المسيرة الخضراء

تصميم عن المسيرة الخضراء La Marche verte أو The Green March - الموسوعة

حشد شعبي دعا إليه الملك المغربي الراحل الحسن الثاني من أجل الضغط على إسبانيا لمغادرة منطقة الصحراء الغربية التي كانت تحتلها. 350 ألف شخص من كل الفئات شاركوا في المسيرة الخضراء التي تُخلد كل سنة عيدا وطنيا في المغرب، ووصفها الصحراويون المطالبون بالانفصال والجزائر بأنها عمل عدائي لتكريس "احتلال" المغرب الصحراء الغربية.

الأسباب
كانت مطالب المغرب قائمة تجاه الصحراء الغربية في ظل الاستعمار الإسباني الذي سيطر على منطقتي شمال وجنوب البلاد، وأحالت المملكة القضية إلى محكمة العدل الدولية التي أقرت بوجود روابط تاريخية وقانونية تشهد بولاء عدد من القبائل الصحراوية لسلطان المغرب، لكنها أقرت في المقابل بأنه لا توجد أي روابط تدل على السيادة بين الإقليم وبين المغرب أو موريتانيا وقت الاستعمار الإسباني، وأن الروابط المذكورة سلفًا لا تكفي بأي حال من الأحوال لمطالبة أي من الدولتين (المغرب وموريتانيا) بضم الصحراء الإسبانية إلى أراضيها.

كان الحسن الثاني يستشعر أن الوجود الإسباني بالصحراء يعيش أيامه الأخيرة، فجاءت فكرة المسيرة الخضراء لتعزيز الموقف التفاوضي للمغرب إزاء إسبانيا.

التنظيم
في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 1975، وجّه الحسن الثاني خطابا للمتطوعين للمسيرة قائلا "غدا إن شاء الله سنخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء، غدا إن شاء الله ستطؤون طرفا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون ثرى من وطنكم العزيز".

نجح الملك في إحاطة ترتيبات المسيرة، تنظيميا ولوجستيا، بالسرية على مدى عدة شهور قبل ساعة الصفر، واقتصرت معرفتها على بعض القيادات العسكرية البارزة.

انتظمت المسيرة في حشود على مستوى كل محافظة بمتطوعيها وقياداتها وكوادرها، وتمت تعبئة نحو 44 ألفا من الكوادر المختلفة، و470 طبيبا لمرافقة ورعاية المتطوعين الذين تجمعوا في مدينة طرفاية في انتظار إشارة الانطلاق.

النتائج
أفلحت المسيرة الخضراء من خلال الأمر الواقع الذي فرضته في السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 1975، بعد تجاوز الأسلاك الشائكة التي كانت تحدد مجال النفوذ الإسباني، في تكثيف الضغط على إسبانيا التي لم تكن مهيأة للدخول في مواجهة مع المغرب.

وفي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني 1975، طلب الحسن الثاني من المشاركين العودة ليبدأ التفاوض الذي أسفر في 14 من الشهر نفسه عن توقيع اتفاقية مدريد التي تخلت بموجبها إسبانيا عن إقليم الصحراء ليقتسم بين المغرب وموريتانيا.

وكان مجلس الأمن قد أصدر قبل ذلك قرارا دعا فيه الأطراف إلى التعاون مع الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، غير أن الاتفاق قوبل برفض الجزائر وجبهة البوليساريو التي كثفت لاحقا عملياتها العسكرية ضد الجيش المغربي، مطالبة بإقرار الحق في تقرير المصير للشعب الصحراوي.

على المستوى الداخلي، عززت الملكية شرعيتها من خلال التعبئة الوطنية حول قضية الصحراء، وبنت شبه إجماع حول الطرح المغربي للقضية، بما في ذلك لدى أحزاب المعارضة.

في كتاب "مذكرات ملك" أجاب الحسن الثاني عن سؤال الصحفي الفرنسي إيريك لوران حول موقف الملك في حال فشلت المسيرة، فكان جوابه "لو فشلت المسيرة لكنت استقلت، إنه قرار أمعنت التفكير فيه طويلا بحيث كان يستحيل علي أن أترك على الساحة ضحايا لم يكن لهم سلاح سوى كتاب الله في يد والراية المغربية في اليد الأخرى، إن العالم كان سيصف عملي بالمغامرة".

المصدر : الجزيرة