سنار.. عاصمة مملكة الفونج تفتح ذراعيها للثقاقة الإسلامية

مدخل مدينة سنار ويظهر المسجد العتيق بالمدينة
مدخل مدينة سنار ويظهر المسجد العتيق بالمدينة (الجزيرة)
مدينة تاريخية سودانية، كانت عاصمة للدولة السنارية التي تعد أكبر مملكة إسلامية قامت في السودان بعد انهيار دولة الموحدين بالأندلس والمغرب، اختارتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) عاصمة للثقافة الإسلامية نظرا لدورها ومكانتها الهامة تاريخيا وثقافيا ودينيا.
 
الموقع
تقع مدينة سنار في ولاية سنار بوسط السودان وعلى الضفة الغربية لنهر النيل الأزرق، جنوب شرق الخرطوم على بعد نحو 500 كيلومتر.

السكان
يبلغ عدد سكان مدينة سنار نحو 160 ألف نسمة.

التاريخ
مثلت سنار بفضائها الواسع مهدا للحضارة السودانية القديمة، ومجالا جغرافيا وثقافيا قامت فيه دول وازدهرت فيه ممالك؛ فعلى ضفاف نهر النيل الضيقة الممتدة من الشلال الأول حتى ملتقى النيلين الأزرق والأبيض ازدهرت مملكة مروى، أو كوش (القرن الثالث قبل الميلاد)، وفي ذلك الفضاء الواسع أيضا قامت الممالك المسيحية الثلاث: نوباتيا، المقره وعلوه (580-1450م).

ثم لاحقا قامت مملكة سنار عام 1504م، وهي أول دولة عربية إسلامية قامت في السودان بعد دخول وانتشار الإسلام في ربوعه، ولم تكن سنار حاضرة أول سلطنة إسلامية في السودان فقط، بل أصبحت عنوانا للبلاد ومركزا مهما للإشعاع الثقافي والإسلامي في أفريقيا، وكان أهل السودان في عهد مملكة سنَّار يعرفون بالسنَّارية وربما وصفوا بالسنانير.

وقامت تلك المملكة نتيجة تحالف بين قبائل سودانية كانت تسكن وسط السودان، وتحديدا نتيجة تحالف بين الفونج والعبدلاب، حيث أثمر ذلك التحالف انتصارا على مملكة "علوة"؛ المملكة النوبية الثانية القوية في العصر الوسيط في السودان.

عرفت تلك المملكة التي ازدهرت وذاع صيتها وقوي مركزها لقرون من الزمن بأسماء متعددة، فتارة يطلق عليها مملكة الفونج، وأحيانا السلطنة الزرقاء، وأحيانا أخرى تسمى الدولة السنارية، واستمرت زهاء 360 عاما.

ولا يعرف على وجه التحديد سبب تسمية المدينة بهذا الاسم، وإن كانت بعض الروايات -وفق ما يذكره الموقع الإلكتروني لمشروع سنار عاصمة الثقافة الإسلامية 2017- ترجح أن سنَّار عاصمة مملكة الفونج الإسلامية اسم لجارية كانت أول من سكن المنطقة، قبل أن تتحول لاحقا إلى مدينة مهمة ذات شأن بحكم موقعها الجغرافي والاستراتيجي.

وقد نادى بعض المثقفين عند استقلال السودان باعتماد اسم سنار للدلالة على السودان الوليد، لأهمية العودة إلى التراث السوداني في عصر سنار والمزج بين التراث والتحديث في عملية نهضة البلاد وتقدمها، بيد أن الرئيس إسماعيل الأزهري فضل اسم "السودان" الذي عرفت به البلاد منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر.

وبالإضافة إلى مكانتها الروحية والثقافية، بلغت دولة سنار شأوا عاليا في التجارة والرخاء الاقتصادي، بلغ ذروته في عهد الملك بادي الرابع، حيث امتدت قوافلها التجارية إلى الهند، ووصلت إلى أجزاء واسعة من الجزيرة العربية وأفريقيا.

وقد جسدت سنار لأكثر من 300 عام نموذجا للمدينة التي يذوب فيها الولاء القبلي، بل وحتى الولاء القومي، تحت تأثير الانتماء لعناصر المزيج الحضرية، فتخلى كثير ممن التحق بها من الحجاج القادمين من غرب أفريقيا عبر طريق الحج السوداني -الذي كانت سنار من أهم محطاته- عن انتمائهم لقومياتهم المختلفة وتماهوا روحا وكيانا في هذه المدينة الإسلامية.

وتعد تلك الدولة التي كانت مدينة سنار الحالية عاصمة لها، هي البداية الفعلية لسودان اليوم، وساهمت في انتشار الدين الإسلامي والثقافة الإسلامية واللغة العربية، وخلال العصر السناري ازدهرت الصوفية، وانتشرت "الخلاوي" التي أقامتها الجماعات الصوفية لتدريس القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية.

ونتيجة لتلك المكانة المهمة تاريخيا وثقافية ودينيا اختيرت مدينة سنار عاصمة للثقافة الإسلامية بناء على مقررات المؤتمر الإسلامي السادس لوزراء الثقافة في أذربيجان عام 2009 الذي اعتمدت فيه لائحة عواصم الثقافة الإسلامية من 2015 حتى 2024.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية