ما هي الحمائية؟

Women shop for cosmetics and face care products at a mall in Kuala Lumpur August 27, 2016. REUTERS/Edgar Su
تستند الحمائية إلى مجموعة من الأدوات التي تحد من الاستيراد وتُعيق ولوج السلع الأجنبية إلى الأسواق الداخلية (رويترز)

الحمائية هي سياسة تجارية تهدف إلى حماية الإنتاج الوطني من المنافسة الأجنبية، وتستند إلى مجموعة من الأدوات التي تحد من الاستيراد وتُعيق ولوج السلع الأجنبية إلى الأسواق الداخلية.

الأدوات
تتوسل الحمائية بعدة أدوات في سبيل تحقيق أهدافها، من أهمها:

ـ الرسوم الجمركية: وهي ضرائب تفرضها الدول على السلع المستوردة من الخارج أو المصدرة إليه، وتُدفع أثناء عبور هذه السلع للحدود وولوجها إلى داخل التراب الجمركي الخاضع للضريبة أو خروجها منه.

ـ حصص الاستيراد: وتمثل تقييدا مباشرا لكمية السلع التي يمكن استيرادها سنويا، حيث تحدد الحكومة الكمية المسموح باستيرادها من كل سلعة، وتمنح رخصا للشركات المحلية من أجل توريد هذه السلع في حدود الكميات المحددة.

ـ مكافحة الإغراق: وهو بيع السلعة بسعر أقل من تكلفة إنتاجها، أو بيعها بأقل من سعرها في البلد المصدر. وتعد هذه الممارسة نوعا من المنافسة غير الشريفة، لذلك فإنها مُدانة في جميع الاتفاقيات التجارية الدولية.

وتسمح اتفاقيات منظمة التجارة العالمية بفرض رسوم جمركية تعويضية على السلع التي يقوم الدليل على أن منتجيها يمارسون الإغراق.

ـ المعايير التقنية والصحية: وهي شروط تحددها التشريعات والقوانين الوطنية، وينبغي توفرها لزاما في السلع من أجل السماح بولوجها إلى السوق الداخلية، وتتعلق بالمواصفات التقنية لهذه السلع وجودتها أو بشروط السلامة الصحية.

ـ المساعدات: وهي عبارة عن مبالغ مالية تقدمها الحكومة لمنتجي بعض السلع المحلية التي تفتقد القدرة التنافسية ولا تستطيع الصمود أمام البضائع الأجنبية في السوق الداخلية. والهدف منها هو تمكين هؤلاء المنتجين من البيع بأسعار تقل عن الأسعار التي تباع بها السلع المستوردة من الخارج.

ـ تخفيض قيمة العملة: هو خفض سعر الصرف الرسمي لهذه العملة مقابل عملة دولية مرجعية (مثل الدولار الأميركي)، بحيث يقل عدد الوحدات من العملة الأجنبية التي يمكن الحصول عليها مقابل وحدة واحدة من العملة الوطنية.

ومن شأن هذا الإجراء أن يجعل السلع الأجنبية المستوردة أكثر تكلفة مقارنة مع السلع المصنعة محليا. 

نماذج حية
تبنى الكونغرس الأميركي قانونا عام 2010 يقضي بالتعامل مع البلدان التي تتدخل من أجل الإبقاء على أسعار صرف عملاتها الوطنية عند مستوى يقل عن قيمتها الفعلية، على أنها تمارس نوعا من الإغراق بهدف دعم صادراتها في تنصل تام من مقتضيات الاتفاقيات التجارية الدولية.

ويسمح هذا القانون لوزارة التجارة بفرض رسوم جمركية تعويضية على الواردات الأميركية القادمة من هذه البلدان. وقد تضررت الصين التي تتهمها الولايات المتحدة بالتلاعب بقيمة اليوان وممارسة الإغراق عبر سعر الصرف من هذا الإجراء الحمائي وتراجعت صادراتها إلى السوق الأميركية خلال السنوات الأخيرة.

وتمثل المساعدات المالية التي تقدمها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للمزارعين المحليين نموذجا آخر يشهد على اللجوء إلى الإجراءات الحمائية بهدف حماية قطاع اقتصادي كامل (الزراعة) غير قادر على الصمود أمام المنافسة الخارجية دون الاتكال على ميزانية الدولة.

وقد قامت المفوضية الأوروبية مؤخرا بصرف 500 مليون يورو من أجل دعم قطاع الزراعة في أوروبا الذي يعاني من أزمة. وخصصت 150 مليون يورو لدعم مربي الأبقار ومنتجي الألبان وتعويض خسائرهم، بعد أن شهد إنتاج الألبان تراجعا كبيرا في بلدان الاتحاد.

هل تكفي الحماية؟
يؤكد العديد من الاقتصاديين أن البلدان التي حققت مستويات متقدمة من التنمية في العقود الأخيرة (مثل كوريا الجنوبية والصين والهند والبرازيل) لم تنفتح على التجارة الحرة إلا بعد أن بنت نسيجا في مجال المقاولات وآلة إنتاجية وطنية قادرة على مواجهة المنافسة الأجنبية والتصدير في اتجاه الأسواق الدولية.

وكذلك كان الأمر بالنسبة للقوى الاقتصادية الأخرى (مثل الولايات المتحدة وألمانيا واليابان) التي طورت صناعاتها في مراحل سابقة تحت سقف الحمائية، كما بيَّنه المؤرخ الاقتصادي بول بيروك في مؤلفه المعنون بـ"أساطير وتناقضات التاريخ الاقتصادي".

ولكن في المقابل أخفقت كثير من البلدان النامية في بناء صناعات متطورة وقادرة على المنافسة الدولية. ولم تنعكس سياسات الحمائية التجارية التي انتهجتها هذه البلدان إيجابا على النمو والتنمية الاقتصادية، بل أوجدت حالة من الريع استفاد منها -فحسب- بعض رجال الأعمال المقربين من الأنظمة الحاكمة.

المصدر : الجزيرة