رأس جدير.. معبر حدودي ساخن بين تونس وليبيا

Tunisian custom officers check the luggage of a man fleeing from Libya at the Ras Ajdir border post between Libya and Tunisia, southern Tunisia, Thursday, July 31, 2014. Up to 6,000 people a day have fled Libya into neighboring Tunisia this week, the Tunisian foreign minister said Wednesday, the biggest influx since Libya's 2011 civil war in a sign of the spiraling turmoil as rival militias battle over control of the airport in the capital Tripoli. (AP Photo/Ali Manssour)
ساهم معبر رأس جدير بحكم موقعه الإستراتيجي في انتعاش حركة تنقل البضائع والمسافرين بين البلدين (أسوشيتد برس)

رأس جدير معبر حدودي بين تونس وليبيا، يعد البوابة الرئيسية المشتركة بين البلدين إلى جانب معبر الذهيبة وازن. وشكل -إضافة إلى دوره في تنشيط الحركة التجارية- مصدر قلق للسلطات التونسية لارتباطه بتهريب السلاح من ليبيا.

الموقع
يقع معبر رأس جدير في أقصى الجنوب الشرقي التونسي على بعد 597 كلم عن تونس العاصمة، و175 كلم عن العاصمة الليبية طرابلس، و100 كلم عن صبراتة.

يحد رأس جدير شمالا البحر الأبيض المتوسط، وجنوبا ملاحة البريقة في أقصى غربي ليبيا. وتعتبر مدينة بنقردان أقرب نقطة تونسية إلى رأس جدير إذ تبعد عنه حوالي 70 كلم. أما في الجانب الليبي فتعتبر مدينة أبو كماش أقرب نقطة من رأس جدير وتبعد عنه 20 كلم.

تعد المنطقة التي يقع فيه معبر رأس جدير صحراوية قاحلة وشديدة الرطوبة، وتتميز بمناخ شديد الحرارة صيفا وقليل الأمطار شتاء، إذ لا تتجاوز كميتها 100 ملليتر في السنة.

الاقتصاد 
ساهم معبر رأس جدير -إلى جانب معبر الذهيبة وازن- في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين تونس وليبيا، خاصة عقب فرض الحظر الاقتصادي على ليبيا في عام 1992 من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بسبب قضية لوكربي.

وسعيا إلى تنشيط مبادلاتها التجارية؛ عملت تونس على كسر هذا الحصار فتدفقت السلع التونسية باتجاه ليبيا عن طريق رأس جدير، مما جعل ليبيا الشريك الاقتصادي الأول لتونس عربيا والخامس عالميا بفضل تطور المبادلات التجارية والسياحة والاستثمارات.

ساعد معبر رأس جدير على تحريك عجلة الاقتصاد التونسي بشكل كبير، فسجلت حركة التنقل في هذا المعبر سنويا أكثر من خمسة ملايين مسافر، ومثل مدخلا رئيسيا لليبيين الذين يأتون إلى تونس إما للسياحة أو للعلاج أو للتسوق.

وبحكم موقعه الإستراتيجي؛ ساهم معبر رأس جدير في انتعاش تجارة البضائع والسلع وتهريب المحروقات والسجائر والذهب، وخدمات تبديل العملات بطريقة غير القانونية، في مدن الجنوب التونسي حيث تتراجع التنمية وترتفع البطالة.

التاريخ
لم تكن العلاقات بين تونس وليبيا مستقرة في مختلف المراحل التاريخية، ورغم امتداد الحدود البرية بينهما على طول 459 كلم فإن العلاقات بينهما ظلت تتأرجح بين التقارب وتعزيز التبادل التجاري والتوتر وتراجع المبادلات.

كانت لتلك العلاقات المتقلبة تداعيات على حركة العبور في بوابة رأس جدير، حيث كانت حركة المسافرين ترتفع في أوقات الوئام وتنخفض في أوقات التوتر، كما كان مستوى العلاقات يؤثر في نسبة المبادلات التجارية والنشاط الاقتصادي في المدن المحاذية للمعبر.

اتسمت علاقات البلدين -بعد صعود معمر القذافي إلى سدة الحكم- بنوع من التوتر بسبب رفض الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة فكرة القذافي الداعية إلى توحيد البلدين في سبعينيات القرن العشرين، ثم أعقب ذلك توتر شديد بعد اتهام ليبيا بمحاولة قلب نظام بورقيبة فيما يعرف بأحداث قفصة عام 1980.

كان معبر رأس جدير شاهدا أواخر السبعينيات ومطلع الثمانينيات على عودة آلاف العمال التونسيين الذين طردهم النظام الليبي بسبب توتر العلاقات التونسية الليبية، والتي عرفت مرحلة من الهدوء عقب تسلم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الحكم بانقلاب أبيض في تونس عام 1987.

وخلال فترة حكم بن علي تعززت العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ، فعمل النظام التونسي حينها على كسر الحصار الاقتصادي الدولي المفروض على ليبيا.

بعد الثورتين
بعد اندلاع الثورة التونسية ونجاحها في إسقاط بن علي ودفعه للفرار إلى السعودية مساء يوم 14 يناير/كانون الثاني عام 2011، وجه القذافي رسائل استهجن فيها اندلاع الثورة التونسية، مما خلق حالة من التوجس في تونس خوفا من قيامه بأعمال تجهض الثورة.

في عام 2011 كشف ضابط عسكري ليبي أن القذافي كلفه بتفجير السفارة القطرية في تونس، وأكد أنه نجح في العبور من بوابة رأس جدير الحدودية بعد إخفاء المتفجرات داخل سياراته، لكنه كشف عن هذا المخطط بعد اتصاله بأحد الضباط التونسيين.

بعد سقوط نظام القذافي لجأت إلى تونس أعداد كبيرة من الليبيين عن طريق معبر رأس جدير الذي شهد تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين الليبيين والمصريين والأفارقة يوميا، جزء منهم أرسل مؤقتا إلى مخيم الشوشة في الجنوب وجزء آخر رُحلوا إلى بلدهم.

رغم توتر الأوضاع الأمنية في ليبيا وتونس بعد الثورة لم يسجل معبر رأس جدير أي هجوم مسلح، لكن السلطات التونسية كشفت عدة مرات عن  أسلحة مخفية في سيارات قادمة من ليبيا، وأعلنت اعتقالها مشتبها بهم في قضايا إرهابية حاولوا تجاوز المعبر.

في عام 2016 شهدت مدينة بنقردان المحاذية لمعبر رأس جدير اشتباكات مسلحة بين قوات الأمن التونسي ومجموعات مسلحة يعتقد أنها تنتمي إلى تنظيم الدولة، مما دفع تونس لغلق المعبر وتشديد مراقبة الحدود خوفا من محاولات التسلل.

المصدر : الجزيرة