ماذا تعرف عن آلية انتخاب البرلمان الألماني؟

New German President Frank-Walter Steinmeier addresses the Bundestag after the swearing-in ceremony at the lower house of parliament Bundestag in Berlin, Germany, March 22, 2017. REUTERS/Fabrizio Bensch
تجري الانتخابات الاتحادية للبرلمان الألماني في العادة كل أربع سنوات (رويترز)

تجري الانتخابات الاتحادية للبرلمان الألماني (بوندستاغ) في العادة كل أربع سنوات، وتعد مناسبة لقياس قوة الأحزاب من خلال عدد المقاعد التي تمثلها في المؤسسة التشريعية.

والبوندستاغ هو برلمان ألمانيا وأعلى سلطة تشريعية فيها والمؤسسة الدستورية الوحيدة المنتخبة شعبيا مباشرة، تناط به واجبات عديدة تشمل تحقيق مصالح الشعب، وانتخاب مستشار البلاد أو الدعوة لسحب الثقة منه، والمشاركة في انتخاب رئيس الجمهورية، والرقابة على عمل الحكومة والسلطات التنفيذية وأجهزة الاستخبارات وأوضاع الجيش ومهامه الخارجية.

آلية الانتخاب
تجري الانتخابات الاتحادية للبرلمان الألماني (بوندستاغ) في العادة كل أربع سنوات، ويخص الدستور الأحزاب السياسية بدور محوري في رسم الخريطة السياسية الألمانية، حيث تنص مادته رقم 21 على "مشاركة الأحزاب الأساسية في تشكيل الإرادة السياسية للشعب". ويبلغ عدد الدوائر الانتخابية الألمانية 299 دائرة.

ويملك كل ناخب ألماني وصل إلى سن الثامنة عشرة صوتين: بواسطة الصوت الأول يختار الناخب مرشحه المباشر في دائرته الانتخابية، وعلى هذا النحو يتم انتخاب نصف أعضاء البرلمان (299 مقعدا)، وهنا يكفي حصول كل مرشح على أغلبية نسبية من أجل الفوز بمقعد في البرلمان القادم.

أما الصوت الثاني فيمنحه الناخب لحزب ما دون اختيار نائب بعينه، وبواسطته يختار الناخبون النصف الثاني من أعضاء البرلمان. والصوت الثاني هو الأكثر أهمية لأنه يحدد توزيع المقاعد البرلمانية على الأحزاب السياسية وبالتالي يشكل مقياس قوتها الحقيقية في عملية صناعة القرار السياسي.

الصوت المباشر والقائمة النسبية
يمكن وصف آلية الانتخابات على النحو التالي: في كل دائرة انتخابية يقدم كل حزب مرشحه المفضل، وفي كل ولاية ألمانية يضع كل حزب سياسي لائحة لمرشحيه الذين يتم إرسال عدد منهم كأعضاء في البرلمان الجديد وفقاً لنسبة الأصوات الثانية.

المرشحون الفائزون عن الدوائر الانتخابية بواسطة الصوت الأول يمثلون دوائرهم في البرلمان في العاصمة الألمانية برلين، ثم يختار كل حزب نوابه من اللائحة التي قدمها وفقا لما حصل عليه من الأصوات الثانية بعد خصم عدد النواب الفائزين من خلال الأصوات الأولى.

فإذا حصل حزب على 10 مقاعد من الأصوات الأولى و15 مقعدا من الأصوات الثانية، فإن العشرة نواب الذين يشغلون العشرة مقاعد الأولى يذهبون مباشرة إلى برلين لتمثيل دوائرهم، ثم يختار الحزب 5 نواب آخرين من لائحته لتمثيله في البرلمان.

وفي حالة تساوي المقاعد التي حصل عليها حزب ما من الأصوات الأولى والثانية فإنه يكتفي بالنواب الفائزين بالأصوات الأولى ولا يمكنه إرسال نواب من اللائحة. ففي المثال السابق، إذا كان عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب من الأصوات الثانية هو 10 مقاعد، فلا يمكنه إرسال نواب إضافيين إلى البرلمان الاتحادي في برلين، ويكتفي بالعشرة نواب من الأصوات الأولى.

المقاعد البرلمانية "العالقة"
في حالات استثنائية يمكن أن يفوز أحد الأحزاب في إحدى الولايات الألمانية عن طريق الصوت الأول بعدد من المقاعد البرلمانية أكبر من نسبة الأصوات الثانية التي فاز بها. ويرى قانون الانتخابات الألماني في هذا الإطار أن تحتفظ الأحزاب السياسية بهذه المقاعد البرلمانية التي يطلق عليها المقاعد "العالقة"، مما يرفع من عدد المقاعد البرلمانية للأحزاب التي تفوز بها.

يذكر أن هذه المقاعد البرلمانية العالقة ساعدت المستشار السابق شرودر وحليفه حزب الخضر على الحصول على أغلبية برلمانية أهلته للفوز بانتخابات 2002. والبرلمان الحالي يضم 611 مقعدا، أي أن هناك 13 مقعدا عالقا.

حاجز  5%
يضع الدستور الألماني عوائق صعبة أمام إجراء انتخابات مبكرة بهدف تحقيق أكبر درجة ممكنة من الاستقرار السياسي والحفاظ على هيبة المستشار الألماني وثبات الركائز الأساسية لآلية صناعة القرار السياسي.

وقد كان وصول النازيين إلى سدة الحكم عام 1933 بعد استغلالهم لنقاط ضعف نظام جمهورية فايمار، التي كانت أول دولة ديمقراطية في التاريخ الألماني، الدافع الذي حدا بواضعي القانون الأساسي إلى سن تشريع يهدف إلى تجنب تكرار أخطاء دستور جمهورية فايمار.

هذا التشريع يمنع قوى المعارضة من إسقاط الحكومة الاتحادية، دون أن تكون قادرة على تشكيل ائتلاف حكومي بديل لها ويعطي أولوية خاصة للاستقرار السياسي.

 وفي هذه الخانة يصب حاجز 5% الذي يقضي بأن يفوز كل حزب سياسي بـ5% من أصوات الناخبين حتى يحصل على حق التمثيل والمشاركة الفاعلة في البرلمان الألماني. ويهدف هذا التشريع إلى الحؤول دون عرقلة الأحزاب الصغيرة لعملية اتخاذ القرار ودون تهديد استقرار النظام السياسي.

نشأة البرلمان
تأسس أول برلمان ألماني في ثمانينيات القرن 19 بعد سنوات قليلة من توحيد الولايات الألمانية على يد السياسي البروسي أوتو فون بسمارك، وتأسيسه الإمبراطورية الألمانية أو ما يعرف بـ"الرايخ الألماني الأول" وتوليه منصب المستشار فيها عام 1871.

وارتبط البرلمان الألماني الأول باسم "الرايخستاغ"، وهو مقره الذي ظل منذ تأسيسه يواصل منه وظيفته التشريعية حتى أحرقه النازيون ودمروه عام 1933، قبل أيام من الانتخابات التي أتت بالزعيم النازي أدولف هتلر إلى السلطة.

أما برلمان ألمانيا الحديثة (البوندستاغ) فقد تأسس بالتزامن مع قيام جمهورية ألمانيا الاتحادية 1949، وظل مقره منذ ذلك الوقت في العاصمة القديمة بون، وانتقل بعد توحيد الألمانيتين عام 1990 إلى مقره الحالي في مبنى "الرايخستاغ" القديم، بعد تجديده بالكامل عام 1999 في العاصمة الجديدة برلين.

المصدر : الجزيرة