خطاب أردوغان حول الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية

Turkey's Prime Minister Recep Tayyip Erdogan addresses his party members at the parliament in Ankara, Turkey, Tuesday, Nov. 22, 2011. Erdogan said for the first time that Syria's president must step down over the country's brutal crackdown on dissent, ratcheting up the pressure on the increasingly isolated Bashar Assad. In his harshest words yet, Ergodan reminded Assad of the bloody end of the Libyan leader Moammar Gadhafi, as well as past dictators, including Adolf Hitler.
أردوغان: إن الهجوم الذي قامت به إسرائيل على السفن والمجزرة التي ارتكبتها استحقا كافة أشكال اللعن (أسوشيتد برس)

نص الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمام البرلمان التركي عام 2010، بعد تورط إسرائيل في قتل أتراك كانوا ضمن أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات لغزة.

نص الخطاب
أصدقائي النواب الكرام.. الضيوف الكرام.. إلى كل من يشاهدنا عبر شاشات التلفزيون لن أخاطب اليوم شعبي العزيز فحسب بل سأخاطب كذلك الإنسانية جمعاء، أود أن أخاطب ضمير الإنسانية وعقلها, أريد أن أشارككم عواطفي بشكل صريح.

يوم أمس وقع هجومان داميان في جنح الظلام أولهما في مدينة إسكندرون التي استشهد فيها ستة من جنودنا وأصيب سبعة آخرون بجروح.

والثاني وقت الفجر في مياه المتوسط حيث تلقى ضمير الإنسانية واحدا من أشد الجروح على مر العصور.

لقد قطع الطريق على السفن التي خرجت من ضمير الإنسانية، بالسلاح والجبروت ولم تستطع السفن التي كانت تحمل الرحمة والشفقة أن تصل إلى مبتغاها وتلطخت بالدماء.

يوم أمس وفي ساعات الصباح الأولى قامت عناصر مسلحة من الجيش الإسرائيلي بهجوم غير قانوني في المياه الدولية على أسطول الحرية الذي كان يحمل المساعدات الإنسانية إلى شعب غزة، والذي كان على متنه 600 شخص من 32 دولة، وأراقوا دماء الأبرياء.

كذلك تم احتجاز سفن المساعدات الإنسانية خلال هذا الهجوم الذي ترك العديد من القتلى والجرحى.

ومرة أخرى نلعن بشدة هذا الهجوم الذي استهدف السفن التي كانت تقل ركابا كلهم من المدنيين من نساء وأطفال ورجال دين وغيرهم.

إن الهجوم الذي قامت به إسرائيل على السفن التي كانت تحمل المساعدات الإنسانية إلى غزة والمجزرة التي ارتكبتها قد استحقا كافة أشكال اللعن. إن هذا الهجوم هو هجوم سافر على القانون الدولي وعلى الضمير الإنساني وعلى السلام العالمي.

أقول الضمير الإنساني لأن السفن كانت تقل ركابا من كل الجنسيات والأديان ينقلون فقط مساعدات إنسانية إلى غزة المحاصرة والمقاطعة.

كانت السفن قد أعلنت إلى العالم كله قبل مغادرتها عن حمولتها ونيتها. و كان ستون صحفيا من تركيا والعالم قد استقلوا كشهود على الحدث متن سفن الأسطول الذي يحمل مساعدات إنسانية فقط.

إن هذا العدوان الذي حصل على السفن الست وركابها الستمائة الذين كانوا ينقلون المساعدات إلى الناس المظلومين والمحتاجين, إلى الفلسطينيين الذين هدمت منازلهم والمتروكين لرحمة الجوع هو عدوان صارخ على الفلسفة التي قامت عليها الأمم المتحدة.

لقد انطلقت السفن من تركيا ومن الدول الأخرى ناقلة المساعدات الإنسانية فقط، وقد فتشت من قبل السلطات المختصة وفق القواعد الدولية للملاحة والسفر.

في نفس الوقت لم يكن على متن السفن هذه من الركاب سوى المدنيين ومتطوعي الإغاثة. تم رفع العلم الأبيض على صواري السفن. ورغم توفر كل هذه الشروط فقد تعرضت السفن للهجوم المسلح.

وبناء على الهجوم الإرهابي الذي حصل في ولاية هاتاي والهجوم الإسرائيلي غير الحقوقي على سفن الإغاثة قطعنا لقاءاتنا في التشيلي وعدنا إلى بلدنا.

واعتبارا من اللحظة الأولى للحدث تابعنا في الحكومة التطورات وبدأنا مع أصدقائنا اتخاذ الخطوات اللازمة.

اعتبارا من الساعة السادسة والنصف من صباح أمس تناول السيد بولنت أرينج بوصفه نائبا لرئيس الوزراء في اجتماع مع الوزراء وممثلي المؤسسات المعنيين الموضوع من كافة الجوانب.

تابعت وزارة خارجيتنا ووحدات الاستخبارات والإدارات المعنية بالإضافة إلى قواتنا المسلحة التطورات عن كثب.

اتصل وزير خارجيتنا ووزير دفاعنا بوزير الدفاع الإسرائيلي هاتفيا وأبلغاه ردّنا وحساسياتنا تجاه الموضوع.

وقد تابعت الأحداث شخصيا مع الوزراء المرافقين لي طوال الليل وقمنا بتقييمها سوية وكنت على اتصال دائم مع تركيا.

وفي هذا الإطار تباحثنا فيما يجب فعله بكافة أبعاده وبدأنا الخطوات اللازمة على وجه السرعة.

إن الجمهورية التركية تستخدم كافة الوسائل الدبلوماسية والقانونية الدولية وستستمر في استخدامها.
وفي هذا الإطار:

– تم استدعاء السفير التركي لدى تل أبيب.

– ألغيت ثلاث مناورات عسكرية مبرمجة مشتركة مع إسرائيل.

– ذهب وزير خارجيتنا إلى نيويورك، ودعا مجلس الأمن إلى اجتماع طارئ، وفعلا تم عقد الاجتماع الطارئ.

– أعلن مجلس الأمن بيانا ندد فيه بإسرائيل، وطلب مجلس الأمن في بيانه فتح تحقيق بشأن الحادث ودعا إسرائيل إلى إطلاق سراح المدنيين والمصابين فورا.

– ألغيت المباريات التي كان من المفروض أن يشترك فيها منتخبنا الوطني للشباب لكرة القدم والموجود حاليا في إسرائيل.

– دعي مجلس حلف الناتو إلى اجتماع طارئ اليوم.

– بالإضافة إلى ذلك فإن الاتصالات مستمرة مع كل من منظمة المؤتمر الإسلامي، و الجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي كما دعيت كافة المؤسسات الدولية للقيام بواجبها. وفي هذا السياق فإن منظمة المؤتمر الإسلامي ستعقد اجتماعها يوم الاثنين القادم.

بداية يجب تأمين أمن وسلامة قافلة المساعدات الإنسانية ومواطنينا الموجودين فيها وكذلك القيام بما يجب لتأمين معالجة الجرحى على وجه السرعة.

رفضنا العرض
إسرائيل قالت: "لنرسل نحن الجرحى".. نحن رفضنا العرض قائلين "إننا نملك الإرادة والقدرة لأخذ جرحانا".

تحركت طائرتا إسعاف عسكريتان لنقل جرحانا وهما الآن في طريق العودة من هناك في هذا الاتجاه.
والطائرات المدنية على وشك الوصول إلى هناك.

تم توجيه ندائنا إلى السفير الإسرائيلي الذي استدعي إلى وزارة الخارجية بإطلاق سراح مواطني الجمهورية التركية والسفن التي تم حجزها في أقرب وقت. كذلك تم اتخاذ التدابير اللازمة من أجل استقدام كل الجرحى إلى تركيا وتأمين معالجتهم في بلدنا.

يجب أن لا تتهرب إسرائيل التي عرقلت المجتمع الدولي من الوصول إلى الأخبار منذ اللحظة الأولى للحدث من تأمين المعلومات الصحيحة للرأي العام العالمي والتعاون مع المجتمع الدولي.

فداحة الوضع الراهن
يجب على إسرائيل أن تفهم فداحة الوضع الراهن وأن لا تستمر في ارتكاب الأخطاء.

الرأي العام العالمي يراقب عن كثب السلوك الذي ستقدم عليه إسرائيل في هذه المرحلة.

أصدقاؤنا المعنيون على اتصال وتنسيق مع الدول التي لها مواطنون في القافلة. السفن تحمل أعلام تركيا واليونان وجزر القمر. تقل أناسا من 32 دولة. ننتظر من هذه الدول رد الفعل والحساسية اللازمة.

مرة أخرى وبهذه المناسبة نقول: يجب على إسرائيل أن ترفع فورا الحصار غير الإنساني على غزة. يجب أن لا تكون عائقا يمنع وصول المساعدات الإنسانية المرسلة إلى الشعب الفلسطيني إلى هدفها.

أصدقائي الأعزاء
كما تعلمون فإننا نعمل في مشروع تحالف الحضارات مع إسبانيا. هدفنا تقوية الفكرة القائلة بإمكانية تعايش الأديان والحضارات والثقافات المختلفة في سلام وبتسامح وكذلك إحلال المحبة بدلا عن الحقد والكراهية.

علي أن أقول متأسفا إن الأحداث التي جرت أمس قد شكلت بقعة سوداء من منظور الحضارة والثقافة الإنسانية, لقد سجلت باعتبارها عيبا كبيرا في تاريخ الإنسانية.

تهور حقير
الهجوم المسلح على سفن المساعدة وقتل الناس الأبرياء ومعاملة الناس المدنيين معاملة الإرهابيين يعتبر سقوطا من الناحية الإنسانية وتهورا حقيرا. نحن نعلم أن للسلم والحرب حقوقهما.

لا يُعتدى على الأطفال في الحرب, لا يعتدى على النساء والشيوخ في الحرب, لا يعتدى على المدنيين ورجال الدين في الحرب, لا يعتدى على الذين يرفعون الرايات البيض وموظفي الصحة والإغاثة في الحرب.

أما الذين يعتدون على هؤلاء في السلم وليس في الحرب فلا يكونون قد داسوا الحقوق فحسب وإنما يكونون قد داسوا الإنسانية وجعلوها تحت أقدامهم وقد خرجوا من الإنسانية.. حتى الطغاة وقطاع الطرق والقراصنة لهم حساسيات معينة وقواعد أخلاقية يعملون بها.

إن وصف من لا يملك أي وازع أخلاقي أو أية حساسية أخرى بهذه الصفات إنما يعتبر مدحا له.

إن اعتداء إسرائيل على سفينة تقل متطوعين من 32 قوما يجعلها كأنها تتحدى العالم. لقد أصيب السلام العالمي بجرح كبير.

يجب قطعا وبكل تأكيد أن تعاقب حكومة إسرائيل على هذا الهجوم الجريء وغير المسؤول والمتهور والمستهتر بالحقوق وبكافة القيم الإنسانية.

يجب على المجتمع الدولي بدلا من أن ينتظر تحقيقا من إدارة اتخذت من الكذب سياسة دولة ولم يتمعّر وجهها خجلا من جريمة اقترفتها، أن يحقق في الحادثة بكل جوانبها وأن يقابلها بالرد الحقوقي. نحن في تركيا لن ندع هذا الموضوع.

إن تركيا ليست دولة بنيت أمس لا جذور لها، وهي قطعا ليست بالدولة القبلية. يجب أن لا يحاول أحد اختبار صبر تركيا أو مواكبتها. وبالقدر الذي تعتبر صداقة تركيا غالية فإن معاداتها قاسية. إن فقدان صداقة تركيا في حد ذاته يعتبر ثمنا باهظا.

لقد كنا دائما على صداقة وتعاون تاريخيين مع شعب إسرائيل ومع اليهود. إنني أومن بأن الإسرائيليين الذين يراقبون هذا الهجوم بأعين دامعة وانتقاد شديد يعتبرون هذا الحدث خطأ لا يليق أبدا بشرف الإنسانية ويفهمون جيدا كيف أنه قد شكل ضربة قاسية للصداقة القائمة بين البلدين.

غير إنسانية
إن الأمر ليس موضوعا جرى بين تركيا وإسرائيل. الأمر يتعلق بقيام الإدارة الحالية التي لا تعترف بالحقوق والقوانين في إسرائيل بالممارسات غير الإنسانية التي تستخدم العنف وتريق الدماء وتهدد السلام العالمي.

تركيا كانت دوما مع السلام في الشرق الأوسط وقد ساهمت في الأمن والاستقرار الإقليميين.

كذلك كانت تركيا في الماضي القريب الدولة الوحيدة التي بذلت الجهد من أجل تطبيع العلاقات بين إسرائيل وكل من فلسطين وسوريا ولبنان.

إن إسرائيل الآن تتخذ مواقف تجعلها في مواجهة أحد أهم المدافعين عن السلام في المنطقة.

يجب على إسرائيل أن تتخلى عن تبرير أفعالها الجائرة بالمسوغات الأمنية وعن مجونها في إيضاح ذلك بانتقاداتها لـ"اللاسامية". لقد بلغ السيل الزبى. على الساحة الآن مفهوم إدارة اتخذت من العنف سياسة وأباحت لنفسها الظلم ولا تتورع عن إراقة الدماء.

لقد بلغت ممارسات الإدارة الإسرائيلية غير الحقوقية حدا لا يمكن بعده سترها أو تأويلها أو التغاضي عنها.

آن الأوان للمجتمع الدولي لكي يقول كفى. إن إسرائيل تصر على رفضها الاعتراف بقرارات مجلس الأمن الدولي التي تزيد عن المائة. لذا يجب على الأمم المتحدة أن لا تكتفي بقرار الإدانة الذي اتخذته. كذلك عليها أن تقف وراء مطلبها.

قبل قليل تكلمت مع الأمين العام للأمم المتحدة وهو الآن في طريقه إلى نيويورك. وقال السيد أوباما إنه سيتصل بي في الساعة الثامنة مساء. سوف أتكلم معهم وسأتناول معهم هذه الأمور. أعلنها من هنا.

لا ريب في أن المواقف الهجومية للإدارة الإسرائيلية إنما تنبع من قوة تستمدها من مكان ما. وفي هذه النقطة بالذات فإن حساسية تركيا في المنطقة واضحة.

اتصلت من التشيلي أمس بالسيدة ميركل المستشارة الألمانية، وبغيرها, واتصلت اليوم برئيس الوزراء البريطاني الجديد أيضا, هو أيضا اتصل من قبل وكلمته. اليوم سنتكلم مرة أخرى. وسنتكلم مع الآخرين أيضا.

تدمر أرضية السلام
لا نستطيع أن نترك إسرائيل التي تدمر أرضية السلام في الشرق الأوسط مع أفعالها وندع لها الحبل على الغارب. لا نستطيع أن نقول لها: افعلي ما تشائين. إن لكل شيء ثمنا. إن فهما لا يحترم حق الحياة لا يمكنه أن يحترم الحقوق وأن يتخذ مواقف موالية للسلام. إن فهما لا يولي أهمية لحياة الإنسان لا يمكنه أن يحترم الإنسان وحقوق الإنسان.

إن دولة تريد الأمن لشعبها لا يمكنها أن تنجح في ذلك عن طريق اكتساب كراهية وعداوة الدنيا.

إن إدارة لا تعطي أهمية لشعب غير شعبها لا يمكن أن يكون السلام همها. إن إسرائيل تدمر التروس الدفاعية من حولها الواحدة تلو الأخرى وتفقد نقاط التحالف الواحدة تلو الأخرى وتدفع بنفسها إلى العزلة.

الإدارة الإسرائيلية تنسف السلام الإقليمي بنشرها الكراهية في الشرق الأوسط وتتحول إلى بؤرة تنشر الاضطراب حولها. يجب على المجتمع الدولي أن يتدخل في هذا الأمر في أسرع وقت.

من هنا أريد أن أخاطب شعب إسرائيل: نحن كنا دائما في وجه "اللاسامية", لقد رفعنا صوتنا عاليا في وجه الظلم الذي وقع على اليهود, ساهمنا في أن يعيش شعب إسرائيل في سلام و أمن في الشرق الأوسط.

والآن جاء دوركم يا شعب إسرائيل لكي تقفوا الموقف الإنساني الحساس نفسه وتقولوا لا للظلم. فممارسات العنف التي يمارسها شركاء الحكومة ضاربين عرض الحائط بالحقوق تهدد مصالح إسرائيل تماما وتلقي بأمنكم وسلامكم في الخطر بشكل واضح. مواقف حكومتكم العدائية تجعل من إسرائيل دولة تمارس القرصنة وقطع الطريق كما تسيء إلى سمعة دولتكم الدولية.

إن هؤلاء الإداريين الماجنين الذين يظنون أنهم يديرون دولة بالحيلة والكذب وإراقة الدماء والتعدي والقرصنة وممارسة إرهاب الدولة, هؤلاء السياسيون الماجنون يسيئون وقبل كل شيء إلى إسرائيل وشعب إسرائيل. يجب أن تقولوا أنتم: كفى لهذا الوضع.

في هذا السياق أود أن أشكر اليهود الأتراك لتعبيرهم عن ردهم الصادق والمحق تجاه الأحداث.

إن مواطنينا اليهود جزء من شعبنا الغالي وقد دافعوا حتى النهاية عن مواقف تركيا المحقة ولا يزالون. لا أحد يستطيع أن ينال من أحد منهم أو أن يتصرف معهم بشكل مختلف ولا يجوز له ذلك.

إخوتي الأعزاء
اليوم يوم جديد, إنه ميلاد..
من الواضح تماما أنه لا شيء يمكن أن يستمر على حاله.
لا يمكن لدولة عدائية تمارس الجرائم والمجازر علنا أن ترفع بصرها إلى المجتمع الدولي وتنظر في وجهه وتتمكن من شرح موقفها ما لم تندم وتسائل نفسها عما فعلت. تلك السفن كانت سفن رحمة وحمولتها الضمير الإنساني.

إن اعتراض سفينة مدنية تبعد 72 ميلا عن المياه الإقليمية وفي المياه الدولية تماما واحتجاز السفينة وركابها هو جريمة في حد ذاته.

سئمنا من أكاذيبكم
الهجوم المسلح على الناس الأبرياء, إراقة الدماء، القيام بمذابح هو إرهاب دولة بشكل واضح. هم ينكرون ذلك قائلين: لقد أطلقوا علينا النار. لقد سئمنا من أكاذيبكم هذه سئمناها.. كونوا صادقين, صادقين.

يجب إخلاء سبيل السفن المحتجزة مع طواقمها والمتطوعين فورا.
لا أحد يستطيع تصوير المتطوعين ومن معهم من النواب الأوروبيين والصحفيين الستين وكان جتين البالغ من العمر عاما واحدا مع أمه (أخلي سبيله) الذين كانوا على متن السفن، على أنهم يستهدفون غاية غير إنسانية.

مرة أخرى تجلى بوضوح كيف أن إسرائيل ترى في الظلم غير الإنساني لفلسطين وغزة أمرا مقبولا لسنوات عديدة.

لقد أروا العالم مرة أخرى -كما سبق أن قلتها للإداريين الإسرائيليين من قبل في وجوههم- أنهم يعرفون القتل جيدا.

إنه فهم يقيد أيدي الأبرياء الذين أصيبوا بجروح خطيرة جراء عياراته النارية, (هل يمكن إيضاح ذلك؟ الجريح على النقالة وهو مكبل, هل يمكن إيضاحه على ضوء المبادئ الدولية؟) لا يمكنه أبدا أن يشرح للعالم بعد الآن كم هو نصيبه من الإنسانية.

أنا أعلم أن كل شعوب الأرض تدين هذا الظلم الواضح، إلا أن الإدانات لا تكفي. يجب الوصول إلى النتيجة. يجب على كل شعوب العالم المطالبة بالعدالة بأنه سيأتي اليوم الذي ستسود فيه العدالة عوضا عن القوة, نحن نريد هذا.

تركيا ستستخدم كافة الإمكانات التي يتيحها القانون الدولي وستتحرك مع المجتمع الدولي في هذا المسار. أود أن ألفت انتباه الإنسانية جمعاء إلى النقطة التالية.

إن إسرائيل بسياستها التي تريق الدماء لن تستطيع أن تبرر هذا العمل غير المشروع الذي قامت به, هذه الجريمة الدامية أو أن توضحها. لن تستطيع إسرائيل أن تنظف يدها من الدماء بأي مسوغ مهما كان.

إن المشكلة الناجمة عن هذا العدوان الدامي ليست مشكلة تخص البلدين فحسب بل تخص العالم كله. إننا نؤمن بأن أي دولة أو مؤسسة دولية تولي أهمية للقيم الإنسانية لا يمكنها أن تقف متفرجة على جريمة بهذه الأبعاد.

شريك في الجريمة
بعد هذه المرحلة يجب أن يعرف كل من يتغاضى عن هجمات إسرائيل الدامية أو يتعامى عنها أنه شريك في الجريمة.

لا يعتبر الأمر دفاعا في وجه الإرهاب ولا مكافحة للإرهاب بل إنه يعتبر مجزرة في حق أهل مدينة بأكملها، هذا ولقد أثبت الحادث الأخير هذا الأمر.
إنكم تقصفون أولئك الناس بالقنابل،
وتجربون فيهم القنابل الفوسفورية،
وتقصفون المستشفيات والمساجد وتعتدون على المدارس وترمون القنابل في حدائق الأطفال بالإضافة إلى ذلك تهاجمون مكتب الأمم المتحدة!!!
ولا تكتفون بهذا القدر من "اللاقانونية" بل تحرمون أولئك الناس من سد كافة احتياجاتهم.

فضلا عن أنكم تطبقون وحشيتكم على متطوعي المساعدات الخيرية الذين يحملون لأولئك الناس الأدوية والمواد الغذائية ومواد البناء.

ربما يغمض الجميع عيونهم إزاء هذه "اللاقانونية" وربما يقدم دعمه أيضا بشكل خفي ولكنني أتكلم بصراحة وأؤكد أنه يجب على إسرائيل أن لا تخطئ في خلط تركيا بدول أخرى حيث إن ثمن هذا الخطأ سيكون باهظا.

إن إسرائيل التي ارتكبت الإجرام هذا في المياه الدولية والتي أطلقت الرصاص على الأبرياء والمتطوعين قد اختارت الانفراد والعزلة عن العالم.

 لن ندير ظهورنا للفلسطينيين
أقول مرة أخرى ولو سكت الكل وأغمض عينيه وأدار ظهره فإننا في تركيا لن ندير ظهورنا للفلسطينيين وللشعب الفلسطيني ولغزة ولن نغمض عيوننا وسنواصل رفع صوتنا عاليا من أجل غزة.

إخوتي الكرام،
فليكن شعبنا صابرا ومتينا.
فليكن شعبنا على رزانة تليق به.
وسنستقبل شهداءنا ونسكنهم صدورنا.
وسنضمد معا جراح مصابينا.
ونحن نشاهد ببالغ السعادة بأن مواطنينا يتابعون التطورات عن كثب وبحساسية بالغة ويبدون ردهم الديمقراطي في إطار القانون وهذا هو الموقف الذي يليق بشعبنا.

إنني أومن بأن جميع مواطنينا يحافظون على متانتهم ورزانتهم وأنهم يتصرفون بالحكمة والعقلانية.

فليعلم الجميع أن سفن المحبة والصداقة التي انطلقت من ضمير الإنسانية ستتغلب على الحواجز كلها وستصل في يوم من الأيام إلى أهدافها.

أخاطب من مقامي هذا أولئك الذين يدعون أنهم وراء هذه العملية غير القانونية وغير الإنسانية: بقدر ما تقفون وراء "اللاقانونية" فإننا نقف وراء القانون، وبقدر ما تقفون وراء هذه العملية الدموية والاعتداء والإرهاب فإننا نقف وراء السلام والعدل.

وبقدر ما أنتم تقفون ضد المدنيين والأبرياء في غزة وفلسطين فإننا نقف إلى جوار المدنيين والأبرياء والفلسطينيين وأهل غزة.

وإننا افتخرنا دوما بموقفنا هذا عبر التاريخ واعتبرناه شرفا لنا.
وبعد الآن سنتصرف انطلاقا من مسؤوليتنا التاريخية والحضارية ونتحرك في إطار التقاليد التي ورثناها من خلال تجاربنا الإدارية.

وأتمنى من الله الرحمة والمغفرة للذين فقدوا أرواحهم إثر الاعتداء الإسرائيلي، كما أنني أتمنى شفاء عاجلا للمصابين. إننا اتخذنا كافة التدابير لإحضار المصابين إلى تركيا.

على الإدارة الإسرائيلية أن تسلم المصابين وجثث الشهداء ومتطوعي المساعدات الخيرية إلى تركيا في أقرب وقت ممكن. إن اتخاذ أي موقف سلبي في هذا الأمر سيعمق المشكلة وسيؤدي إلى أضرار كبيرة. بهذه المشاعر والأحاسيس أحييكم من صميم قلبي.

المصدر : الجزيرة