الآثار السورية في ظل الحرب.. تدمير وتهريب

FILE - This undated file photo posted on a social media site on Aug. 25, 2015, by Islamic State militants, which has been verified and is consistent with other AP reporting, shows smoke from the detonation of the 2,000-year-old temple of Baalshamin in Syria's ancient caravan city of Palmyra. Experts, conservators and local residents are scrambling to document Syria's millennia-long cultural heritage that has been damaged by the country's war since 2011, by battles against the Islamic State group and by its intentional destruction. (Islamic State social media account via AP, File)
تنظيم الدولة أعلن تفجير آثار تاريخية بدعوى أنها "وثنية" كان من بينها معبد "بعل شمين" عام 2015 (أسوشيتد برس)

منذ اندلاع الثورة في سوريا في مارس/آذار 2011 والكنوز الأثرية السورية تتعرض لعمليات نهب وتدمير واسعة النطاق، شملت -حسب تقرير للأمم المتحدة أصدرته نهاية عام 2014- نحو ثلاثمئة موقع أثري سوري، وفي مقدمة ذلك الآثار الإسلامية في كافة المناطق السورية، والمدينة الأثرية في تدمر وسط البلاد التي تعد أحد أهم المواقع الأثرية العالمية، والآثار اليونانية والرومانية بأفاميا.

ويؤكد خبراء الآثار أن الأماكن الأثرية عرضة للخطر من كافة الأطراف المتصارعة على الساحة السورية، إضافة إلى لصوص الآثار الذين يستهدفون المتاحف ومواقع الحفريات للبحث عن الآثار ونهبها، مستفيدين من حالة الانفلات الأمني في البلاد. ويرجح هؤلاء الخبراء أن تكون القطع الأثرية المسروقة تهرب عبر دول الجوار لتباع في السوق السوداء العالمية.

وتضم سوريا عددا كبيرا من المواقع الأثرية لحضارات متعاقبة على مدى أكثر من خمسة آلاف سنة، وكانت الحكومة السورية قد شيدت 25 متحفا ثقافيا في أنحاء البلاد قبل عشرة أعوام من الحرب بغية تشجيع السياحة وحفظ النفائس فيها. وأبلغت الحكومة السورية يونسكو أنها أخلت 24 متحفا تضم عشرات الآلاف من القطع الأثرية ونقلت محتوياتها إلى مخازن خاصة في أماكن آمنة.

وأدرجت منظمة اليونسكو ستة مواقع أثرية سورية على لائحة التراث العالمي، وهي أحياء دمشق القديمة، وحلب القديمة التي تُعتبر أقدم مستوطنة بشرية موجودة حاليا بالعالم وواحدة من أكبر المراكز الدينية بالعالم القديم، وقلعة المضيق، وقلعة الحصن، ومدينة بصرى القديمة، ومدينة تدمر، والقرى الأثرية شمالي وشمال غربي البلاد حيث المناطق الواقعة شمال الهضبة الكلسية، وتضم مئات الأديرة والكنائس القديمة.

وفي ما يلي استعراض لأهم المواقع الأثرية السورية التي استهدفتها عمليات النهب أو التدمير خلال الصراع بين النظام والثوار وردود الفعل المرتبطة بذلك:

– الربع الأول من عام 2012: خبراء سوريون في مجال الآثار يؤكدون اقتحام لصوص آثار متحف حماة ونهبهم الأسلحة القديمة الموجودة فيه وتمثالا يعود إلى العصر الآرامي، وإصابة قلعة شيزر المطلة على نهر العاصي بأضرار، وسرقة تمثال روماني من الرخام من متحف أفاميا، كما أفادوا بتعرض قلعة المضيق بريف حماة للقصف، بينما نـُهبت مدينة إيبلا الأثرية الواقعة في محافظة إدلب.

– مارس/آذار 2012: منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) تدعو -في بيان أصدرته- الدول الأعضاء والهيئات الدولية إلى حماية التراث الثقافي الغني في سوريا، وضمان عدم تعرضه للسرقة والتهريب من البلاد، قائلة "إن الإضرار بتراث بلد هو إضرار بروح الشعب وهويته".

وجاء موقف المنظمة استجابة لطلب قدمه إليها معارضون سوريون بالتحرك الفوري من أجل وقف "تدمير المعالم الأثرية" في سوريا، واتهموا النظام السوري بأنه "يستهدفها" أثناء عملياته العسكرية، ودعوا إلى إضافة عمليات التدمير هذه إلى قائمة "جرائم النظام".

– 5 أغسطس/آب 2012: الكاتب الصحفي البريطاني البارز روبرت فيسك يقول -في مقاله الأسبوعي بصحيفة إندبندنت أون صنداي- إن كنوز سوريا الأثرية المتمثلة في قلاع الصليبيين، والمساجد والكنائس العتيقة، والفسيفساء الرومانية، والمدن القديمة في الشمال، والمتاحف التي تغص بالآثار التي "لا نظير لها في الشرق الأوسط"؛ باتت جميعها لقمة سائغة للصوص، وفريسة للمسلحين ومليشيات الحكومة.

وأشار فيسك إلى أن تقارير أعدها علماء آثار سوريون وغربيون متخصصون في العصر البرونزي والمدن الرومانية تتحدث عن تدمير أحد المعابد الآشورية في تل الشيخ حمد بدير الزور، وهدم جدار وأبراج قلعة المضيق إحدى قلاع الصليبيين الأمامية في بلاد الشام، ونهب الفسيفساء الرومانية من مدينة أفاميا الأثرية، حيث استخدم اللصوص الجرافات في شق البلاط الروماني ونقله من الموقع.

أما قلعة ابن معان في ريف تدمر التي تعود إلى العصر الروماني فقد احتلها جنود النظام السوري وأوقفوا دباباتهم وعرباتهم المدرعة في وادي القبور إلى الغرب من المدينة القديمة. ويقال إن الجيش الحكومي شق خندقا عميقا داخل الأطلال الرومانية. كما أن متحف حمص تعرض هو الآخر للنهب من قبل المتمردين أو المليشيات الحكومية التي "تنسف المباني الأثرية للقضاء على أعدائها".

 – 16 أغسطس/آب 2012: نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية تقريرا أوردت فيه -نقلا عن رئيسة صندوق الحفاظ على المواقع التراثية العالمي بوني بيرنهام- تعدادا للمواقع الأثرية والآثار النادرة في حلب التي تتعرض "لأضرار غير قابلة للعلاج"، ومن بينها هيكل "آلهة العاصفة" الذي يعود تاريخه إلى الألف الثاني أو الثالث قبل الميلاد، ويعد واحدا من أقدم الإنشاءات بالعالم التي اكتشفت حديثا ولم تُفتح بعد ليشاهدها الجمهور.

ومن بين هذه الآثار النادرة أيضا طرقات المدينة التي تشبه المتاهة والتي قال التقرير إنها تجسد تاريخا مصغرا للبشرية. ففي أسفل الحصن توجد بقايا أفاريز العصر البرونزي والحصون الرومانية، والمدينة القديمة المسورة بأكملها بمسجدها الكبير الذي يعود للقرن الـ12 الميلادي، وآلاف المنازل ذات الفناءات الواسعة التي تميزها الألوان الفاتحة للعصور الوسطى. والأسواق العربية والمدارس الحجرية البنيان والتي يرجع تاريخها للقرن الـ17، والقصور والحمامات العثمانية.

– 2 أكتوبر/تشرين الأول 2012: أبدت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة الدول العربية قلقها إزاء الدمار الذي لحق بمختلف حواضر سوريا العريقة وبعمرانها جراء العمليات العسكرية، وأفسحت المجال لأنشطة النهب والسلب والتهريب التي تستهدف المواقع الأثرية السورية، داعية الأطراف كافة إلى حمايتها لكونها "كنزا ثمينا للشعب السوري وللإنسانية".

– فبراير/شباط 2013: فصائل المعارضة تنتزع مدينة تدمر الأثرية من قبضة النظام، وتبادل إطلاق النار والمدفعية بين الطرفين يؤدي إلى تضرر معبد بعل في هذه المدينة التي استعادها النظام لاحقا في سبتمبر/أيلول من العام نفسه.

– 6 فبراير/شباط 2014: منظمة اليونسكو تؤكد أن عمليات تنقيب عن الآثار "غير قانونية وشديدة الخطورة" تجري في أنحاء متفرقة من سوريا، وفي مواقع أثرية مهمة مثل مدينة ماري السومرية القديمة ومدن إيبلا وتدمر الصحراوية وأفاميا التي "دمرت تماما"، وأن بعض المواقع الأثرية دُمّرت أو نهبت بالكامل. وتصف عمليات التنقيب هذه بالأمر "الخطير والمدمر للغاية".

وذكرت المنظمة أن الاتجار بالقطع الأثرية والتراث الثقافي السوري يتم عبر منظمات غير قانونية في بلدان ومناطق أخرى، وأنها تلقت مبلغ 3.4 ملايين دولار من الاتحاد الأوروبي لتنفيذ برنامج مدته ثلاث سنوات لتحسين مستوى المعلومات عن حالة التراث الثقافي السوري ومحاربة الاتجار فيه، ورفع الوعي في المجتمع الدولي بشأن نهبه، وأنها تخطط لتأسيس مكتب في بيروت لإطلاق هذا البرنامج.

– 12مارس/آذار 2014: الأمم المتحدة تدعو جميع أطراف النزاع السوري إلى وضع حد فوري لتدمير التراث، وتدين استخدام المواقع المدرجة على لائحة التراث العالمي لتحقيق أهداف عسكرية، مثل قلعة الحصن، ومدينة تدمر (وسط سوريا) التي أدرجتها اليونسكو على لائحة التراث العالمي عام 2006، وكنيسة مار سمعان (قرب حلب)، ومدينة حلب وقلعتها (شمال البلاد).

– 28 مايو/أيار 2014: منظمة اليونسكو تقدم خطة لحماية الآثار السورية بتمويل من الاتحاد الأوروبي لثلاث سنوات، وتقول إنها تريد إقناع الأطراف المعنية بنزع السلاح في المواقع الأثرية السورية التي لا تزال مستهدفة. وإنها ستضع "آلية لتسهيل تبادل المعلومات بشأن تهريب المسروقات ومساعدة الشرطة في مصادرتها"، راجية تبني مجلس الأمن الدولي "قرارا يحمي التراث السوري".

– 4 ديسمبر/كانون الأول 2014: اليونسكو تدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع تدمير وتهريب المزيد من الآثار الحضارية في العراق وسوريا، مطالبة الأطراف المتصارعة في البلدين بالامتناع فورا عن استهداف المواقع الثقافية أو استخدامها لأغراض عسكرية، لأن حماية تراث سوريا والعراق ليست فقط "أولوية ثقافية عاجلة" بل هي أيضا "ضرورة سياسية وأمنية".

وأوضحت المنظمة أن هناك ترابطا بين تدمير تنظيم الدولة بعض المعالم الأثرية في البلدين واستهدافه الأقليات الدينية، مشيرة إلى وجود "إستراتيجية تطهير ثقافي مدروسة بعناية وشديدة العنف"، بعد أن دمر عناصر التنظيم مواقع إسلامية ومسيحية ويهودية، ونسفوا أضرحة ودور عبادة يعود تاريخ بناء بعضها لأكثر من عشرة قرون. مقدرة قيمة التحف الأثرية المنهوبة بالبلدين بـ7-15 مليار دولار.

– 14 مايو/أيار 2015: اندلاع اشتباكات بين تنظيم الدولة وقوات النظام السوري قرب مدينة تدْمر الأثرية التي تمتد أطلالها الباقية على مساحة تتجاوز عشرة كيلومترات مربعة شرقي سوريا. ومنظمة اليونسكو تبدي قلقها من تداعيات القتال على آثار المدينة التي "تحوي كنزا لا يعوض للشعب السوري وللعالم"، مثل معابد بعل وبعلشمين ونبو واللات وقوس النصر والحمامات ومجلس الشيوخ.

– 24 مايو/أيار 2015: تقرير للجزيرة نت يكشف الأضرار البالغة التي ألحقتها المعارك الطاحنة بين المتصارعين بجزء كبير من آثار مدينة بصرى الشام التي تعتبر من أغنى وأقدم مدن المنطقة الجنوبية، وتحتوي عددا كبيرا من المعالم التاريخية الرومانية والبيزنطية والإسلامية، أهمها المدرج الروماني والكاتدرائية البيزنطية التي تقع قرب الجامع الفاطمي الإسلامي وسط المدينة وجامع المبرك.

– 25 مايو/أيار 2015: مئات النشطاء يطلقون حملات تغريدات ومنشورات على صفحات التواصل الاجتماعي باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية تطالب المنظمات الدولية والمؤسسات المعنية بالتراث بإنقاذ مدينة تدمر، وتفعيل المعاهدات والمواثيق الدولية القاضية بحماية هذا التراث، وذلك إثر إعلان تنظيم الدولة الإسلامية استيلاءه على المدينة.

– 28 مايو/أيار 2015: تنظيم الدولة ينشر تقريرا مصورا على الإنترنت بعنوان "مدينة تدْمر الأثرية" يحتوي صورا قال إنها التقطت في هذه المدينة، وبدت فيها الآثار -التي ضمت المدرج المسرحي ومدخله وأعمدة وأقواسا أثرية- سليمة بعد انتزاع مقاتليه السيطرة على المدينة من القوات الحكومية.

– 24 يونيو/حزيران 2015: تنظيم الدولة يقول إن مسلحيه فجروا ضريحين أثريين إسلاميين في مدينة تدمر، ويبث على الإنترنت صورا لعملية التفجير تظهر المزار قبل تفجيره، وأخرى لحظة تفجيره وتناثر حجارته وارتفاع السحب الرملية من موقعه.

– 23 أغسطس/آب 2015: تنظيم الدولة يدمر معبد "بعل شمين" الشهير الذي يقع على مقربة من المدرج الروماني بمدينة تدمر الأثرية، بزرع كميات كبيرة من المتفجرات أدت إلى تناثر أجزائه.

25 أغسطس/آب 2015: تنظيم الدولة ينشر صورا تظهر تدميره المعبد الروماني "بعل شمين" في مدينة تدمر الذي فخخه بكمية كبيرة من المتفجرات قبل أن يفجره. ومنظمة اليونسكو تصف عملية التدمير بأنها "جريمة حرب".

– 27 أغسطس/آب 2015: مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (أف بي آي) يقول إن نهب الآثار بالعراق وسوريا وبيعها في السوق السوداء أصبح مصدر تمويل لتنظيم الدولة، وإن هناك مخاوف متزايدة من أن تلك القطع بدأت تظهر في السوق الغربية، ويحث سماسرة الفن في الولايات المتحدة على "توخي الحذر" عند شراء الآثار القادمة من منطقة الشرق الأوسط.

– 30أغسطس/آب 2015: تنظيم الدولة يدمر "معبد بل" الواقع في مدينة تدمر التي تلقب بـ"لؤلؤة الصحراء"، والذي يعود للعصر الروماني ويعد أحد الكنوز الأثرية العالمية.

– 5 أكتوبر/تشرين الأول 2015: مصادر خبيرة بشأن الآثار السورية تؤكد تفجير تنظيم الدولة الإسلامية لـ"أقواس النصر" الأثرية في مدينة تدمر التي تعد جوهرة في مجموعة آثارها التاريخية، بينما أبقى على أعمدتها. ورجحت المصادر أن يكون سبب التفجير وجود رموز ونقوش على هذه الأقواس.

المصدر : الجزيرة