الترحيب باللاجئين.. مؤشر يكشف حقيقة المواقف

مؤشر الترحيب باللاجئين معيار أعدته منظمة العفو الدولية (أمنستي) يكشف المستويين الرسمي والشعبي في عدد من دول العالم بشأن قضية اللاجئين، ويقيس مدى قبولهم على مستوى السياسات الحكومية المتعلقة باللجوء وبين آراء الشعوب.

استرعى أمنستي تفاقم أزمة اللاجئين على مستوى العالم وتصدرها الأزمات العالمية وبلوغ أعدادهم أرقاما غير مسبوقة، وأعلنت المنظمة يوم 19 مايو/أيار 2016 نتائج دراسة ميدانية شملت عددا من دول وشعوب العالم تبين مدى القبول بهؤلاء اللاجئين رسميا وشعبيا، وتظهر حجم التباين والفصام بين المستويين.

الآلية
يستند مؤشر الترحيب باللاجئين إلى مسح عالمي شمل أكثر من 27 ألف شخص أجراه بيت الخبرة الدولي "جلوبسكان" المتخصص بالاستشارات الإستراتيجية، عن طريق سؤال هؤلاء الأشخاص في 27 دولة: إلى أي مدى يتقبلون اللاجئين؟ وتم توزيع إجاباتهم على مقياس تدريجي من منازلهم إلى أحيائهم إلى مدنهم أو بلداتهم وقراهم إلى أوطانهم، وهل يرفضون دخول اللاجئين بلادهم من الأصل؟

تناقض
يبين مؤشر الترحيب باللاجئين حجم المفارقة والتناقض بين المستوى الشعبي والرسمي، ومدى التنافر بين الخطاب السياسي الرافض للاجئين وبين توجهات الرأي العام، حيث يؤكد غالبية الأفراد الذين شملهم المسح أنهم مستعدون للعطاء "بدرجة مدهشة" كي يشعروا اللاجئين بالترحيب، على عكس ما هو الحال بالنسبة للمواقف الرسمية.

النتائج
أظهرت نتائج المسح الميداني قبول واحد من كل عشرة أشخاص على مستوى العالم استضافة اللاجئين في بيته، وثلاثة من كل عشرة يقبلون إقامتهم في الحي الذي يقطنونه.

وطبقا لنتائج البحث تأتي الصين على قمة مؤشر الترحيب باللاجئين، تليها ألمانيا ثم المملكة المتحدة. وتاليا تفصيل النتائج:

– على المستوى العالمي، أبدى واحد من كل عشرة الاستعداد لاستضافة اللاجئين في بيته، وبلغت نسبتهم 46% في الصين، و29% في المملكة المتحدة، و20% في اليونان، بينما انخفضت إلى 3% في بولندا و1% في روسيا.

ـ وعلى المستوى العالمي أيضا قال 32% إنهم على استعداد لتقبل اللاجئين في الأحياء التي يعيشون بها، و47% في مدينتهم/بلدتهم/قريتهم و80% في وطنهم.

– في عشرين من الدول الـ27 التي شملها المسح قال أكثر من 75% ممن أجابوا عن الأسئلة إنهم يقبلون بدخول اللاجئين إلى بلادهم، ولم تزد نسبة من يرفضون دخول اللاجئين عن 17% فقط. وفي بلد واحد فقط وهو روسيا، تجاوزت نسبة من يرفضون دخول اللاجئين الثلث حيث وصلت إلى 61%.

undefined

وفي ألمانيا قال أكثر من نصف من شملهم المسح (57%) إنهم يقبلون بوجود اللاجئين في الأحياء التي يقطنونها، كما أبدى واحد من بين كل عشرة أشخاص الاستعداد لاستضافتهم في بيته. وقال كل الألمان تقريبا (96%) إنهم على استعداد لقبول دخول اللاجئين إلى بلادهم، بينما قال 3% إنهم يرفضون دخولهم أصلا.

أما البريطانيون فقد جاؤوا في المرتبة الثانية بين أكثر الدول استعدادا لاستضافة اللاجئين في بيوتهم (29%) وفضلا عن ذلك قال 47% آخرون إنهم يتقبلون إقامة اللاجئين في أحيائهم. وأعربت الغالبية العظمى ممن شملهم البحث بالمملكة المتحدة (87%) عن قبول دخول اللاجئين إلى بلادهم.

ووجه المسح الذي بني على أساسه المؤشر سؤالين آخرين بشأن منح اللجوء وسياسات اللجوء الحالية فبالنسبة لمنح اللجوء قال 73% بضرورة إتاحة فرص اللجوء لبلدان أخرى أمام الفارين من الحرب أو الاضطهاد.

وبلغ حجم التأييد لفرص الحصول على اللجوء درجة عالية في إسبانيا على وجه الخصوص (78% يوافقون بشدة) وألمانيا (69% يوافقون بشدة) واليونان (64% يوافقون بشدة).

وفي العديد من البلدان الواقعة في قلب أزمة اللجوء، لا يزال ثلاثة أرباع من شملهم البحث أو أكثر يريدون من حكوماتهم بذل المزيد من الجهد لمساعدة اللاجئين، بما في ذلك ألمانيا (76%) واليونان (74%) والأردن (84%). أما روسيا فكانت النسبة 26% وفي تايلند 29% وفي الهند 41%.

ولم يبد أي أثر للترحاب على الناس في العديد من البلدان التي استقبلت أعدادا كبيرة من اللاجئين، حيث انضمت كل من اليونان والأردن إلى ألمانيا ضمن أعلى عشر دول في ترتيب دول المؤشر. 

واللجوء صفة قانونية قوامها حماية تُمنح لشخص غادر وطنه خوفا من الاضطهاد أو التنكيل أو القتل بسبب مواقفه أو آرائه السياسية أو جنسه أو دينه. كما قد يُفرض اللجوء على الناس فرضا نتيجة حرب أهلية ماحقة أو غزو عسكري أجنبي أو كارثة طبيعية أو بيئية.

ويتمتع اللاجئ بحق الإقامة وبالتالي يُوفر له مصدر للدخل يعيش به، وهنا تتفاوت التشريعات المحلية بين تخويل اللاجئ حق العمل وإعطائه منحة مالية مع توفير السكن والتعليم. وتشمل هذه الإجراءات عادة طالبي "اللجوء الإنساني".

أما "اللاجئ السياسي" فيُقيَّد في بعض الأحيان بالمنع من العمل، كما يُلزم بالتحفظ إزاءَ أي ممارسة سياسية أو حقوقية قد تُسبب توترا في علاقات بلد اللجوء بالبلد الأصلي، أو تلحق ضررا بالأمن القومي لهذا الأخير.

وتُلزم الاتفاقيات الدولية بلد الاستقبال بعدم ترحيل اللاجئ لبلده أو أي بلد يُمكن أن يفقد فيه حياته أو يتعرض للاضطهاد، سواء كان ذلك بسبب آرائه ومعتقداته أو بسبب اضطرابات وأعمال عنف يشهدها البلد المعني.

وقد شكل تعاظم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والنزاعات المسلحة في العالم الثالث -وخاصة أفريقيا– مصدرا للجوء مئات الآلاف من بلدانهم بحثا عن الأمان ومستقبل أفضل.

المصدر : الجزيرة + وكالات