتها وممارساتها مذنبة بارتكاب جريمة الفصل العنصري (أبارتايد) كما تعرفها مواد القانون الدولي.

ورغم أن مصطلح الأبارتايد ارتبط في الأصل بحالة محددة هي حالة جنوب أفريقيا، فإنه أصبح يُطلق على نوع من أنواع الجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي العرفي ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يُعرّف الأبارتايد (جريمة الفصل العنصري) بأنه "أية أفعال لا إنسانية ترتكب في سياق نظام مؤسسي قوامه الاضطهاد المنهجي والسيطرة المنهجية من جانب جماعة عرقية واحدة إزاء أية جماعة أو جماعات عرقية أخرى، وتُرتكب بنيّة الإبقاء على ذلك النظام".

ويؤكد التقرير أن "قصد" الهيمنة العرقية يبدو ظاهرا في عدد من القوانين والممارسات الإسرائيلية، بل يبدو النظام الإسرائيلي مصمما لهذا الغرض بشكل جليّ في مجموعة القوانين الإسرائيلية، وخاصة مبدأ الدولة اليهودية، وهو ما يثبت بما لا يدع مجالاً للشك وجود الغرض والمقصد.

ويقدم التقرير بعض الأمثلة منها سياسة الأراضي، فالقانون الأساسي (الدستور) الإسرائيلي ينص على أنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال نقل الأراضي التي تحتفظ بها دولة إسرائيل أو هيئة التطوير الإسرائيلية أو الصندوق القومي اليهودي، مما يضع إدارة هذه الأراضي تحت سلطة هذه المؤسسات بصورة دائمة، وتدير سلطة أراضي إسرائيل أراضي الدولة، التي تمثل 93% من الأراضي ضمن حدود إسرائيل المعترف بها دوليا، وهي، قانوناً، مُحرّم استخدامها أو تطويرها أو امتلاكها على غير اليهود، وهذه القوانين تجسّد مفهوم "الغرض العام" كما يرد في القانون الأساسي الإسرائيلي.

ورغم أنه يمكن تغيير هذه القوانين بالتصويت في الكنيست، فإن القانون الأساسي ينص على أنه يحظر على أي حزب سياسي الطعن في ذلك الغرض العام. هكذا يجعل القانون الإسرائيلي معارضة الهيمنة العرقية غير قانونية فعلا.

ويضيف التقرير أن الهندسة الديمغرافية تمثل أحد المجالات التي تخدم سياسات إسرائيل في الحفاظ عليها دولة يهودية. وأشهر قانون في هذا الصدد هو قانون العودة الذي يمنح اليهودي أيا كان بلده الأصلي حق دخول إسرائيل والحصول على جنسيتها، في حين يُحجب عن الفلسطينيين أي حق مماثل بصرف النظر عما يحملونه من وثائق وإثباتات.

ويستنتج التقرير أن إستراتيجية تفتيت الشعب الفلسطيني أسلوب رئيسي تفرض إسرائيل به نظام الأبارتايد، ويبحث في الكيفية التي أدى بها تاريخ الحروب والتقسيم والضم الرسمي وحكم الواقع والاحتلال المديد في فلسطين -ولا يزال يؤدي- إلى تقسيم الشعب الفلسطيني على مناطق جغرافية مختلفة تدار بمجموعات مختلفة من القوانين، حيث تعمل هذه التجزئة على تثبيت نظام الهيمنة العنصرية الإسرائيلي وإضعاف إرادة الشعب الفلسطيني وقدرته على مقاومة موحدة وفعّالة.

ويوضح التقرير أنه منذ عام 1967، يعيش الشعب الفلسطيني في أربعة "فضاءات"، يُعامل فيها السكان الفلسطينيون معاملة مختلفة في الظاهر، لكنهم يتشاركون في الواقع اضطهادا عنصرياً في ظل نظام الأبارتايد. وهذه الفضاءات هي القانون المدني -مقترناً بقيود خاصة- المطبق على الفلسطينيين الذين يعيشون مواطنين في إسرائيل، وقانون الإقامة الدائمة المطبق على الفلسطينيين الذين يعيشون في مدينة القدس، والقانون العسكري المطبق على الفلسطينيين الذين يعيشون منذ عام 1967 في ظل الاحتلال العسكري للضفة الغربية وقطاع غزة، ومنهم من يعيشون في مخيّمات اللجوء، والفضاء الأخير تمثله السياسة التي تمنع عودة الفلسطينيين، سواء كانوا لاجئين أم منفيين يعيشون خارج المناطق الواقعة تحت سيطرة إسرائيل.

ويضم الفضاء الأول حوالي 1.7 مليون فلسطيني يتعرضون اليوم للضطهاد لأنهم ليسوا يهودا، أما الفضاء الثاني فيعيش فيه نحو 300 ألف فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية، ويعانون التمييز في الحصول على التعليم والرعاية الصحية والعمل وفي حقوق الإقامة والبناء.

ويشمل الفضاء الثالث قرابة 6.6 ملايين من الفلسطينيين الذين يعيشون في الأرض الفلسطينية المحتلة، 4.7 ملايين منهم في الضفة الغربية و1.9 مليون في قطاع غزة. وتدار هذه الأرض على نحو يتطابق تماما مع تعريف الأبارتايد في اتفاقية مناهضة الأبارتايد.

ويشمل الفضاء الرابع ملايين الفلسطينيين اللاجئين والمنفيين قسراً الذين يعيش معظمهم في البلدان المجاورة ويحظر عليهم العودة إلى ديارهم في إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، وتبرر إسرائيل رفضها عودة الفلسطينيين بعبارات عنصرية صريحة.

ويخلص التقرير إلى أن حجم الأدلة يدعم بما لا يدع للشك مجالاً أن إسرائيل مذنبة بجريمة فرض نظام أبارتايد على الشعب الفلسطيني، مما يصل إلى حدّ ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، وتلك جريمة يعتبر القانون العرفي الدولي حظرها قاعدة من القواعد الآمرة، والمجتمع الدولي ولا سيما الأمم المتحدة ووكالاتها والدول الأعضاء ملزمة جميعها إلزاماً قانونياً بالتصرف ضمن حدود قدراتها للحؤول دون نشوء حالات الأبارتايد ومعاقبة المسؤولين عن هذه الحالات.

المصدر : الجزيرة + وكالات