جامع النوري.. تحفة تاريخية بالموصل دمرت في رمضان

An Islamic State militants flag is seen on top of the minaret of al-Nuri mosque in the Old City in western Mosul, Iraq June 13, 2017. REUTERS/Erik De Castro
صورة التقطت لجامع النوري ومنارته الحدباء قبل تدميره بأسبوع (رويترز)

الموقع
يقع جامع النوري الكبير في الشطر الغربي من المدينة حيث الضفة الغربية لنهر دجلة الذي يقسم الموصل إلى قسمين، وتسمى المنطقة المحيطة به "محلة الجامع الكبير".

التاريخ
الجامع بني بأمر من السلطان نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري الموافق لـ1172م، أي ما يناهز تسعة قرون، ويعتبر ثاني مسجد يتم بناؤه في الموصل بعد الجامع الأموي، وأعيد إعماره عدة مرات كانت آخرها عام 1363هـ الموافق لـ1944 للميلاد.

ولم يبق من البناء الأصلي للمعلم سوى منارة "الحدباء" التي اتخذت منها الموصل صفة لها فأصبحت تعرف بـ"الموصل الحدباء" إلى جانب المحراب الذي ما زال محفوظا في متحف القصر العباسي ببغداد، وبعض الزخارف الجبسية.

وتعتبر المنارة المائلة إلى الشرق من المآذن المميزة بأساليب فنية غنية بالزخارف المختلفة، وأعلى منارة في العراق، إذ يبلغ ارتفاعها نحو خمسين مترا وتلفها الزخارف من كل جانب، فضلا عن أنها تعني لأهل البلاد الكثير، ولا سيما أنها طبعت على الدينار العراقي من فئة عشرة آلاف.

ويشبه الانحناء في المنارة المبنية على قاعدة مكعبة مزينة بالزخارف برج بيتزا الشهير في إيطاليا، حيث تم بناؤهما أيضا في أوقات متقاربة.

والراجح أن سبب انحناء منارة الحدباء هو بفعل الرياح السائدة الغربية في الموصل، وتأثيرها على الآجر والجص (مواد تستخدم في البناء).

تفسير آخر يقول إن القائمين على بناء هذا المعلم تعمدوا هذا الشكل للمنارة، للحيلولة دون سقوط خسائر في حال سقطت، ولا سيما مع وجود منازل في الجهة الغربية، لأنه إذا سقطت نحو الشرق فستقع على صحن الجامع وتقلل الخسائر.

ورغم هذا الانحناء في "الحدباء" فإنها ظلت متماسكة رغم شيخوختها، وواقفة بشموخ تروي قصة قرون من الزمن عن حكاية هذه المدينة العريقة.

وقد أدرجته مؤسسة الصندوق العالمي للآثار والتراث في قائمة الأكثر مئة أثر مهددة في العالم.

كانت الموصل وجوامعها مدار حديث الرحالة الذين وصلوا إليها، حيث قال ياقوت الحموي في معجمه في باب ذكر الموصل "وسورها يشتمل على جامعين تقام فيهما الجمعة، أحدهما بناه نور الدين محمود وهو في وسط السوق، وهو طريق للذاهب والجائي، مليح كبير".

كما تحدث عنها ابن بطوطة قائلا "وبداخل المدينة جامعان، أحدهما قديم والآخر حديث، وفي صحن الحديث منهما قبة في داخلها خصة رخام مثمنة مرتفعة على سارية رخام يخرج منها الماء بقوة وانزعاج فيرتفع مقدار القامة ثم ينعكس فيكون له مرأى حسن".

تنظيم الدولة
في عام 2014 توجهت أنظار العالم نحو الجامع، وبداخله منبر يعتليه رجل ذو لحية مرتديا لباسا أسود وملقيا خطبة الجمعة في المصلين، ليعلن فيها عن نفسه بأنه زعيم تنظيم الدولة أبو بكر البغدادي، ومدعيا أنه خليفة المسلمين.

من هنا أضحى لجامع النوري شهرة فاقت ما كان عليه سابقا، وأصبح ذا دلالة كبيرة عند العراقيين وغيرهم.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2016 أعلنت القوات العراقية مدعومة بالحشد الشعبي الشيعي والتحالف الدولي والبشمركة والحشد الوطني السني معركة استعادة الموصل.

ومع بدء العملية خشي الكثيرون على سلامة الجامع ومنارته الحدباء، لكونها أصبحت من المعالم الحضارية القليلة المتبقية لتاريخ المدينة بعد أن أقدم تنظيم الدولة على تفجير مرقد نبي الله يونس، والنبي شيت، والبوابة والسور الأشوري (ثلاثتهما في الموصل)، وتجريف قلعة تلعفر (غرب الموصل)، وتدمير آثار وصروح تاريخية في مدينة نمرود الأثرية القريبة من المدينة.

وفي 21 يونيو/حزيران 2017 اتهم الجيش العراقي تنظيم الدولة بتفجير جامع النوري الكبير ومنارة الحدباء التاريخية، وصرح قائد عمليات "قادمون يا نينوى" الفريق الركن عبد الأمير رشيد يار الله في بيان بأن التنظيم  قام بتفجير الجامع عندما تقدمت قوات مكافحة الإرهاب وأصبحت على مسافة خمسين مترا منه. 

وفي تعليقه على ذلك، قال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إن تفجير عناصر تنظيم الدولة للمسجد ومنارته هو "إعلان رسمي لهزيمتهم".

في المقابل، نقلت وكالة رويترز عن تنظيم الدولة أن قصفا أميركيا هو الذي دمر الجامع ومنارته التاريخية، وهو ما نفاه سريعا متحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة التنظيم في العراق.

المصدر : الجزيرة + وكالة الأناضول