طريق الكاستيلو.. شريان حياة وعنوان للحسم في حلب

طريق الكاستيلو

الكاستيلو طريق إستراتيجي يقع شمال مدينة حلب، ويعتبر آخر طرق إمداد المعارضة المسلحة في مناطق سيطرتها بالمدينة، والشريان الإنساني الوحيد لتموين نحو أربعمئة ألف إنسان يعيشون في أحياء المعارضة عبر ربطها بريف حلب وبالأراضي التركية. شهد معارك شرسة للسيطرة عليه بين فصائل المعارضة وقوات نظام بشار الأسد وحلفائه.

الموقع والأهمية
يقع طريق الكاستيلو شمالي مدينة حلب ويحظى بأهمية كبيرة لكونه المنفذ البري الوحيد إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية بحلب (أهمها الجيش الحر وجيش الفتح وجبهة النصرة) لتوفير الإمداد اللوجستي والعسكري.

كما أن الكاستيلو يعد الشريان الإنساني الوحيد لتموين نحو أربعمئة ألف إنسان يعيشون في 34 حيا تابعة للمعارضة، عبر حركة نقل البضائع ومساعدات الإغاثة والمواصلات مع الريف الشمالي والغربي، إضافة إلى أنه يربط المنطقة بتركيا.

ويشهد الطريق حركة مرورية نشطة خلال النهار لكنها تتراجع مع اقتراب الليل ولا سيما من الشاحنات التي تنقل البضائع، بينما تشرف حواجز المعارضة الأمنية على الطريق الذي تحاذيه مناطق سكنية حيوية مثل حي الشيخ مقصود الذي تقطنه أغلبية كردية، كما أنه يقود إلى دوار الجندول الذي يعتبر الشريان الرئيسي لأحياء المعارضة في المدينة.

ونظرا للأهمية الإستراتيجية الكبيرة للكاستيلو وكونه حجر زاوية في معركة حلب كلها؛ فإن المراقبين يخشون من أن تمكن قوات النظام من قطع طريقه سيعزل نهائيا الشق الذي تسيطر عليه المعارضة من مدينة حلب المقسمة.

وسيؤدي ذلك إلى إحكام الحصار على مناطق المعارضة وخنقها لإجبار من فيها على الاستسلام تحت وطأة حصار المقاتلين، وتجويع المدنيين وتحويلهم إلى عبء على فصائل المعارضة المسلحة وعامل ضغط عليها، على غرار ما حصل في مناطق أخرى مثل حمص والزبداني.

سجال السيطرة
كانت المنطقة التي يمر بها طريق الكاستيلو من المناطق الأولى التي سيطرت عليها فصائل المعارضة السورية المسلحة في حلب وانتزعتها من قوات النظام، لكن الأخيرة حاولت استعادتها بدءا من أواخر عام 2014.

ومنذ سبتمبر/أيلول 2015 دخل طريق الكاستيلو مجددا في حسابات الصراع العسكري بين الأطراف المتحاربة بحلب، مما جعله عرضة للاستهداف تارة والتهديد بالقطع لحصار مئات الآلاف داخل حلب تارة أخرى.

ففي 29 سبتمبر/أيلول 2015 أعلنت المعارضة السورية المسلحة أنها أبرمت اتفاقا مع المليشيات الكردية ("حزب الاتحاد الديمقراطي" (PYD) الذي يوصف بأنه الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK) التركي، ووحدات حماية الشعب الكردية المنضوية في قوات سوريا الديمقراطية) في ريف حلب الشمالي تضمن ستة بنود أساسية.

ومن أبرز هذه البنود تعهد الحزب بعدم فتح معبر بري مع مناطق النظام في حلب عبر حي الشيخ مقصود الذي يقع في منطقة مرتفعة نسبيا ويشرف على طريق الكاستيلو، وعدم استهدافه هذا الطريق الإستراتيجي وتأمين عبور المدنيين منه.

لكن القوات الكردية عادت في مارس/آذار 2015 إلى محاولاتها إحكام السيطرة العسكرية على الكاستيلو انطلاقا من حي الشيخ مقصود المطل عليه، فتحالفت مع قوات النظام المتمركزة في مخيم حندرات (قبل سيطرة المعارضة عليه في أبريل/نيسان 2016) لقطع الطريق وحصار مدينة حلب. واستهدفت لتحقيق ذلك -بين الحين والآخر- عابري هذا الطريق من المدنيين بنيران القناصة وقذائف الهاون، مما أدى إلى وقوع عشرات القتلى والجرحى.

ومع مطلع مايو/أيار 2016 أصبح طريق الكاستيلو الحيوي عنوان المعارك الكبرى بحلب بين فصائل المعارضة وقوات النظام وحلفائه (خاصة قوات الحرس الثوري والباسيج الإيرانية وحزب الله اللبناني) المدعومة بالطيران الحربي الروسي، إلى جانب خان طومان التي تعتبر النقطة الأقرب للطريق الدولي الرابط بين دمشق وحلب، وتعدّ تجمعا رئيسيا لقوات النظام في ريف حلب الجنوبي.

فمنذ ذلك التاريخ شنت الطائرات الروسية والسورية مئات الغارات العنيفة على مخيم حندرات الذي دُمّر بشكل شبه كامل ومنطقتيْ الملاح والبريج في مدخل مدينة حلب الشمالي الغربي.

وهذه المناطق يمر بها كلها طريق الكاستيلو ويعتبر استهدافها ضروريا للسيطرة عليه وقطعه لحرمان المعارضة المسلحة في مدينة حلب من الإمداد اللوجستي والعسكري، ومن القدرة على المناورة بالتحرك بين المدينة وريفها، إضافة إلى تسهيل اقتحام الأحياء الشمالية والشرقية منها.

وتسبب القصف الجوي والمدفعي المكثف في استحالة العبور من طريق الكاستيلو في بعض الأحيان، لا سيما بعد أن تمكنت قوات النظام و"مجموعات الدفاع الشعبية" التابعة لها من قطع الطريق ناريا بعد سيطرتها يوم 8 يوليو/تموز 2016 على مواقع تطل عليه من الجرف الصخري في مزارع الملاح الجنوبية.

ووفقا لمصادر المعارضة السورية في غرفة عمليات فتح حلب؛ فإن سلاحيْ الجو السوري والروسي ساندا وحدات حماية الشعب الكردية أثناء محاولتها التقدم نحو طريق الكاستيلو انطلاقا من منطقة الشيخ مقصود المطلة عليه. واتهمت المعارضة قوات حماية الشعب بالتنسيق مع الجيش النظامي للسيطرة على الطريق لمحاصرة حلب ووضع المعارضة بين فكيْ كماشة لتشتيت قدراتها وجهودها.

ويقول محللون عسكريون إن السيطرة ناريا على الكاستيلو ستمكن النظام من الالتفاف على مناطق المعارضة بأحياء بني زيد والليرمون، كما أنه لن يقف عند الكاستيلو بل سيتجه للسيطرة على الشقيف والمنطقة الصناعية شمال الشيخ مقصود، خاصة إثر قرار المعارضة الانسحاب من مواقعها في محيط هذا الطريق الإستراتيجي لـ"أسباب عسكرية"، وذلك بعد إعلانها شن معركة جديدة باسم "كسر الحصار" من أجل استعادة السيطرة على منطقة الملاح.

المصدر : الجزيرة