البطالة

Unemployed protestors demonstrate in Tunis, Tunisia, Friday, Jan. 22, 2016. Tunisia has imposed a nationwide curfew in response to growing unrest over unemployment, as protests across the country have descended into violence in several cities. (AP Photo/Riadh Dridi)
وصف العاطل يهم فقط الفرد الذي يبحث عن عمل ولا يجده (أسوشيتد برس)

البطالة هي عدم الحصول على فرصة عمل على الرغم من توفر القدرة عليه ومداومة البحث عنه، وهي ظاهرة اقتصادية تنتج عن اختلال التوازن في سوق العمل الذي يشهد فائضا في الطلب مقارنة بفرص العمل الموجودة (العرض).

وتعد البطالة إحدى الخصائص الهيكلية التي تميز الاقتصادات المعاصرة في البلدان المتقدمة والنامية على حد سواء، فالانكماش الاقتصادي الذي شهدته البلدان الغربية عقب أزمة النفط الأولى (1973)، والسياسات النقدية التقييدية التي انتهجتها الحكومات رغبة في كبح جماح التضخم أنهت كلها عقودا من التشغيل الكامل للعمالة الذي شهدته هذه البلدان خلال "الثلاثين سنة المجيدة" (1945-1975).

وقد أصبحت البطالة منذ 1975 جزءا لا يتجزأ من المشهد الاقتصادي العام في كل بلد، وبدأ الحديث في أوساط أكاديمية عن "معدل بطالة طبيعي" لا يمكن النزول عنه من دون التسبب في التضخم.

معدل البطالة
معدل البطالة هو النسبة المئوية لعدد العاطلين عن العمل من إجمالي "السكان النشطين"، ويشمل مفهوم "السكان النشطين" -وفق تعريف منظمة العمل الدولية– جميع الأشخاص الذين ما زالوا في سن العمل، سواء كانوا يعملون فعلا أم يبحثون عن عمل، وسواء كان عملهم مأجورا أم غير مأجور.

وليس كل من لا يعمل يعد عاطلا عن العمل، فلكي يحسب الفرد عاطلا في الإحصائيات الرسمية لا بد من أن يكون عاكفا على البحث فعليا عن العمل، ولهذا فالتلاميذ والطلبة ومن استغنوا عن العمل ومن توقفوا عن البحث عنه لا يعتبرون من العاطلين، ولا يؤخذون بالحسبان عند قياس معدل البطالة.

أنواع البطالة
توجد بشكل عام أربعة أشكال من البطالة، هي:

البطالة الهيكلية: هي بطالة بنيوية في الاقتصاد وتكون طويلة الأجل، وتنتج عن ضعف النمو مقارنة بمعدل تزايد أعداد الباحثين عن العمل، أو عن عدم توافق المهارات المعروضة في سوق العمل (مخرجات الأنظمة التعليمية) مع المهارات المطلوبة فيه.

البطالة الظرفية: وهي بطالة مؤقتة تنتج عن انخفاض ظرفي لمستوى النشاط الاقتصادي بسبب تعرض الاقتصاد المحلي لصدمة خارجية (مثلا تراجع الصادرات أو عدد السياح لأسباب مؤقتة).

البطالة الاحتكاكية: وهي بطالة مؤقتة جدا تنتج عن تنقل العمال بين الوظائف، وتدوم أسابيع فقط إلى أن يجد الشخص عملا آخر.

البطالة التكنولوجية: وهي البطالة التي تنشأ عن الاستعمال المكثف لرأس المال التقني وتعويض العمال بالآلات في عملية الإنتاج.

البطالة الطبيعية
صاغ ميلتون فريدمان (رائد المدرسة النقدية في الاقتصاد) مفهوم البطالة الطبيعية لكي يؤكد وجود "معدل بطالة" لا يمكن النزول عن مستواه من دون أن يؤدي التدخل الحكومي -عبر السياسة النقدية أو السياسة الإنفاقية– إلى تسريع التضخم.

ويعود السبب في ذلك -وفقا لفريدمان- إلى انعدام المرونة في سوق العمل، حيث يحول الحد الأدنى للأجور دون انخفاض الأجور إلى المستوى الذي يحفز التشغيل عندما ترتفع البطالة.

ويرى فريدمان أن مرونة العمل من شأنها أن تخفض معدل البطالة الطبيعية إلى مستوى البطالة الاحتكاكية التي تظل مرتبطة بحجم الوقت اللازم للعمال من أجل التنقل بين الوظائف.

النمو والبطالة
حاولت دراسات قياسية كثيرة تقييم أثر النمو الاقتصادي على وتيرة التشغيل وتراجع معدلات البطالة، وأثبتت أغلبيتها وجود علاقة طردية بين النمو والبطالة، ويعد "قانون أوكن" -نسبة إلى الاقتصادي الأميركي آرثر أوكن- من أهم النماذج التي تثبت هذه العلاقة وتقدر قوتها.

ويفترض هذا القانون -وفقا للبيانات الإحصائية التي اعتمد عليها صاحبه- أن كل ارتفاع قدره 3% في الناتج المحلي الإجمالي يقابله تراجع في معدل البطالة بمقدار نقطة مئوية واحدة.

لكن الدراسات القُطرية بينت أن قيمة "قانون أوكن" تختلف من بلد إلى آخر، كما أن اعتماد منهجيات مغايرة في بناء الإحصائيات يؤدي بدوره إلى اختلاف في تقييم قوة العلاقة، حيث أشارت دراسات لاحقة إلى أن نموا أقل مما وجده أوكن يكفي لتراجع البطالة بنقطة واحدة.

ومما يؤثر كذلك على قوة العلاقة بين النمو والبطالة نوعية الأنشطة الإنتاجية التي تدفع النمو الاقتصادي، فبعض الصناعات والأنشطة الخدمية تستهلك أعدادا مهمة من اليد العاملة، في حين تكون أنشطة أخرى كثيفة من حيث رأس المال وفقيرة في المقابل من حيث العمالة (الأنشطة التي تعتمد أساسا على الآلات والحواسيب).

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية