المسار السياسي بين العرب وإسرائيل حتى اتفاقية كامب ديفد

اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل - كامب ديفيد

بعد أن صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على القرار 181 لتقسيم فلسطين وإقامة دولة يهودية على 56% من مساحة فلسطين دون القدس، توالت المبادرات والتحركات السياسية التي مرت بعدة محطات مهمة كان لها تأثير في جولات الصراع العربي الإسرائيلي ومستقبل العلاقة بين الطرفين.

ومع إعلان قيام دولة إسرائيل يومي 14 و15 مايو/أيار 1948 ومسارعة واشنطن وموسكو للاعتراف بها, أعلن العرب الحرب على إسرائيل بمشاركة جيوش خمس دول عربية هي مصر وسوريا والأردن والعراق ولبنان.

بين الحرب والهدنة:
أعلنت الهدنة الأولى بين العرب وإسرائيل يوم 12 يونيو/حزيران 1948، لكنها سرعان ما انهارت واستمر القتال حتى صدور قرار مجلس الأمن يوم 16 يوليو/تموز 1948 بوقف القتال في غضون ثلاثة أيام, وهو ما وافقت عليه الحكومات العربية.

في 25 يناير/كانون الأول 1949 أعلن مجلس الأمن الهدنة الثانية في حرب فلسطين, في حين كانت إسرائيل تحتل ميناء إيلات على خليج العقبة, ثم أصبحت في مايو/أيار من العام نفسه عضوا في الأمم المتحدة.

انتهى العدوان الثلاثي على مصر -من قبل إسرائيل وبريطانيا وفرنسا 1956- بموافقة إسرائيل على طلب الأمم المتحدة بالانسحاب من غزة وسيناء وشرم الشيخ في أول مارس/آذار 1957 دون قيد أو شرط.

لكن التوتر تواصل واندلعت حرب 5 يونيو/حزيران 1967 التي على إثرها احتلت إسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية في فلسطين وشبه جزيرة سيناء المصرية ومرتفعات الجولان السورية.

في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1967، اعتمد مجلس الأمن القرار 242 الذي ينص على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة. وقبلت مصر والأردن القرار، في حين رفضته سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية.

وفي 8 مارس/آذار 1969 بدأت مصر حرب استنزاف ضد إسرائيل على جبهة قناة السويس, بينما توالت المعارك على الجبهة السورية الإسرائيلية في الجولان، واجتاحت إسرائيل جنوب لبنان يوم 12 مايو/أيار 1970.

في هذه الأجواء المتوترة أعلن عن مبادرة وزير الخارجية الأميركي وليم روجرز لوقف إطلاق النار في الشرق الأوسط، وقد رفضت منظمة التحرير والعراق وسوريا خطة روجرز التي قالت إنها "تقوم على تشجيع إسرائيل على الانسحاب مقابل ضمانات الأمن اللازمة, وترتيبات خاصة في قطاع غزة ووجود منطقة منزوعة السلاح في سيناء".

ورغم أنها أعلنت يوم 26 فبراير/شباط 1971 رفضها الانسحاب حتى خطوط يونيو/حزيران 1967، حصلت إسرائيل على دعم أميركي تمثل في استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد قرار أعدته دول عدم الانحياز بهذا الصدد يوم 26 أغسطس/آب 1973.

بعد خمسة أيام من حرب 6 أكتوبر/تشرين الأول 1973 بمشاركة مصر وسوريا ومساندة العراق والأردن عسكريا والسعودية اقتصاديا, تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وفك الارتباط.

بداية المفاوضات:
وقعت مصر وإسرائيل في أول سبتمبر/أيلول 1975 اتفاقا ينهي حالة الحرب بينهما على أن تفتح قناة السويس أمام السفن الإسرائيلية غير العسكرية، وانتقدت منظمة التحرير الاتفاق، فرد الرئيس المصري أنور السادات بإغلاق إذاعة فلسطين ثم مكتب المنظمة وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في القاهرة.

تحركت بعدها الدبلوماسية العربية عبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ونجحت في 10نوفمبر/تشرين الثاني 1975 في استصدار قرار يعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية.

وفي أول اجتماع بمجلس الأمن يحضره الفلسطينيون وتغيب عنه إسرائيل في الفترة بين 12 و27 يناير/كانون الثاني 1976, أقر الفلسطينيون بحق الوجود لكل دول المنطقة بما فيها إسرائيل، وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني 1977, أعلن السادات أمام مجلس الشعب المصري استعداده للتوجه إلى إسرائيل.

وبدأ بالفعل زيارته لإسرائيل مساء 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1977، فقررت جبهة الصمود والتصدي -في أول قمة لها في ديسمبر/كانون الأول 1977 بطرابلس الغرب بمشاركة سوريا والعراق ومنظمة التحرير والجزائر وليبيا- تجميد العلاقات الدبلوماسية مع مصر.

السادات يطبع  العلاقة مع إسرائيل:
في 3 يوليو/تموز 1978 دعا السادات إسرائيل إلى مفاوضات حول انسحابها من الضفة الغربية وغزة والشطر العربي من القدس بعد فترة انتقالية لا تتجاوز خمسة أعوام، لكن مناحيم بيغن رفض دعوته وأعلن رفض إسرائيل إعادة العريش إلى مصر، دون إيقاف المفاوضات التي أفضت في 17 سبتمبر/أيلول 1978 إلى توقيع اتفاق كامب ديفد بين مصر وإسرائيل بعد قمة استغرقت 13 يوما.

وفي 12 أكتوبر/تشرين الأول 1978 بدأت مفاوضات جديدة لتوقيع اتفاق سلام بين مصر وإسرائيل في بلير هاوس بواشنطن في محاولة لتسوية الخلافات بين الجانبين, خاصة فيما يتعلق بملفات الاستيطان, حيث أعلن بيغن يوم 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1978 أن اتفاقية كامب ديفد لا تنص على تجميد الاستيطان، خلافا لما ذكره الرئيس الأميركي كارتر أمام الكونغرس.

وقد شهد يوم 26 مارس/آذار 1979 توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في البيت الأبيض والتي تنص على استعادة مصر سيناء كاملة مقابل سلام كامل وعلاقات دبلوماسية واقتصادية وثقافية طبيعية مع إسرائيل.

شملت الاتفاقية تسع مواد أنهت الحرب وأعلنت السلام رسميا بين مصر وإسرائيل، وأكدت ما اتفق عليه في كامب ديفد من احترام السيادة والأراضي والانسحاب من سيناء وضمان أمن الحدود وما يستتبعه من ترتيبات وإقامة علاقات طبيعية وفتح الممرات المائية وغير ذلك.

لكن مصر لم تستعد بموجب هذه المعاهدة كامل سيناء إلا عام 1989، بعد مماطلة إسرائيلية وإحالة القضية من الطرفين إلى محكمة لاهاي الدولية.

وقد رفض العرب الخطوة المصرية وقرر مجلس الجامعة العربية المجتمع في بغداد بين 27 و31 مارس/آذار 1979 سحب السفراء العرب من مصر وقطع العلاقات الدبلوماسية معها وتعليق عضويتها في الجامعة العربية، ونقل مقر الجامعة مؤقتا إلى العاصمة التونسية.

لم يوقف القرار مسلسل التطبيع المصري مع إسرائيل، حيث أعلن في 26 يناير/كانون الثاني 1980 عن إقامة علاقات دبلوماسية بين مصر وإسرائيل، وانتهاء المقاطعة الاقتصادية والقيود المفروضة على حرية حركة الأفراد والبضائع.

المصدر : الجزيرة