"ليلى".. جزيرة كادت تشعل حربا بين المغرب وإسبانيا

MOROCCO SPAIN DISPUTED ISLAND photo information
مدريد بعثت بجنودها إلى الجزيرة للسيطرة عليها (الأوروبية)

التسمية
اسم جزيرة ليلى في المراجع العربية وفي التاريخ المغربي عامة هو "تورة"، وقد وردت بهذا الاسم لدى المؤرخ العربي أبو عبيد البكري، والسكان المغاربة القريبون منها يسمونها بهذا الاسم.

وتعرف الجزيرة في وسائل الإعلام المغربية وعلى ألسنة المسؤولين باسم جزيرة "ليلى", وهذه تسمية الإسبانيين لها وأصلها "La Islas" (لائيلا) أي "الجزيرة". ونظرا لكون الاسم قريبا من الاسم العربي "ليلى"، فقد أصبح مستعملا في الصحافة وبين المسؤولين.

لكن بعضهم يقول إن "ليلى" هي البنت الصغيرة لـ"مليلة"، لأن أصل التسمية هو "أم ليلى"، وإنها من فرط الترداد على ألسنة العامة أصبحت "مليلية".

ويسميها الإسبان جزيرة "بريخيل" وتكتب في الإسبانية "perijil", مما جعل بعض وسائل الإعلام العربية تسميها "برجيل". ومعنى هذه التسمية الإسبانية "المقدونس"، إذ تنبت في الجزيرة نباتات تشبه المقدونس فسموها بهذا الاسم.

الموقع
تقع جزيرة ليلى على بعد مئتي متر أو أقل بقليل من الشاطئ المغربي ضمن حدود المياه المغربية، وبينها وبين مدينة طنجة أربعون كيلومترا، وتبعد عن مدينة سبتة المغربية -التي تحتلها إسبانيا- نحو ثماني كيلومترات، ويبعد عنها أقرب شاطئ إسباني نحو 14 كيلومترا.

المساحة
تبلغ مساحة تلك الجزيرة الخالية من السكان 13.5 هكتارا. وقد كانت من حين لآخر مأوى لبعض الصيادين والرعاة المغاربة الذين يسكنون في جبل موسى غير البعيد عن الجزيرة.

محطات تاريخية
يعود الاهتمام الاستعماري بجزيرة ليلى إلى بداية القرن الـ19، إذ كان الصراع على أشده بين الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت والإنجليز، وكانت إسبانيا حليفة نابليون لأسباب من أهمها رغبة بريطانيا في احتلال مدينة سبتة.

قامت إسبانيا يوم 28 مارس/آذار 1808 باحتلال جزيرة ليلى بواسطة فيلق من ثلاثمئة جندي، لتقطع الطريق بذلك أمام طموحات بريطانيا. والمراجع الإسبانية في تلك المرحلة تعتبر الجزيرة جزءا من الدولة المغربية.

ما لبثت بريطانيا أن احتلت الجزيرة بمباركة من السلطان المغربي سليمان بن محمد، نظرا لعجز المغرب حينها عن مواجهة القوة الإسبانية الضاربة.

استمر الوجود البريطاني في الجزيرة خمس سنوات، وقد حاولت إسبانيا مرارا احتلالها إلا أن مقاومة الإنجليز كانت صارمة.

ويوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 1848 أرسلت وزارة الأشغال العمومية الإسبانية جماعة من البنائين والمهندسين لوضع حجر الأساس لبناء منارة في الجزيرة.

ومباشرة أُخبِر ممثل السلطة المركزية المغربية في مدينة طنجة بالأمر، فاتصل بالسفير الإسباني لتوضيح الأمور. وقد عبر السفير عن اندهاشه من تصرف الوزارة الإسبانية المذكورة، إذ أكد أنه لم يعلم في يوم من الأيام أن الجزيرة المذكورة كانت إسبانية.

وقد ذهبا معا إلى الجزيرة وحطما ذلك الحجر الأساس وأنزلا العلم الإسباني، وهو ما أثار ضجة كبرى وقتها في إسبانيا. لكن المسؤولين على رأس الوزارة الإسبانية آنذاك أكدوا أن الجزيرة لا تخضع للسيادة الإسبانية، وأن الإجراء الذي قامت به وزارة الأشغال العمومية الإسبانية كان انفراديا لم تستشر فيه مع وزارة الخارجية.

آراء ومواقف
يقول المؤرخ الإسباني "غابريل مورا غومازو" في كتابه "المغرب من وجهة نظر إسبانية" المنشور سنة 1905، "ينبغي أن نأخذ درسا من عداوة الإنجليز لنا، فلا يمكننا الوصول إلى جزيرة ليلى إلا بعد أن نظهر لبريطانيا حيادنا في مسألة جبل طارق وعندها يمكن أن نصل إلى المغرب".

ويقول توماس غارسيا فيغراس في كتابه "المغرب: العمل الإسباني في شمال أفريقيا" الصادر سنة 1941، "وجدت إسبانيا صعوبة في إقامة مركز بجزيرة ليلى لأن سلطان المغرب لا يقبل إقامة مراكز على ترابه الوطني".

ولا يوجد في الوثائق التاريخية الإسبانية المتوفرة منذ بداية الحروب النابليونية بأوروبا وحتى 1916 ما يشير إلى جزيرة ليلى وعلاقة الإسبان بها، رغم محاولات الإسبانيين توسيع مجالهم انطلاقا من مدينة سبتة، وكذلك انطلاقا من تطوان التي كانت تحت سيطرتهم.

وكذلك لم تذكر اتفاقية الحماية الموقعة بين فرنسا والمغرب يوم 30 مارس/آذار 1912 ولا اتفاقية الحماية الموقعة بين إسبانيا والمغرب يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1912، أي علاقة بين إسبانيا وجزيرة ليلى، ولم تنشئ إسبانيا قط أي بناء على هذه الجزيرة أيام احتلالها في القرن التاسع عشر.

وقد وقعت فرنسا وبريطانيا اتفاقية بتاريخ 8 أبريل/نيسان 1904، كما وقعت فرنسا وإسبانيا اتفاقية بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 1904. وقد نصت بعض بنود هذه الاتفاقيات على أنه لضمان حرية المرور عبر مضيق جبل طارق، لا يحق لأي دولة أن تبني منشآت إستراتيجية على الشواطئ المغربية وخاصة ما بين مليلية ووادي سبو الواقع على الشاطئ الأطلسي المغربي.

وتقرر المؤرخة الإسبانية ماريا روزا دو مادرياغا، أن جزيرة ليلى "لم تكن أبدا جزءا من الثغور الواقعة تحت السيادة الإسبانية، وإنما كانت خاضعة لنظام الحماية بحيث إنه عند استقلال المغرب عام 1956 أصبحت الجزيرة جزءا من الدولة (المغربية) المستقلة".

ومنذ ستينيات القرن الماضي، المغرب وإسبانيا متفقان على عدم استغلال جزيرة ليلى، علما بأن إسبانيا لا تزال تخضع مدينتي سبتة ومليلية لسيطرتها.

المصدر : الجزيرة + وكالات