جسر البوسفور.. شريان لإسطنبول سده الانقلابيون

Pro-government demonstrators march over the Bosphorus Bridge, from the Asian to the European side of Istanbul, Turkey, July 21, 2016. REUTERS/Osman Orsal
جسر البوسفور شهد خروج آلاف الأتراك الرافضين للانقلاب العسكري في 15 يوليو/تموز 2016 (رويترز)

جسر إستراتيجي يشكل مع جسر محمد الفاتح المجاور له الطريقين الوحيدين اللذين يربطان بين القارة الآسيوية والأوروبية داخل مدينة إسطنبول التركية، وأهميته جعلت انقلابيي 15 يوليو/تموز 2016 يسارعون للسيطرة عليه وإغلاقه أمام حركة السير.

الموقع
يقع جسر البوسفور -الذي أعلن عن تغيير اسمه إلى جسر "شهداء 15 تموز" عقب محاولة الانقلاب الفاشل عام 2016- فوق مضيق البوسفور الذي يصل البحر الأسود من الشمال ببحر مرمرة من الجنوب، ويبدأ الطرف الشرقي للجسر في منطقة بايلر بيه بالجانب الآسيوي من مدينة إسطنبول، بينما يصل طرفه الغربي إلى منطقة أورطا كوي في الشطر الأوروبي من المدينة.

ويبلغ طول الجسر 1510 أمتار، وعرضه 39 مترا، ويرتفع عن سطح البحر 65 مترا، وهو محمول بواسطة أعمدة من المعادن والخرسانة يبلغ ارتفاعها 165 مترا، ويبعد كل عمود منها عن الآخر مسافة عشرة أمتار.

وتوفر الأسلاك الفولاذية المشدودة بين ساقي الجسر دعامة رفع إضافية، إذ يبلغ عددها 10412 سلكا، يتراوح سمكها بين 0.5 و1 سنتيمتر، تتصل ببعضها لتشكل حزما معدنية قوية تحمل الجسر.

الأهمية
تكمن أهمية جسر البوسفور في كونه أحد طرق النقل الموصلة بين الجانبين الآسيوي والأوروبي لمدينة إسطنبول، ويشاركه في هذا الدور جسر محمد الفاتح، والطرق البحرية التي تقطعها العبارات وسفن النقل العام التابعة لبلدية إسطنبول، إضافة إلى قطار مرمراي الذي يمر من تحت قاع مضيق البوسفور.

ويعبر جسر البوسفور كل يوم نحو مئتي ألف عربة بين سيارة وحافلة ركاب وشاحنة لنقل البضائع وغيرها، وتحمل نحو ستمئة ألف نسمة يعبرون بين طرفي المدينة، مقابل أجر تدفعه كل عربة عند دخولها الجسر من بطاقات ذكية تلصق على زجاجها الأمامي وتقرؤها حساسات إلكترونية مثبتة على طرفي الجسر، بينما يمنع المشاة من عبور الجسر سيرا على الأقدام خشية من استخدامه للانتحار.

تاريخ الجسر
افتتح الجسر رسميا في الذكرى السنوية الخمسين لتأسيس الجمهورية التركية، وتحديدا في 29 أكتوبر/تشرين الأول 1974، ليعبر منه الناس بين آسيا وأوروبا سيرا على الأقدام للمرة الأولى في التاريخ، ووُضع حجر الأساس له في العشرين من فبراير/شباط 1970.

وتشير بعض الوثائق إلى مكاتبات لتصميم الجسر بين السلطان العثماني بايزيد الثاني والفنان المعماري الطلياني ليوناردو ديفينشي في القرن الـ16.

وفي عام 1900، قدّم الفرنسي أرنودين للدولة العثمانية مقترحين لبناء الجسر، أحدهما بين منطقتي سراي بورنو وأسكودار، والثاني بين منطقتي روملي حصار وكانديلي على ضفاف البوسفور، كما قدم مقترح آخر لبناء الجسر تحت اسم "جسر الحميدية" للسلطان عبد الحميد الثاني، لكنه لم يوافق عليه.

وفي العهد الجمهوري، بحثت شركة "نوري للإنشاءات" التركية عام 1931 اتفاقية مع شركة "بيت لحم ستيل" الأميركية للتعاون على بناء جسر فوق مضيق البوسفور بنفس تصميم جسر "أوكلاند" في ولاية سان فرانسيسكو، على أن يسمح التصميم بمرور خط للقطار وآخر للحافلات من الجسر.

كما أبدى الألماني باول بولتاز، البروفسور في قسم العمارة بجامعة إسطنبول التقنية "آي تي يو" اهتماما ببناء جسر فوق البسفور، وقدم عنه بحثا أكاديميا عام 1951، ووجد أن المكان الأنسب لإقامة هذا الجسر هو بين منطقتي أورطا كوي وبايلر بيه، موقع الجسر الحالي، لكن فكرته كما كل سابقاتها لم تدخل حيز التنفيذ.

وفي عام 1953، وبناء على طلب من بلدية إسطنبول، شكلت حكومة الحزب الديمقراطي في تركيا لجنة مختصة بالتعاون مع جامعة إسطنبول التقنية لدراسة جدوى إقامة الجسر، وقررت اللجنة أن بناء الجسر حاجة ملحة لتركيا، وشرعت عام 1958 في إجراءات التعاقد مع شركات أميركية وبريطانية لإقامته في موقعه الحالي، لكن عقبات مالية وإدارية حالت دون تنفيذه، كما شهد العام نفسه محاولات من شركات ألمانية لإقناع الأتراك بتولي بناء الجسر دون أن يكتمل المشروع.

وفي عام 1967 وقعت شركتا هوجفيف الألمانية وجيليولاند ناجينه رنجا البريطانية اتفاقية العمل في المشروع الذي بدأ عام 1970، وعمل فيه 35 مهندسا وأربعمئة عامل تركي، وبلغت تكاليف إقامته 23 مليون دولار.

ومع الدقائق الأولى لمحاولة الانقلاب الفاشلة، في 15 يوليو/تموز 2016، قام الانقلابيون بإغلاق الجسر، وعليه دارت اشتباكات بينهم وبين المواطنين الذين رفضوا الانقلاب وعناصر الشرطة الخاصة، وسقط فيها ضحايا من الجانبين.

وفي يوم الاثنين 25 يوليو/تموز 2016، قرر مجلس الوزراء التركي تغيير اسم الجسر من جسر "البوسفور" إلى جسر "شهداء 15 تموز"، وتم تغيير كافة الإشارات المرورية التي كانت تدل على الاتجاهات إليه وفقا للاسم الجديد.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + وكالات