إثيوبيا.. أقدم مواطن الحضارات البشرية في العالم

خريطة إثيوبيا - قديمة الرجاء عدم الاستخدم

جمهورية إثيوبيا الفدرالية الديمقراطية، دولة تقع في منطقة القرن الأفريقي، تعد واحدة من أقدم مواطن الحضارات البشرية في العالم، وارتبطت بالعديد من الأحداث المفصلية في التاريخ القديم. أصبحت عاصمتها أديس أبابا مقرا دائما لمنظمة الاتحاد الأفريقي.

حكمتها في العصر الحديث إمبراطورية أسسها يكونو أملاك، ودامت سبعة قرون من 1270م حتى أطيح بآخر حكامها هيلا سيلاسي في انقلاب عسكري عام 1974، وبعد نحو 17 عاما من الحكم أطاح ثوار جبهة تيغراي بحكم منغستو هايلي مريام عام 1991 لتنتقل البلاد إلى النظام الفدرالي.

نجحت الثورة على نظام منغستو في توحيد معظم قادة الميليشيات والقوميات في إنشاء ائتلاف سياسي يحكم البلاد، ما مكن من تجاوز عقود من الحروب الداخلية، لكن النزاعات ذات الطبيعية الإثنية سرعان ما عادت من جديد مع منتصف العقد الثاني من الألفية الثالثة، ثم تجددت في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد علي الذي وُصف بأنه حامل مشروع إصلاحي مختلف.

The New African Union Commission headquarters building in Addis Ababa, Ethiopia
مقر الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (غيتي إيميجز)

المعلومات الأساسية

الاسم: جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية.

الاسم المختصر: إثيوبيا.

العاصمة: أديس أبابا.

اللغة: يتكلم الإثيوبيون عدة لغات محلية أبرزها الأمهرية والأرومية، إضافة إلى الإنجليزية التي تعتبر اللغة الأجنبية الأساسية في المدارس.

النظام السياسي: جمهورية اتحادية.

اليوم الوطني: 28 مايو/أيار (1991) ذكرى نهاية نظام الجنرال منغستو هيلا مريام.

العملة: البر.

الجغرافيا

الموقع: تقع إثيوبيا في شرق القارة الأفريقية، تحدها الصومال من الجنوب الشرقي، وجيبوتي من الشرق، وإريتيريا من الشمال الشرقي، والسودان من الشمال، وجنوب السودان من الشمال الغربي، وكينيا من الجنوب الغربي.

المساحة: 1.104.300 كيلومتر مربع.

الموارد الطبيعية: الذهب والبلاتين والنحاس والبوتاس والغاز الطبيعي والطاقة الكهرومائية.

المناخ

تتدخل عدة عوامل في تشكيل المناخ بإثيوبيا منها الموقع المداري والارتفاع والقرب من المحيط الهندي والرياح الموسمية، ويتنوع المناخ بين مداري وبارد ومعتدل وصحراوي جاف.

FILE PHOTO: A partial view of the Lalibela town in the Amhara Region, Ethiopia, January 25, 2022. Picture taken January 25, 2022. REUTERS/Tiksa Negeri/File Photo
منظر لبلدة لاليبيلا في إقليم أمرهة بإثيوبيا (رويترز)

السكان:

التعداد: 123 مليونا و379 ألفا و924 نسمة، حسب إحصاءات 2022.

نسبة النمو سنة 2022: 2.5%.

التوزيع العرقي

34.5% أرومو، و26.9% أمهرة، و6.2% صوماليون، و6.1% تيغراي، و4% سيداما، و2.5% غوراجي، و2.3% ولاييت، و1.7% هدية، و1.7% عفر، و1.5% غامو، و1.3% غيديو، و11.3% أعراق أخرى.

الديانة

مسيحيون أرثودوكس: 43.5%، مسلمون: 33.9%، مسيحيون بروتستانت: 18.6%، ديانات محلية: 0.7%، مسيحيون كاثوليك: 0.7%.

الاقتصاد

فتحت خطة آبي أحمد علي الذي وصل إلى منصب رئيس الوزراء في 27 مارس/آذار 2018، الأفق نحو نهضة للاقتصاد الإثيوبي الذي حقق ارتفاعا في الناتج الإجمالي ومعدل النمو مع تراجع معدلات الفقر.

لكن المؤشرات سرعان ما بدأت في التراجع بعد حرب إقليم تيغراي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إضافة إلى تداعيات فيروس كورونا، ما أدى إلى تباطؤ الاقتصاد وانخفاض قيمة العملة.

وابتداء من 2022 عاد الناتج المحلي الإجمالي إلى الارتفاع وبلغ 126.78 مليار دولار، مقابل 111,26 مليار دولار في 2021.

كما وصل الناتج الفردي السنوي إلى 1027.60 دولارا مقابل 925 في 2021، ووصلت نسبة النمو: %5.30، لكن تبعات الحرب ظلت قائمة خلال 2022 وتجسدت في التضخم الذي بلغ نسبة 33.90%، ونسبة البطالة: 4,02%، والدين الخارجي: 28,61 مليار دولار، كما عجزت الحكومة الإثيوبية عن سداد دفعة الديون المستحقة في شهر ديسمبر/كانون الأول 2023.

ومن أهم المنتجات التي تشتهر بها إثيوبيا: الحبوب والبقول والبن والقطن وقصب السكر والقات والماشية والذهب والمنسوجات والجلود والمواد الكيميائية والإسمنت.

التاريخ

تعد منطقة إثيوبيا الحالية واحدة من أقدم مواطن الحضارات البشرية في العالم، وشملت حدود بعض الممالك التي حكمتها كل المنطقة الواقعة جنوب مصر حتى أقصى جنوب القرن الأفريقي، وورد ذكرها في العهد القديم والآثار المصرية والتاريخ اليوناني، وعرفت باسم الحبشة وبلاد النبط وإثيوبوس.

وشهدت المنطقة قيام مملكة داموت ما بين القرنين العاشر والخامس قبل الميلاد، وامتد نفوذها بين شمال إثيوبيا ومناطق من إرتيريا الحالية، وتشير الروايات التاريخية إلى أنها انقسمت إلى ممالك صغيرة ابتداء من القرن الرابع قبل الميلاد.

وعلى أنقاض هذه المملكة قامت مملكة أكسوم في القرن الأول الميلادي، وتقول بعض الأساطير إن أصل السلالة التي حكمتها يعود إلى النبي سليمان وملكة سبأ.

وخلال القرن الرابع الميلادي وصلت الديانة المسيحية إلى أكسوم عن طريق المبشرين المصريين والسوريين، كما توطدت صلتها بالإمبراطورية الرومانية وأخضعت لنفوذها مناطق اليمن الواقعة على البحر الأحمر، ثم توسعت لمناطق أخرى بالعمق، ونشرت المسيحية في اليمن وجنوب شبه الجزيرة العربية، وخاضت حروبا واسعة مع الحميريين في القرن السادس الميلادي، ضمن صراعات الإمبراطوريتين الرومانية والفارسية على وقع التنافس المحموم على خطوط التجارة.

ومنذ العقود الأولى لقيام الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة ثم في دمشق وبغداد بدأ نفوذ أكسوم على البحر الأحمر يضعف، بينما استمرت الكنيسة والمملكة حتى حدود القرن العاشر الميلادي، ثم ظهرت سلالة زاكو وحكمت المنطقة على مدى نحو ثلاثة قرون حتى عام 1270.

إحدى الشوارع الرئيسية لمدينة جيما
أحد الشوارع الرئيسية لمدينة جيما الإثيوبية (الجزيرة)

السلالة السليمانية

في عام 1270 ظهرت إمبراطورية السلالة السليمانية ومثلت عودة حكم أحفاد سليمان ومملكة سبأ وفق الأساطير المحلية، فخاضت العديد من الحروب مع العثمانيين، فضلا عن فصول من الاضطراب في العلاقات والاصطدام مع الممالك في المنطقة مثل مملكة عدل وغيرها، إضافة إلى الصراعات المحلية والتوتر في علاقة الرهبان والحكام.

وخلال القرن الثامن عشر عادت منطقة إثيوبيا إلى صدارة الاهتمام الثقافي في الغرب بعد تقرير أعده المستكشف بروس، فكانت مع القرن التاسع عشر وجهة لمجموعة مبتعثين بروتسنانت ثم كاثولويك.

إلا أن المجموعتين واجتها الرفض الرسمي والديني فتم طردهما، وابتداء من أواخر القرن التاسع عشر أصبحت الإرساليات تجوب إثيوبيا دون مخاطر في عهد الملك منليك الثاني.

فمع وصول هذا الملك إلى حكم الإمبراطورية الإثيوبية عام 1889م دخلت البلاد مرحلة جديدة من تاريخها، فقد أسس عاصمته الجديدة أديس أبابا وأولى اهتماما كبيرا للتعليم وعصرنة البلاد، كما ألحق هزيمة مدوية بإيطاليا، التي حاولت توسيع رقعة سيطرتها في المنطقة رغم اتفاقية معاهدة موقعة بينهما تقر بسيادة إثيوبيا، واستمر حكمه حتى 1913.

وبعد وفاة منليك الثاني تولى الحكم حفيده ليج ياسو عام 1913، إلا أنه خلع في 1916 بعد اتهامه باعتناق الإسلام، وتم تنصيب زوديتو ابنة منليك الثاني إمبراطورة لإثيوبيا، بينما اختير هيلا سيلاسي، وهو سليل ملوك الحبشة، وصيا ووريثا للعرش فأصبح له حضور سياسي كبير وزار العديد من بلدان العالم.

سيلاسي ونهاية الإمبراطورية

في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1930 نصب سيلاسي إمبراطورا لإثيوبيا، بعد وفاة الإمبراطورة زوديتو. ومع أن إيطاليا تمكنت من احتلال إثيوبيا في عهده واضطر للهروب، واستقر على الأراضي الفلسطينية إلا أن مدة الاحتلال لم تتجاوز خمس سنوات من 1936 إلى 1941، فعاد بدعم بريطاني وكون جيشا اجتاح إثيوبيا من جهة السودان وطرد الإيطاليين واستنأنف حكمه من جديد.

ويوصف سيلاسي بأنه تمكن من تعزيز سلطاته وتقويض نفوذ المجموعات التقليدية في أنحاء إثيوبيا، ومكنه دستور 1955 من توسيع صلاحياته الواسعة أصلا، وتعرض حكمه لأول هزة بعد العودة للسلطة مع محاولة انقلاب فاشلة عام 1960.

كما ساهم في تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية التي استضافت إثيوبيا قمتها الأولى عام 1963 بمشاركة 32 بلدا أفريقيا، وتولى رئاستها الدورية مرتين، واستطاع جعل أديس أبابا المقر الدائم للمنظمة التي تحولت في 2002 إلى الاتحاد الأفريقي,

قادته أطماعه التوسعية إلى احتلال إرتيريا في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 1962 فحولها إلى ولاية إثيوبية، وفجر بذلك صراعا داميا.

واجهت البلاد في عهده مجاعة ووقائع تمرد في منطقة تيغراي، إضافة إلى احتجاجات الطلاب والعمال والجنود، وهو ما مهد لانقلاب عسكري دعمه الاتحاد السوفياتي وأنهى في 12 سبتمبر/أيلول 1974 حكم سيلاسي الذي دام نحو 60 عاما، كما كان نهاية إمبراطورية دامت سبعة قرون.

إلى النظام الفدرالي

بعد الإطاحة بسيلاسي انتهى حكم الإمبراطورية في إثيوبيا وبدأت مرحلة حكم عسكري عرفت بالديرغ أو الحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية، وترأس البلاد الفريق أمان عندوم، لكنه قتل بعد نحو شهرين وتولى بعده الرائد منغستو هيلا مريام لمدة 11 يوما فقط في مرحلة أولى، ثم العميد تفاري بنتي الذي ترأس حتى 1977، فعادت الرئاسة لمنغستو وهو حينها برتبة مقدم في الجيش، فحكم بقبضة حديدية، وكان من قراراته تغيير اسم البلاد إلى جمهورية إثيوبيا الشعبية الديمقراطية، واستمر في الحكم حتى 21 مايو/أيار 1991 وأسقطته ثورة قادتها جبهة تحرير شعب تيغراي.

وعلى الرغم من تولي تيسفاي جبري كيدان الرئاسة بالوكالة، فإن مدة حكمه لم تتجاوز أسبوعا حيث خلع هو الآخر ليتولى الرئاسة قائد جبهة تيغراي الثورية ملس زيناوي في أواخر مايو/أيار 1991 لمرحلة انتقالية، ثم أصبح يقود "الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا"، وهي ائتلاف سياسي يضم عدة جبهات أبرزها "جبهة تحرير شعب تيغراي"، و"الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو"، و"الحركة الديمقراطية لقومية أمهرا"، و"الحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا"، وفي عهده اعتُمد دستور جديد للبلاد بموجبه أعلن في أغسطس/آب 1995 قيام جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية.

وخلال سنوات حكم زيناوي الأولى انفصلت أريتيريا عن إثيوبيا بموجب استفتاء أصر عليه صديقه الشخصي أسياس أفورقي الذي أصبح رئيس أريتيريا، لكن الحرب اندلعت بين البلدين عام 1998 واستمرت حتى 2000.

وبعد انتخابات مثيرة عقب الدستور الجديد أصبح زيناوي أول رئيس للوزراء في الجمهورية الجديدة بصلاحيات واسعة، وأصبح أكثر قربا من الولايات المتحدة والغرب، وفي 2006 أرسلت بلاده قوات إلى الصومال لطرد الجماعات الإسلامية المقاتلة ثم أعادت إرسالها من جديد أواخر 2011 لمحاربة "حركة الشباب المجاهدين" الصومالية.

وفي 20 أغسطس/آب 2012 أعلن عن وفاة زيناوي بمستشفى في العاصمة البلجيكية بروكسل، بينما أصبح نائبه هايلي ميريام ديسيلين رئيسا للحكومة بالوكالة حتى أدائه اليمين الدستورية في 16 سبتمبر/أيلول من العام نفسه بعد كسب موافقة قيادة الجبهة الحاكمة.

وخلال حكمه شهدت البلاد حالة من الاضطراب فأعلن استقالته وعبر عن أمله في أن تؤدي إلى استقرار البلاد، فقدم الائتلاف الحاكم (الجبهة الديمقراطية الثورية لشعوب إثيوبيا) آبي أحمد علي رئيسا للائتلاف تمهيدا لانتخابه، فأصبح أول رئيس للوزراء من قومية الأورومو (أكبر القوميات في إثيوبيا) منذ وصول الجبهة للحكم في 1991.

المصدر : الجزيرة