أزمة دارفور من 2003 إلى 2016

Children gather to buy ice cream in Abu Shock IDPs camp in Al Fashir, capital of North Darfur, Sudan, September 6, 2016. REUTERS/Mohamed Nureldin Abdallah
نشرت الأمم المتحدة عام 2008 تقريرا قدرت فيه عدد نازحي دارفور بنحو 2.5 مليون شخص (رويترز)

بدأ النزاع المسلح في إقليم دارفور منذ عام 2003 عندما ثار المتمردون ضد نظام الرئيس عمر البشير، مشيرين إلى أنهم يتعرضون للتهميش.

وكان قرار حكومة الرئيس البشير عام 1994 بتقسيم دارفور إلى ولايات بدلا من إقليم واحد من أسباب اندلاع التمرد المسلح.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية عام 2009 مذكرة اعتقال للبشير بتهمة "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور"، ثم أضافت اتهامه بـ"الإبادة الجماعية" عام 2010، ورفض البشير الاعتراف بالمحكمة وقال إنها "أداة استعمارية" موجهة إلى بلاده والأفارقة عموما.

وتنتشر في الإقليم منذ 2008 بعثة حفظ سلام مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، يتجاوز عدد أفرادها عشرين ألفا من العسكريين وعناصر الشرطة والموظفين من مختلف الجنسيات.

وفي ما يلي تسلسل زمني لتاريخ الصراع في دارفور منذ 2003 وحتى عام 2016.

2003
أعلنت حركتان مسلحتان هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة تمردهما على السلطة المركزية في الخرطوم، متهمتين إياها بتهميش إقليمهما.

وأربك التمرد الجديد خطط الحكومة التي كانت أحرزت آنذاك تقدما كبيرا في مفاوضاتها مع حركة متمردة في جنوب البلاد وهي الحركة الشعبية لتحرير السودان وتوجت بالفعل باتفاق سلام في مطلع 2005 مهد لانفصال جنوب السودان في يوليو/تموز 2011 بموجب استفتاء شعبي منصوص عليه في الاتفاقية.

وقتها كانت أخبار الحرب في دارفور تتصدر نشرات الأخبار في كبريات وسائل الإعلام الغربية، وبالمقابل كانت الخرطوم تتهم واشنطن بتضخيم الحرب وتزييف الوقائع على الأرض للتغطية على غزوها أفغانستان والعراق بين 2001 و2003.

وفيما كانت الدول الغربية تطالب بنشر قوات حفظ سلام أممية لحماية المدنيين في دارفور كانت الخرطوم ترفض ذلك لكنها قبلت في 2004 بنشر قوات تابعة للاتحاد الأفريقي.

2005
بدأت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا بشأن جرائم الحرب في دارفور بتفويض من مجلس الأمن الدولي لكن الحكومة رفضت الاعتراف بسلطتها.

2006
تغيرت الأوضاع لصالح الحكومة عندما حدث انشقاق في حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد نور قاده القائد الميداني للحركة أركو مناوي.

وفي العام نفسه نجح فريق وساطة أفريقي في إبرام اتفاق سلام بين الحكومة وحركة تحرير السودان بزعامة أركو مناوي بعد مفاوضات شاقة في العاصمة النيجيرية أبوجا، بينما رفض نور الاتفاق وكذلك حركة العدل والمساواة التي كان يتزعمها وقتها خليل إبراهيم، لكن اتفاق السلام الجزئي لم يخفف الضغط الدولي على الحكومة حيث تصاعدت وتيرة اتهام قواتها بارتكاب جرائم ضد المدنيين المؤيدين للمتمردين مع اتهام لبعثة حفظ السلام الأفريقية بالعجز عن حماية المدنيين.

2008
مع تزايد الضغط الدولي اضطرت الحكومة لقبول نشر بعثة حفظ سلام مشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة عوضا عن البعثة الأفريقية، وفي ذات العام نشرت الأمم المتحدة تقريرا قدرت فيه عدد القتلى منذ اندلاع الحرب بنحو ثلاثمئة ألف قتيل مع نزوح 2.5 مليون شخص من قراهم، لكن الحكومة رفضت التقرير وقالت إن عدد القتلى لم يتجاوز عشرة آلاف شخص.

مارس/آذار 2009
شهد ملف إقليم دارفور تحولا محوريا عندما حررت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم، وأضافت لها تهمة الإبادة الجماعية في العام التالي. وكانت هذه أول مرة تطلب فيها المحكمة اعتقال رئيس بلد أثناء ولايته، لكن البشير رفض الاعتراف بالمحكمة واعتبرها مجرد "أداة استعمارية موجهة ضد القادة الأفارقة".

نهاية 2009
منحت مذكرة الاعتقال حركات التمرد دفعة معنوية، غير أنه مع قرب نهاية عام 2009 فقدت تلك الحركات الدعم الذي كان يوفره لها الرئيس التشادي إدريس ديبي الذي تحسنت علاقته مع الحكومة بتوقيع اتفاق يمنع أي طرف من دعم المتمردين على الطرف الآخر.

2010
تعرضت عملية السلام الجزئية لانتكاسة عندما عاد أركو مناوي للتمرد مرة أخرى متهما الحكومة بالتنصل من تنفيذ الاتفاق الذي كان قد تقلد بموجبه منصب كبير مساعدي الرئيس.

وتزامن ذلك مع بدء محادثات كانت ترعاها قطر بين الحكومة وحركة العدل والمساواة بينما رفضت حركة نور المشاركة فيها، ولم تسفر المفاوضات عن اتفاق لكن وقتها كانت مجموعات منشقة عن حركات التمرد الثلاث الرئيسية قد انتظمت في حركة واحدة باسم التحرير والعدالة بزعامة التجاني سيسي.

14 يوليو/تموز 2011
وقعت حركتا تحرير السودان والعدل والمساواة في الدوحة على اتفاق سلام بعد مفاوضات طويلة استغرقت ثلاثين شهرا برعاية الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وقطر إلا أن بقية الحركات رفضت الانضمام له رغم الدعم الدولي الذي حظي به.

وبناء على اتفاق الدوحة شكلت سلطة إقليمية في دارفور آلت رئاستها إلى التجاني سيسي وتقلد عدد من معاونيه حقائب وزارية، ونص الاتفاق أيضا على إجراء استفتاء يحدد الوضع الإداري للإقليم.

نوفمبر/تشرين الثاني 2011
شكلت حركات دارفور تحالفا عسكريا مع الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تحارب الحكومة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق المتاخمتين لدولة جنوب السودان ترتب عليه تصعيد عسكري أوسع مع القوات الحكومية.

ديسمبر/كانون الأول 2011
تعرضت حركة العدل والمساواة التي ينظر لها كأقوى الحركات في دارفور لانتكاسة عندما لقي زعيمها خليل إبراهيم حتفه بغارة جوية لم تكشف الحكومة عن تفاصيلها، وكان خليل يتمتع بكاريزما سياسية وعسكرية فقدتها حركته التي اختارت شقيقه جبريل خلفا له وتوعدت الحكومة بالثأر لمصرع مؤسسها.

مطلع 2014
طرأ تغير محوري على المشهد عندما دعا الرئيس عمر البشير خصومه إلى حوار شامل تبناه الاتحاد الأفريقي الذي فوض فريق وساطة بقيادة رئيس جنوب أفريقيا السابق ثابو أمبيكي لإنجاحه.

لكن لم تسفر عدة جولات عقدها الوسيط بين الحكومة والحركات المسلحة في إحراز تقدم. وعقدت المفاوضات بعدما وقع "نداء السودان"- وهو تحالف أوسع شكلته في نهاية 2014 الحركات المسلحة وأحزاب المعارضة الرئيسية- على خريطة طريق طرحها الوسيط بعد أشهر من رفضها حيث وقعت عليها الحكومة بشكل منفرد.

من 2014 إلى 2016
عقدت هذه المفاوضات تحت مسارين، الأول يضم الحكومة وحركتي إبراهيم ومناوي اللتين تحاربان في دارفور، والثاني الحركة الشعبية التي تقاتل في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. ولم تشارك في هذه المباحثات حركة نور التي خاضت معارك عنيفة ضد الجيش في يناير/كانون الثاني 2016 في معقلها بجبل مرة تسببت في نزوح أكثر من 130 ألف نازح وفقا لبيانات أممية.

وكانت المفاوضات تهدف إلى وقف الأعمال العدائية وتمرير الإغاثة للمتضررين ثم الاتفاق على أجندة لحوار أشمل يضم أحزاب المعارضة لمناقشة القضايا القومية، وعلى رأسها أزمة الحكم وإصلاح الاقتصاد. ولم يعلن الوسيط أمبيكي حتى الآن موعدا لاستئناف المباحثات التي ينشط أيضا في تسريعها عدد من الدبلوماسيين الغربيين، على رأسهم المبعوث الأميركي دونالد بوث.

أبريل/نيسان 2016
وسط هذا الانقسام نظمت الحكومة بموجب اتفاق الدوحة استفتاء لتحديد الوضع الإداري لدارفور بوصفه آخر مراحل تطبيق هذا الاتفاق وسط دعوات من الحركات المسلحة لمقاطعته.

وكان على الناخبين الاختيار ما بين تكوين إقليم واحد بحكومة تتمتع بصلاحيات واسعة أو الإبقاء على الوضع الإداري القائم الذي يقسم بموجبه الإقليم لخمس ولايات، وهو ما تفضله الحكومة السودانية، وهو أيضا ما صوت له بالفعل أغلب الناخبين.

يشار إلى أن نظام الحكم في السودان فدرالي، حيث تتشكل البلاد من 18 ولاية لكل منها حكومة محلية، وفي حال اختار الدارفوريون نظام الإقليم يتعين على الحكومة تضمين خيارهم في نص الدستور.

وبنتيجة الاستفتاء انتهى أجل السلطة الإقليمية لدارفور التي يرأسها زعيم حركة التحرير والعدالة التجاني سيسي، لكن الحكومة تعهدت بمواصلة مشاريع الإعمار المنصوص عليها في اتفاق الدوحة ولم يكتمل تنفيذها بعد.

وكانت قطر الدولة الوحيدة التي مولت المشاريع التنموية في الإقليم وفاء لتعهداتها خلال مؤتمر المانحين الذي استضافته في أبريل/نيسان 2013 لإعادة إعمار الإقليم.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول