بنقردان.. مدينة تونسية في واجهة الأحداث

الساحة الرئيسية ببن قردان (مفترق طرقات المغرب العربي)
الساحة الرئيسية بمدينة بنقردان (الجزيرة نت)

بنقردان مدينة تونسية تقع جنوب شرق العاصمة بالقرب من معبر باب جدير بالحدود الليبية، تبلغ مساحتها 4732 كيلومترا مربعا، ويبلغ عدد سكانها نحو 80 ألف نسمة، ويتميز مناخها بالحرارة وقلة تساقط الأمطار. نالت شهرة واسعة بعد قضاء الجيش على تنظيم مسلح يرجح أنه تابع لتنظيم الدولة الإسلامية في مارس/آذار 2016.

الموقع
تحتل بنقردان التي تبعد 596 كلم عن تونس العاصمة، موقعا مميزا بأقصى الجنوب الشرقي التونسي يتجلى في تنوع حدودها المتمثلة في شريطها البري مع ليبيا جنوبا، وامتداد سواحلها المطلة على البحر الأبيض المتوسط شرقا.

تتبع هذه المدينة التي تبلغ مساحتها 4732 كيلومترا مربعا، محافظة مدنين التي تحدّها شمالا محافظة قابس، ومحافظتا قبلي وتطاوين غربا، والحدود الليبية جنوبا.

تضم بنقردان المعبر البري الرئيسي باتجاه ليبيا، وهو معبر راس جدير الذي يتميز بحركية نشيطة ويؤمّن سنويا عبور حوالي ثلاثة ملايين مسافر ليبي وتونسي.

السكان
بحسب آخر تعداد عام للسكان عام 2014، يبلغ سكان مدينة بنقردان حوالي 80 ألف نسمة. وتبلغ نسبة النمو الديمغرافي في تلك المنطقة 1.1%.

المناخ
كغيرها من مناطق الجنوب المجاورة، تتميز بنقردان بمناخ حار وقليل الأمطار حيث لا تتجاوز كميتها سنويا 200 ميلمتر.

يتراوح معدل الحرارة في الشتاء بين 10 و15 درجة، أما في الصيف فيتراوح بين 24 و30 درجة.

الاقتصاد
يرتكز النشاط التجاري في بنقردان على تبادل السلع بين تونس وليبيا عبر المعبر الحدودي البري الرئيسي راس جدير. فبحكم تراجع الاستثمارات الصناعية والفلاحية والسياحية، يعتمد جزء من أهالي هذه المنطقة على تهريب السلع لبيعها في السوق الموازية مثل المحروقات والملابس والسجائر، بالإضافة إلى تجارة صرف العملة.

ورغم الخسائر الضريبية للدولة، تغض السلطات التونسية الطرف عن التجارة الموازية في بنقردان لتمكين الأهالي من كسب قوتهم بسبب غياب التنمية والتشغيل.

تتمتع بنقردان بثروات طبيعية هامة حتى إن أهاليها يلقبونها بمنطقة الذهب الأبيض (الملح) نظرا لوجود سباخ هامة أبرزها العذيبات التي تبعد 16 كيلومترا عن قلب المدينة، لكنهم يتهمون شركة فرنسية باحتكارها وعدم انتفاعهم منها.

التاريخ
في شهر يونيو/حزيران 1956 قامت السلطات التونسية بإحداث ولاية مدنين التي تضم تسع معتمديات (الدوائر الإدارية المشكلة للمحافظة) أبرزها معتمدية بنقردان، ومعتمدية جربة حومة، السوق التي تقع في جزيرة جربة أحد أبرز الوجهات السياحية المعروفة في العالم.

شارك أهالي بنقردان في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي، وانضم جزء منهم إلى مجموعة "الفلاقة"، وهي مجموعة مسلحة شنت هجمات كثيرة على الفرنسيين.

رغم موقعها الإستراتيجي، عانت بنقردان بعد الاستقلال من ضعف التنمية لكنها عرفت طفرة في التجارة الحدودية بين تونس وليبيا خاصة في ظل الحصار الاقتصادي الذي فرضته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على ليبيا عام 1992.

استمر الحصار على ليبيا بسبب ما تعرف بقضية لوكربي طيلة عشر سنوات، لكن تونس كسرت قوانين الحصار، ورفعت من صادراتها تجاه ليبيا، فكان لهذا الخيار أثر إيجابي على الحركة الاقتصادية في بنقردان المنفذ الرئيسي لتلك المبادلات.

عقب الحصار عرفت العلاقات الاقتصادية التونسية الليبية تطورا ملفتا حيث أصبحت ليبيا الشريك الاقتصادي الأول لتونس عربيا والخامس عالميا بفضل تطور المبادلات التجارية والسياحية والاستثمارية، وكانت بنقردان بوابة تلك الشراكة الثنائية.

لكن رغم استفادة جزء من أهالي بنقردان من التبادل التجاري وتجارة العملة وتهريب السلع، فإن الظروف الاقتصادية لتلك المنطقة الغنية بالثروات بقيت متدهورة طيلة عقود بعد الاستقلال مما أدى إلى تفجر احتجاجات شعبية في فترات متعددة.

ثورة الياسمين
قبل اندلاع الثورة التونسية يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 بأشهر قليلة تفجرت احتجاجات عارمة بمدينة بنقردان في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي جراء ارتفاع البطالة وغياب التنمية وإغلاق معبر راس جدير الحدودي.

على أثر ذلك وعد الرئيس المخلوع بن علي بإقامة منطقة للتبادل التجاري وتوسيع المنطقة الصناعية في بنقردان، في محاولة لتوفير فرص شغل جديدة وامتصاص غضب الأهالي الذين دخلوا في اشتباكات مع الشرطة آنذاك.

عاد الهدوء للمدينة لكنه لم يستمر طويلا بعد اندلاع شرارة الثورة في مدينة سيدي بوزيد عقب انتحار البائع المتجول محمد البوعزيزي حرقا أمام مقر الولاية لتنتشر الاحتجاجات في البلاد انتهت بهروب بن علي يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011.

عقب الثورة عمت الفوضى البلاد واستغل مهربون حالة الانفلات الأمني في تونس وليبيا التي انتفض شعبها ضد العقيد معمر القذافي، أدخلوا الأسلحة من ليبيا إلى تونس منذ عام 2011، بحسب مصادر أمنية.

تورط في عمليات تهريب الأسلحة مهربون من الجنوب التونسي، جزء منهم من مدينة بنقردان، حسب المصادر نفسها. وهذا الأمر تواصل لاحقا حيث تم العثور على مخازن للأسلحة مخبأة في منازل لمهربين ببنقردان.

في شهر مارس/آذار 2016 تمكنت قوات الجيش التونسي من قتل وأسر أكثر من 43 مسلحا كانوا يخططون لاحتلال بنقردان وإقامة إمارة هناك.

تضامن أهالي بنقردان مع قوات الأمن والجيش في قتالهم ضد المسلحين في اشتباكات 7 مارس/آذار 2016.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية