بيان الحركة الإسلامية-بيت المقدس بشأن المسجد الأقصى

مصلى قبة الصخرة في المسجد الأقصى
مصلى قبة الصخرة في المسجد الأقصى (الجزيرة)

حذرت الحركة الإسلامية-بيت المقدس من خطر داهم يحيق بالمسجد الأقصى المبارك ترعاه سلطات الاحتلال بهدف تقسيمه، تمهيدا لإقامة هيكله المزعوم، ونبهت إلى أن الاحتلال يشدد الحصار على القدس، ويزيد التضييق على سكانها العرب.

وذكرت الحركة في بيان لها أن الاحتلال يمعن فسادا في الأقصى عبر إبعاد المصلين وعماره لا لشيء إلا لمجرد أنهم يقومون بواجبهم تجاه مسجدهم من الرباط والسدانة والحراسة والصيانة والتعمير، فما أبقوا مؤسسة لخدمة القدس والأقصى إلا أغلقوها، وفيما يلي نص البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى "ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم" البقرة 114، ستبقى القدس شوكة في حلوق الظالمين.

يا شعبنا المرابط في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، يا أبناء أمتنا الإسلامية في كل مكان،
ها هو الاحتلال الصهيوني يمعن فسادا في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على نهجه الذي انتهجه منذ بداية احتلاله له في العام 1967، وقد وصلت بهم الوقاحة والصلف أن يبعدوا أهل المسجد الأقصى وعماره عنه، لا لشيء إلا لمجرد أنهم يقومون بواجبهم تجاه مسجدهم من الرباط والسدانة والحراسة والصيانة والتعمير، فما أبقوا مؤسسة لخدمة القدس والأقصى إلا أغلقوها.

وما زالت قطعان مستوطنيهم تقتحم القبلة الأولى على مرأى من العالم ومسمعه، يدنسون ساحاته ومصاطبه ومعالمه في محاولات يائسة ومجرمة لتثبيت أساطيرهم المكذوبة في المسجد الأقصى، وسعيا نحو تقسيمه وإقامة هيكلهم المزعوم على ثراه الطاهر.

ولا يزال أبناء القدس وأهلها يدافعون عن ثرى مسجدهم بكل ما يملكون من مقومات الرباط والثبات، بالتكبير تارة وبالمواجهات والعمليات البطولية في ساحات الأقصى وأزقة القدس وأحيائها وربى فلسطين الغالية تارة أخرى.

وهم لن يألوا جهدا بحول الله وقوته في الدفاع عن مسجدهم وإرسال رسالة واضحة للاحتلال وأذنابه أن مشاريعهم في المسجد الأقصى المبارك والقدس لن تمر دون مقاومة نبذل فيها الغالي والنفيس امتثالا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مقام الطائفة المنصورة في آخر الزمان "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك ، قالوا وأين هم؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس". رواه الإمام أحمد.

وقد ظن الاحتلال واهما أن الأمة اليوم قد انشغلت في حروبها ومعاركها من أجل نيل الحرية والكرامة عن نصرة قدسها ومسرى نبيها، ولم يعلم أن ما يجري اليوم في ساحات الجهاد والإعداد إلا مقدمة الزحف المنشود لتحرير بيت المقدس من دنسه وظلمه وجبروته مصداقا لقوله عز وجل "فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا" الإسراء 7.

يا أبناء أمتنا الميامين في كل مكان
إن ما يجري في القدس وفي المسجد الأقصى المبارك اليوم من استهداف للمقدسيين في كل جوانب حياتهم هو أمر غير مسبوق، ولعله يشكل الحلقة الأخطر في مشروع تهويد المدينة واقتلاع أهلها منها لا قدر الله.

فقد شعر الاحتلال بأن أحلامه ومخططاته في السيطرة على المسجد وإقامة هيكله المزعوم هي قاب قوسين أو أدنى، حيث أطلق العنان لأجهزته ومستوطنيه في استهداف كل من يعمل للمسجد الأقصى المبارك ابتداء بدائرة الأوقاف الإسلامية ولجنة إعمار المسجد وحراسه والعاملين فيه، وقبل ذلك جميعا مرابطو المسجد الأقصى من رجال ونساء وأطفال وهيئات ومؤسسات وصولا إلى حظر الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني بسبب ما تقوم به من مشاريع لخدمة القدس والمسجد الأقصى.

كما أن الاستيطان ومصادرة الأراضي قد أحاط بالقدس ووصل إلى قلب الأحياء العربية فيها، وهو الأمر الذي لم يجد سوى إدانات الشجب والاستنكار واستشعار القلق من الجهات الدولية والعربية والإسلامية مما لا تعبأ له سلطات الاحتلال.

كما تضاعف هدم البيوت بشكل كبير، وتزايدت قيمة الغرامات والضرائب المفروضة على الأهالي بحجج مختلفة إلى أرقام فلكية لم نعرفها من قبل، وتزايد استهداف المقدسيين في النواحي الاجتماعية والأخلاق والتعليم، وفي سبل معيشتهم وأرزاقهم، وذلك بهدف تهجير أهالي القدس من الثغر الذي يرابطون عليه ليل نهار.

لقد أصبحت الحياة في القدس صعبة للغاية في ظل عدم توفر البيوت والمساكن، وارتفاع قيمة الإيجارات بشكل غير مسبوق، كما أن جدار الفصل العنصري قد أكمل خنقه للأحياء المقدسية وأبعد القدس عن محيطها وامتدادها الطبيعي مع الضفة الغربية، وأصبحت رحلة الذهاب إلى مناطق خلف الجدار قطعة من العذاب والمذلة والمهانة على معابر التفتيش الصهيونية.

وإننا في الحركة الإسلامية في بيت المقدس لا نستعرض هذه الهموم للشكوى، فالشكوى لغير الله مذلة، وهي ضريبة الرباط التي علمناها في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "من نزل ساحلا من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في رباط إلى يوم القيامة".

ونحن نرجو الأجر وندخره إلى يوم القيامة، ونسأله أن يخلص نياتنا لوجهه الكريم، وانما أردنا أن نضع أمتنا وعلماءها ودعاتها وقادتها وشعوبها في صورة ما يحدث في القدس، فهي امتدادنا والحضن الذي نلتجئ إليه بعد الله عز وجل حين تشتد الصعاب وتزداد المحن، واثقين من نصرتها ووقوفها إلى جانب قضيتها المركزية ومسرى نبيها وقبلتها الأولى كما فعلت حين حررتها من براثن الصليبيين والمستعمرين، ودافعت عنها بالغالي والنفيس.

وإننا اليوم على يقين بأن ظلام ليل الاحتلال في ساعاته الأخيرة قبل انبلاج فجر الحرية والتحرير لمسرانا وقدسنا وشعبنا بحول الله وقوته، "والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون" يوسف 21.

الحركة الإسلامية-بيت المقدس
السابع من ذي القعدة 1438 هجري الموافق للعاشر من أغسطس/آب 2016 ميلادي

المصدر : الجزيرة