أهم مضامين اتفاق السلام الكولومبي

Colombian President Juan Manuel Santos (C-L) hands over a pin with the image of the dove of peace to Chief of Revolutionary Armed Forces of Colombia (FARC) Rodrigo Londono Echeverri (C-R), alias 'Timochenko', after the signing the peace agreement between Colombia's government and FARC to end over 50 years of conflict, in Cartagena, Colombia, 26 September 2016. The pact is the result of nearly four years of talks in Havana and was signed at a solemn ceremony in Cartag
توقيع اتفاق السلام النهائي أنهى حربا أهلية في كولومبيا هي الأقدم والأطول بأميركا اللاتينية (الأوروبية)

اتفاق سلام ثنائي أبرمته حكومة كولومبيا ومتمردو "القوات المسلحة الثورية الكولومبية" (فارك) يوم 26 سبتمبر/أيلول 2016، فأنهى حربا أهلية تعتبر الأقدم والأطول في أميركا اللاتينية، واستغرقت مفاوضاته أكثر من أربعة أعوام.

السياق التاريخي
بدأت منظمة "فارك" الماركسية المنبثقة عن تمرد للفلاحين صراعها المسلح مع الحكومة الكولومبية عام 1964، وشاركت معها فيه -على مر العقود- عدة حركات تمرد يسارية متطرفة، فدخلت في حرب أهلية استمرت اثنتين وخمسين سنة مع الجيش الكولومبي وقوات شبه عسكرية يمينية متطرفة.

وقد أسفرت هذه الحرب -حسب الأرقام الكولومبية الرسمية- عن سقوط حوالي 260 ألف قتيل، وفقد 45 ألف شخص، وتهجير 6,9 ملايين آخرين عن مناطقهم.

وفي عام 2010 شرع رئيس البلاد خوان سانتوس في جر المتمردين إلى طاولة المفاوضات الرسمية، ثم تولت في عام 2014 رعايتَها كوبا -التي كانت لعقود الداعم السياسي والممول لعسكري لـ"فارك"- والنروج، بمواكبة من فنزويلا وتشيلي، ودعمٍ من الأمم المتحدة وأميركا وبابا الفاتيكان فرانشيسكو.

استقدم الصليب الأحمر آنذاك قادة "فارك" -التي تناقصت أعداد مقاتليها من نحو عشرين ألفا إلى سبعة آلاف- من معسكراتهم في الغابات إلى مساكن آمنة في ضواحي العاصمة الكوبية هافانا، للشروع في المفاوضات مع الوفد الحكومي الكولومبي.

وفي 23 يونيو/حزيران 2016 وقع الرئيس الكولومبي سانتوس وزعيم فارك تيموليون خيمينيز هدنة في احتفال رسمي بالعاصمة الكوبية هافانا، حضره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والرئيس الكوبي راؤول كاسترو ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو.

وفي 24 أغسطس/آب 2016 وقع الجانبان "اتفاق سلام نهائيا وكاملا وحاسما" في العاصمة الكوبية، لتختتم بذلك مفاوضات شاقة بين الطرفين دامت أربع سنوات، واستغرقت إحدى جولاتها أسبوعا من الجلسات المتواصلة.

وفي 26 سبتمبر/أيلول 2016 وقع الرئيس سانتوس وقائد "فارك" خيمينيز اتفاق السلام النهائي بين الطرفين بعد أن أقرته "فارك" في مؤتمر لأعضائها عقدته يوم 23 سبتمبر/أيلول 2016، لكنهما هذه المرة وقعاه على أرض الوطن وفي حفل ضخم أقيم بمدينة قرطاجنة الساحلية شمالي كولومبيا.

وفي لفتة رمزية، جرى توقيع الاتفاق -المؤلف من 297 صفحة- بقلم مصنوع من رصاصة أعيد تدويرها، ونُقشت عليها عبارة "الرصاص كتب ماضينا.. والتعليم مستقبلنا"، وسط حضور ضم 2500 مدعو ارتدوا ملابس بيضاء، بينهم بعض ضحايا النزاع و14 رئيس دولة وحكومة ووزير خارجية.

ومن الشخصيات التي شاركت في حفل التوقيع الرئيس الكوبي، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس منظمة الدول الأميركية لويس ألماغرو، ووزيرا خارجية الولايات المتحدة جون كيري، والفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين.

أبرز المضامين
يتألف اتفاق السلام بين الحكومة الكولومبية و"فارك" من ستة فصول تعالج القضايا التالية:

1- إنهاء المواجهات: فعند الساعة صفر بالتوقيت الكولومبي المحلي (05,00 ت غ) من يوم 29 أغسطس/آب 2016 دخل حيزَ التنفيذ أولُ وقف لإطلاق النار من الجانبين نص الاتفاق على أنه "نهائي".

وسيتم التحقق من وقف إطلاق النار وفق آلية ثلاثية تضم الحكومة الكولومبية ومنظمة "فارك" وبعثة من الأمم المتحدة.

ويشمل إنهاء القتال نزع أسلحة المتمردين المقاتلين بإشراف أممي، مع تقديم ضمانات أمنية للمقاتلين السابقين بعدم الاعتقال أو الملاحقة، والتزام الحكومة بمكافحة العصابات المسلحة الناشئة عن قوات شبه عسكرية يمكن أن تحاول السيطرة على معاقل "فارك" السابقة.

وستقام 23 منطقة أمنية وثمانية مخيمات من أجل تسريح مقاتلي "فارك"، وسيخرجون منها بلا سلاح بعد 180 يوما على الأكثر من توقيع الاتفاق النهائي، على أن يندمج مقاتلوها المسرحون في الحياة المدنية.

2- تعويضات الضحايا: نص الاتفاق على بدء الطرفين تطبيق اتفاقهما الذي وقعاه في ديسمبر/كانون الأول 2015 لتقديم تعويضات إلى ضحايا "فارك"، ومعاقبة المسؤولين عن "الانتهاكات الخطيرة".

لكن الاتفاق يقضي بألا يوضع أي من قادة الحركة في السجن، وذلك شريطة اعترافهم "بشكل صادق" بالجرائم التي ارتكبوها، بعد عرضهم على محاكم خاصة بمعرفة الحقيقة والمصالحة.

وفي هذا الإطار، ستنشأ محاكم خاصة لمحاكمة المتمردين وعناصر الدولة المتورطين في جرائم وانتهاكات خطيرة مرتبطة بالنزاع.

وسيحاكِم 48 قاضيا -بينهم عشرة أجانب- هؤلاء الأشخاص المتورطين في "جرائم خطيرة"، مثل عمليات الخطف والاغتصاب والتهجير القسري أو تجنيد القاصرين.

3- تهريب المخدرات: سمح تهريب المخدرات -خاصة الكوكايين- بتغذية النزاع وتأجيجه بين الطريفين اعتبارا من ثمانينيات القرن العشرين، وكذلك الفديات التي كانت "فارك" تحصل عليها من خطف الرهائن.

وفي مايو/أيار 2014 أبرم متمردو "فارك" اتفاقا مع الحكومة لإنهاء أنواع الزراعة غير المشروعة في مناطق نفوذهم. ومن المقرر -حسب الاتفاق النهائي- أن تواصل السلطات مكافحة تهريب المخدرات في مناطق سيطرة "فارك"، لكنها ستقدم للمزارعين مصادر بديلة للدخل وبرنامجا للصحة العامة.

4- سياسة بلا أسلحة: خلال ستة أشهر من توقيع السلاح ستلقي منظمة "فارك" السلاح وتتحول إلى حزب سياسي. وقد تعهدت الحكومة بأن تخصيص لها عشرة مقاعد مؤقتة في البرلمان مدة ثماني سنوات.

وستقام دوائر خاصة للسلام في المناطق التي شملها النزاع بشكل خاص، حيث يمكن انتخاب أعضاء لا يمثلون أحزابا تقليدية.

5- الإصلاح الزراعي: كان الدفاع عن الفلاحين الفقراء وضحايا عنف كل من الدولة وكبار ملاك الأراضي هو السبب في ظهور حركة "فارك" عام 1964.

وفي مايو/أيار 2013، توصل المتمردون إلى اتفاق مع الحكومة ينص على توزيع أراض عليهم، والحصول على قروض، وإقامة خدمات أساسية في مناطق النزاع. وسيتطلب تمويل هذا الشق من الاتفاق استثمارات بملايين الدولارات على الأمد الطويل.

6- المصادقة على اتفاق السلام النهائي: سينظم استفتاء شعبي يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول بشأن اتفاق السلام هذا والتفاهمات السابقة المتأسس عليها. وسيُطلب من المصوتين فيه الإجابة عن سؤال واحد، هو: "هل تؤيد الاتفاق الذي يُنهي الصراع المسلح ويبني دولة مستقرة وراسخة؟".

وإذا وافقت أغلبية المصوتين الكولومبيين على الاتفاق فسيتحول إلى قانون يجري تنفيذه، وسيُلغى إذا رفضته الأغلبية. لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أنه سيحصل بسهولة على الموافقة المطلوبة لإقراره.

المصدر : الجزيرة + وكالات