احتجاجات البحرين

Bahraini protesters march during an anti-government demonstration in the village of Karranah, west of Manama, on March 1, 2013. Bahrain has witnessed two years of political upheaval linked to opposition demands for a real constitutional monarchy, with the unrest claiming at least 80 lives, according to international rights groups. AFP PHOTO/MOHAMMED AL-SHAIKH
مسيرة احتجاجية مناهضة لحكومة البحرين غرب المنامة (الفرنسية)
تعود جذور احتجاجات البحرين (2011) إلى عقود من الزمن، وهي متعلقة بالموقع الجغرافي والتركيبة الطائفية، وقد تفاوتت حدتها ومظاهرها ومطالبها وما أسفرت عنه من ضحايا وقرارات سياسية.
 
فقد شهدت الجزيرة الصغيرة تحركا شعبيا عام 1922 لإلغاء ما كان يسمى في حينه بنظام السخرة والضرائب، إذ كان حاكم البلاد يفرض ضرائب على الأنفس فوق سن 15، وتمت الاستجابة للمطلب بتدخل بريطاني.
 
وفي ثلاثينيات القرن الماضي بدأت تحركات شعبية عامة للمطالبة بمجلس تشريعي وهيئات محلية منتخبة، وأخرى نقابية تتعلق بأجور العمال في شركات النفط حديثة النشأة في ذلك، وشهدت العقود التالية محطات من الخلاف أدت إلى مواجهات طائفية.


بعد الاستقلال
بعد استقلال البحرين عام 1971، دخلت البلاد مرحلة جديدة، حيث أجريت أول انتخابات نيابية وبلدية عام 1973، لكن سرعان ما تم حل المجلس بعد خلافه مع الحكومة، فكان ذلك بداية مشوار من الاحتجاجات المطالبة بإصلاحات تقلل سلطات الأمير (تحولت البحرين إلى مملكة عام 2002).

استمرت مطالب الإصلاح طوال الثمانينيات، لكنها قوبلت بالقمع أحيانا والحوار أحيانا أخرى، دون الوصول إلى نتيجة، بل اتهمت الحكومة بتقريب السنة إليها وإبعاد الشيعة، وهو ما دأبت الحكومة على نفيه باستمرار.

ومع مطلع التسعينيات وتحديدا في عام 1992 تزايدت وتيرة المطالبة بإعادة الحياة النيابية وتأسيس التنظيمات والنقابات في البحرين، فتم التوقيع على عريضة بهذا المضمون، وعريضة أخرى عام 1994، لكن السلطات البحرينية اعتقلت أبرز الموقعين عليها وبينهم الشيخ علي سلمان الأمين العام لـ جمعية الوفاق المعارضة.

وتعتبر احتجاجات التسعينيات التي استمرت حتى 1999 الأعنف في البحرين حيث أعقبت اعتقال عدد من قيادات المعارضة مسيرات في البلاد استمرت أسبوعا كاملا، وأسفرت عن عشرات القتلى والجرحى وأعمال حرق وتخريب واعتقالات وإبعاد.

بعد تولي الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم -عقب وفاة والده عام 1999- شهدت البلاد فترة من الهدوء، حيث اتخذ خطوات للإصلاح، منها الإفراج عن المعتقلين وتدشين ميثاق العمل الوطني.

 لكن سرعان ما عادت أجواء التوتر، حيث قررت المعارضة مقاطعة انتخابات 2002، لكن المعارضة انقسمت لاحقا فقرر بعض أقطابها المشاركة في انتخابات 2006، وشاركت لاحقا بشكل أوسع في انتخابات 2010.

14 فبراير
في 14 فبراير/شباط 2011 انطلقت احتجاجات جديدة واتخذت منحى مختلفا بارتفاع سقف المطالب من الإصلاحات إلى إسقاط الحكومة بمزيد من الاعتصامات والمسيرات، في المقابل اتخذت الحكومة بعض القرارات لامتصاص غضب المحتجين.

بدأت الأحداث بمسيرة انطلقت باتجاه ميدان اللؤلؤة في العاصمة المنامة الذي أصبحت مقرا للمحتجين، يوم الاثنين 14 فبراير/شباط 2011، بدعوة من "شباب 14 فبراير" لكن الأحداث تسارعت بعد ذلك، وتحولت المسيرة إلى مواجهات مع أجهزة الأمن قتل خلالها عدد من المتظاهرين.

فجر 17 فبراير/شباط دهم جيش البحرين المعتصمين في ميدان اللؤلؤة، فسقط ثلاثة قتلى على الأقل، وعدد كبير من الجرحى، وفي اليوم التالي شهدت البلاد مسيرات ومظاهرات في مناطق مختلفة، أسفرت عن سقوط ضحايا جدد.

استمرت الاعتصامات والمظاهرات في مختلف قرى ومدن البحرين، وصاحبتها اشتباكات مع قوات الأمن، وساعد إعلان الجيش الانسحاب من ميدان اللؤلؤة على عودة المعتصمين إليه مجددا، وفي 22 فبراير/شباط، انطلقت مسيرة وصفت بأنها الأكبر في تاريخ البحرين، تطالب -كسابقاتها- بإصلاح سياسي، فيما قرر الملك الإفراج عن مجموعة من السجناء.

امتصاص الغضب
في 25 فبراير/شباط 2011، أصدر ملك البلاد مرسوما أقال بموجبه أربعة وزراء، بعد قرار الإفراج عن عدد من المعتقلين السياسيين، كما أسقط 25% من القروض الإسكانية على المواطنين، فيما أقرت دول الخليج دعما للبحرين اقتصاديا بمليارات الدولارات.

كما أعلن وزير الداخلية راشد بن عبد الله آل خليفة عن خطة لتوظيف عشرين ألف شخص، وأعلن وزير الإسكان عن خطط لبناء خمسين ألف مسكن.

وفي 7 مارس/آذار انتقلت الاعتصامات إلى مقر الحكومة البحرينية، للمطالبة بإسقاط الحكومة وتنحية رئيسها، وتكررت المسيرات في أماكن مختلفة، فيما خرجت مسيرات ضخمة مقابلة تطالب ببقاء الحكومة.

ومع حلول 14 مارس/آذار 2011، دخلت البحرين قوات درع الجزيرة، وهي قوة مشتركة من دول الخليج بدعوة من البحرين لحماية المصالح الإستراتيجية وهو ما رفضته المعارضة، وفي اليوم التالي تمكنت قوات الأمن البحرينية من فض الاعتصام في دوار اللؤلؤة، وقتل شرطيان خلال مواجهات مع المتظاهرين.

تراجعت وتيرة الاحتجاجات بعد ذلك، وإن بقي التوتر قائما بين السلطات البحرينية والمعارضة التي اعتقل وحوكم بعض رموزها ومن بينهم علي سلمان الذي توبع منذ بداية عام 2015 قبل أن يحكم عليه في يونيو/حزيران 2015 بأربع سنوات سجنا بعد إدانته بتهم بينها "إهانة وزير الداخلية".

المصدر : الجزيرة