القمة العربية اللاتينية الرابعة

Journalists take pictures of participant leaders at a summit of Arab and South America in Riyadh, Saudi Arabia, Tuesday, Nov. 10, 2015. The two-day summit beginning Tuesday aims to improve coordination among political leaders and civil society groups in the two regions, focusing on economics, science and technology, the environment and social and cultural affairs. (AP Photo/Hasan Jamali)

القمة العربية اللاتينية الرابعة هي حدث عالمي عقد في العاصمة السعودية "الرياض" يومي 10 و11 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وجمعت الدول العربية وكتلة أميركا الجنوبية (١٢ دولة) المنضوية ضمن منظومة "ميركوسور".

وعقدت القمة في إطار التنسيق ومتابعة القرارات والتوصيات التي تمخضت عنها القمم الثلاث الماضية في البرازيل (2005)، وقطر (2009)، وبيرو (2012)، والتي هدفت إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية وتطوير فرص التبادل التجاري، وتوسيع دائرة قاعدة المصالح المشتركة والمتبادلة بين قطاع رجال الأعمال، وسُبل تقديم التسهيلات وإزالة كل المعوقات التي تعترض هذه الأهداف.

ويمكن تلخيص القواسم المشتركة بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في عدة نقاط تتناول تاريخ هذه العلاقة، والآفاق التي يستهدفها اللقاء المُرتقب، وعوامل النجاح المتوقعة من واقع الحقائق والأرقام التي ترصُد هذه الشراكة في:

– التنسيق في المواقف السياسية، وبحث القضايا الدولية والإقليمية التي تتطابق أو تتقارب فيها الرؤى بين المجموعتين.

– دعم التعاون القائم الآن في المجالات الاقتصادية والبيئية والثقافية والاجتماعية.

– تعزيز فرص التبادل التجاري والمصالح بين قطاعات رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين، مع تذليل كافة العقبات التي تعترض طريق مضاعفة حجم التبادل، باعتبار أن المجموعتين تستندان إلى كتلة بشرية كبيرة، وتوجد فيهما أسواق واعدة تعود عليهما بمكاسب اقتصادية ضخمة متى ما أزيلت العقبات من طريقها.

مميزات دول أميركا الجنوبية
– تتمتع مجموعة دول أميركا الجنوبية بموقع جغرافي وإستراتيجي هام، وعدد سكان ضخم تبلغ كتلته حوالي 590 مليون نسمة.

– ثروات طبيعية متنوعة (حديد ونفط وغاز وكروم ومنغنيز وبوتاسيوم ورصاص وبوكسايت) تجعل منها واحدة من الأسواق المستهدفة عالميا، إضافة إلى مساحات زراعية وغابات شاسعة، وكذا تطور متنامٍ في مجال الصناعات بشكل عام.

– يجمعها اتحاد دول أميركا الجنوبية "أونسار" منذ عام 2009، وتعمل على تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي بين دول المجموعة، في مجالات مختلفة خاصة الطاقة والنقل والبيئة، لحين تأسيس منطقة التبادل التجاري الحُر بحلول عام 2019، والذي سيجعل منها قوة اقتصادية ضاربة على مستوى العالم.

مميزات الدول العربية
– تُكوّن بعدد سكانها الذي يُقارب الـ440 مليون نسمة سُوقاً واعدة لتبادل تجاري كبير، خاصة في الدول الخليجية التي تُعتبر أسواقها هي الأقوى والأكثر جذباً للقوة الشرائية الموجودة فيها.

– تتمتع بتنوع في الثروات والموارد مما جعلها محط اهتمام العالم، خاصة النفط الذي تمتلك المخزون الأضخم منه في باطن أرضها، إلى جانب المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية والمياه.

– تتميز بموقع جغرافي فريد في قلب الكرة الأرضية حيث تتحكم في بحار وممرات ومنافذ مائية تمُرُ من خلالها أغلب أشكال التبادلات التجارية الدولية، مما يجعلها أهم مناطق التقاطعات الجيوسياسية والجيواقتصادية في العالم، كما تعمل حلقة وصل بين القارات مما يؤهلها لتكون جسراً بين الشرق والغرب، ونقطة تجمع للمصالح الاقتصادية لدول العالم.

– تعمل جاهدة على أن تتبوأ مكانة تتناسب مع حجم دولها وإمكانياتها المالية والبشرية والطبيعية.

– تسعى لتعزيز مكانتها الاقتصادية بتأسيس شراكات مع كُتل عالمية صاعدة بهدف توسيع قاعدة التعاون والتبادل التجاري مع غيرها.

القواسم المشتركة بين المجموعتين
– تأسيس شراكة متوازنة لتعاون اقتصادي، وتوسيع وتنويع حجم التبادل التجاري القائم بينهما الآن.

– الخروج من دائرة الحصار بقيم وسياسات العولمة التي شاعت منذ عقدين، والقائمة على ركيزة "التبعية السياسية" كأساس للتعاون الاقتصادي، والتي تنتهجها دول كبرى ضد الدول النامية، مما يؤدي إلى "رهن" القرار السياسي السيادي لصالح دول بعينها.

– التحرر الاقتصادي وصياغة أسس جديدة تتلاءم مع سمة العصر القائمة على الشراكات الضخمة والعابرة للقارات وانتقال رؤوس الأموال عبر العالم، بحثاً عن أسواق جديدة وفرص تجارية أوسع.

– افتقار المجموعتين لفرص التكافؤ في عالم أصبحت السياسة والاقتصاد يرتبطان فيه برباط "غير مقدس" يساوي بين دول تسعى لإعادة الاستعمار "بصيغة" جديدة قوامها السيطرة، وأخرى تحاول الخروج من دائرة التخلف التنموي، مما يُعزز مواقفهما معاً.

– الاستفادة من الإمكانيات البشرية والعلمية بخبراتها المتنوعة في مختلف المجالات.

علاقات تاريخية
مثلت الهجرات العربية المتتالية من بعض الدول العربية في أواخر القرنين التاسع عشر والعشرين "اللبنة" الأولى والأساس الذي بُنيت عليه العلاقات بين هاتين المجموعتين عبر التاريخ، فالوجود الكبير للجاليات ذات الأصول العربية مثل جسراً للتواصل التجاري والثقافي والاجتماعي، كما كانت إسهاماتهم من خلال صحفهم ومجلاتهم العربية وأنديتهم قنوات للتواصل بين المهاجرين والسكان الأصليين، مع بقية الدول العربية التي جاؤوا منها.

وتعود حقبة تأسيس العلاقات بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية في العصر الحديث إلى أواسط خمسينيات القرن العشرين وبداية ستينياته، حين انضمت كثير من هذه الدول لمجموعة "دول عدم الانحياز" التي كان لدول أميركا الجنوبية فيها نشاط ووجود قوي وفاعل.

وقد اتسمت المواقف السياسية للدول اللاتينية بدعم المواقف العربية خاصة القضية الفلسطينية، التي ساندتها هذه الدول بقوة وحزم في كل المحافل الدولية.

كما سجلت هذه الدول موقفاً قوياً ضد التدخلات الأجنبية في سوريا، ونددت بالغزو الأميركي للعراق، وأبدت تضامنها مع ليبيا ضد تدخل حلف شمال الأطلسي الذي أطاح بحكم العقيد الليبي معمر القذافي الذي كان حليفا لدول أميركا اللاتينية.

ورفضت دول أميركا الجنوبية الخضوع للضغوط الأميركية والإسرائيلية التي تطالبها برفض قرار القمة الثانية في الدوحة عام 2009 القاضي بمطالبة إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وإيقاف بناء المستوطنات في القدس والأراضي المحتلة، وتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية الاستشاري بوقف بناء الجدار الفاصل لعزل الشعب الفلسطيني وحصاره على أرضه.

وبالإضافة إلى ما سبق، مثلت فترات تولي رؤساء ينحدرون من أصول عربية مهاجرة زمام الحُكم في هذه الدول -ومنهم كارلوس منعم السوري الأصل (الأرجنتين)، وميخائيل معوض اللبناني الأصل (إكوادور)- فترة شهدت تنامياً للعلاقات والتواصل والتبادل التجاري بين العالم العربي وهذه الدول.

المصدر : وكالة الأناضول