الأغلبية

General view of a parliamentary session on a reform bill vote, in Athens, Greece, 19 November 2015. The government's omnibus bill on prior actions was approved by the Greek parliament on 19 November evening with 153 votes in favour and 137 votes against the legislation.
الأغلبية مفهوم مركزي في الممارسة الديمقراطية التعددية رئاسية كانت أم برلمانية (الأوروبية)

الأغلبية هي الأكثرية، وهي مصطلح شائع في الحياة السياسية الديمقراطية، وتعني النزعة أو التوجه الأعم للناخبين في اقتراع ما، ويُعبر عنها من الناحية الإجرائية بحصول حزب أو تحالف سياسي على الكم الأكبر من الأصوات المعبَّر عنها مقارنة بمنافسيه كل على حدة، وفي هذه الحالة نتحدث عن أغلبية نسبية أو بسيطة.

وحين يحصل حزب أو تحالف سياسي على كمٍّ من الأصوات يفوق ما حصل عليه جميع منافسيه مجتمعين، فإن الأغلبية المحصل عليها تسمى أغلبية مطلقة.

ولمفهوم الأغلبية دلالة مماثلة في المجالس التمثيلية (البرلمانات)، إذ يعني أغلبية الأعضاء الداعمة عادة للحكومة القائمة بحكم أنها منبثقة عنها في الأصل خاصة في الأنظمة البرلمانية وشبه الرئاسية، أما في الأنظمة الرئاسية فقد يكون مؤيدو الحكومة أقلية في المجالس التمثيلية كما هو الحال في الديمقراطية الأميركية.

تُطلق الأغلبية في نطاق أوسع على التشكيلات السياسية وأحيانا النقابية والمهنية التي تمتلك أغلب مقاعد البرلمان، كما تُطلق على مجموع الأحزاب والمنظمات السياسية الداعمة للحكومة أو الرئيس، بحسب الأنظمة السياسية.    

النشأة والتطور
ازدهر مفهوم الأغلبية مع التحولات الكبرى التي شهدتها أوروبا بعد الثورة الفرنسية، لكن قبل ذلك كانت الأغلبية هي المعيار في تمرير القوانين في البرلمان السويدي الذي انتزع صلاحيات واسعة من الملكة عام 1720، وعززت هذه الخطوة مكانة المؤسسة التشريعية في المشهد السياسي المحلي، وهو ما ستُتوّجه بفرض إقرار الدستور مقابل تزكية الملك عام 1772.

ومع سيادة الاقتراع العام المباشر كأساس للممارسة الديمقراطية في القرنين التاسع عشر والعشرين، تعززت مكانة مفهوم الأغلبية، وبات قطبَ الرحى في التناوب السياسي الذي هو جوهر الديمقراطية في مستوياتها المؤسساتية. 

الأغلبية المطلقة
تعد "الأغلبية المطلقة" أكثر أنواع الأغلبية شيوعا لاعتمادها في كثير من الأنظمة السياسية، وتعني الحصول على ما فوق نصف عدد الأصوات ولو بصوتٍ واحد، ومن ذلك جاء التعبير الشهير: (50%+1).

ويتخذ النظام الرئاسي وشبه الرئاسي من الأغلبية المطلقة قاعدة للحسم الانتخابي تعود لها الكلمة الفصل في انتخابات الرئاسة التي هي أهم انتخابات في هذين النوعيين من الأنظمة السياسية الديمقراطية. وهنا أحد مثالب النظام الرئاسي، كما يقول منتقدوه، فالحسم بالأغلبية المطلقة أو النسبية في الاقتراع الرئاسي يكاد يُلغي صوتَ أنصار الطرف الخاسر في الاستحقاق رغم أنَّ الفارق قد يكون ضئيلا جدا.

والأغلبية المطلقة في النظام البرلماني حيوية لحصول حزب أو تحالف سياسي على امتياز تشكيل الحكومة منفردا، دون الحاجة إلى عقد تحالفات عادة ما تُملي بعض التنازلات التي قد تكون لها آثار مدمرة على المدى المتوسط والبعيد. 

الأغلبية النسبية
هي أحد مرتكزات النظام البرلماني القائم على إتاحة أوسع تمثيل ممكن للقوى السياسية واتجاهات الرأي العام.

وتتحقق الأغلبية النسبية لقوة سياسية معينة إذا حصلت على أعلى نسبة من المقاعد في الانتخابات مقارنة بكل منافس لها على حدة.

فحين يتصدر حزب ما نتائج الانتخابات البرلمانية، مع أنه حصل على أقل من 50% من المقاعد، فإنّه عندئذ يكون قد حصل على الأغلبية التي تُؤهله لقيادة الحكومة، لكنه يحتاج إلى تحالفات لتوفير الأغلبية المطلقة التي هي شرط ضروري لتشكيل الحكومة. 

الأغلبية البسيطة
الأغلبية البسيطة هي نوع من الأغلبية النسبية، وتعني أن يحصل حزب أو قوة سياسية على عدد من الأصوات أو المقاعد أعلى من منافسيه كل على حدة، وهذه الأغلبية مطبقة في بعض البلدان الآخذة بالنظام الرئاسي، وعادة ما تكون نتيجة للاقتراع الوحيد الشوط.

وهذا الأنموذج سائد في بلدان منها كوريا الجنوبية والمكسيك وفنزويلا والفلبين. ومن مساوئ تطبيق الأغلبية البسيطة أنَّ الرئيس المنتخب قد لا تكون له شعبية واسعة ولا سند برلماني قوي، وهو ما يُؤثر سلبا على أدائه.

ففي فنزويلا مثلا، فاز رافاييل كالديرا بانتخابات 1993 رغم أنَّه حصل على 30% من الأصوات فقط. وقبل ذلك بعام، فاز فيديل راموس بالرئاسيات في الفلبين بأغلبية بلغت بالكاد 24% من الأصوات. 

الأغلبية المؤهلة
الأغلبية المؤهلة هي أغلبية تُمكّن من تمرير قوانين أو تعديلات تهم الحياة العامة تكون عادة مرهونة بعتبة معينة، وغالبا ما تشترط هذه الأغلبية لإجازة التعديلات المؤسسية أو الثقافية أو اللغوية الكبرى ذات الحساسية الشديدة.

فتمرير التعديلات الدستورية في البرلمان في بعض الدول، يتطلب أغلبية الثلثين. وفي دول أخرى –تركيا مثلا- يمكن تعديل الدستور دون الحاجة لاستفتاءٍ شعبي إذا زكت أغلبيةٌ تفوق الثلثين التعديلات المعروضة، في حين نجد أن الدستور الفرنسي ينص على أن تعديلَه لا يكون ممكنا إلا بحصول التعديلات المقترحة على ثلثي الأصوات المعبر عنها في استفتاء شعبي.

وفي مجلس الأمن الدولي، يُشترط لتمرير أي قرار حصوله على أصوات تسعة أعضاء من أصل 15، مع شرط إضافي هو أن لا تعترض أي من الدول الخمس الدائمة العضوية على القرار.

ونجد كذلك مفهوم الأغلبية المؤهلة أو المدعمة في آليات عمل هيئات ومنظمات قارية ودولية، مثل الاتحاد الأوروبي.  

الأقلية المعطلة
تعني الأقلية المعطلة أن تحقيق الأغلبية في هيأة معينة لا يعني ضرورة التحكم فيها بشكل مطلق وفرض رؤية أحادية على الشركاء الآخرين، فمبدأ الأغلبية المؤهلة يُقابله مفهوم الأقلية المعطلة التي هي الفارق بين عدد أصوات الأغلبية أو مقاعدها وبين مجموع أصوات الهيئة الناخبة.

وفي لبنان يكثر الحديث عن الثلث المعطل، ويعني في الواقع أقلية برلمانية معارضة قادرة -على قلتها- أن تُعطل عددا من القرارات الحيوية بالنسبة للحكومة، وهو ما يفرض على هذه الأخيرة تقديم تنازلات وإجراء تعديلات أحيانا على المشاريع المقدمة ليتسنى تمريرها.

المصدر : الجزيرة