جامع الفنا

MARRAKESH, MOROCCO: The Place Jemaa El Fna in Marrakesh 06 December 2006 where projection of films takes place for the Marrakesh Film Festival.
صنفت منظمة اليونسكو عام 2001 الساحة على قائمة التراث العالمي للإنسانية (غيتي)

واحدة من أشهر الفضاءات التاريخية في المغرب، تختزن منذ قرون تعبيرات الثقافة الشعبية والفرجة المفتوحة في وجه الزوار من مختلف أنحاء العالم، فضلا عن أهمية المكان التجارية والاقتصادية.

الموقع
تقع ساحة جامع الفنا في وسط المدينة العتيقة لمراكش، عاصمة المرابطين، والمدينة ذات الثقل التاريخي والإشعاع الثقافي والسياحي. قريبا من مسجد الكتبية الأثري، وتعد الساحة موطن الحركة التجارية ومعبرا نحو مختلف مفاصل المدينة الحمراء.

التاريخ
تربط المصادر التاريخية نشأة ساحة جامع الفنا بتأسيس مراكش عام ١٠٧١ للميلاد على يد المرابطين. وقد تبلورت وظيفتها التجارية قبل أن تكتسي أبعادا أخرى بعد بناء مسجد الكتبية المجاور لها، والذي منحها صيتا أكبر.

ثمة من يربط تسميتها بساحة جامع الفِناء نسبة الى فناء الدار، أي الباحة المفتوحة، وهناك من يعتمد الفاء بالفتحة، فيقرنها بالفناء بزعم أنها كانت مسرحا لتنفيذ عمليات الإعدام في عصور غابرة، لكن ثمة إجماع على أن الساحة شكلت عبر قرون طويلة مكانا لاستعراض الجيوش في طريقها الى الحملات العسكرية.

وتقول بعض المصادر إن الساحة كانت مكان تجمع الجيش في عهد الدولة المرابطية قبل الانطلاق نحو الحملات العسكرية في مختلف الاتجاهات، بما في ذلك حملة يوسف بن تاشفين على الأندلس التي توجت بانتصاره في معركة " الزلاقة" الشهيرة على الإسبان.

ورغم تأكيد وجودها وموقعها الحيوي في العهد المرابطي، فإن بعض المؤرخين يربط اسم "الفنا" بفِناء المسجد الأعظم الذي بناه السعديون بحي روض الزيتون في القرن السادس عشر الميلادي. وقد اكتست الساحة منذ القدم شهرة واسعة الى حد أنها كانت فضاء للعديد من الأفلام السينمائية، بما في ذلك العربية.

وشكل تصنيفها عام 2001 ضمن قائمة التراث العالمي للإنسانية لدى منظمة اليونسكو، المنعطف الأهم في حياة المكان، كاعتراف عالمي بقيمتها الثقافية، واحتفاء برواد فنون الفرجة الشعبية الحاملة لأسرار تراث إنساني عريق، وذاكرة شفهية يخلدها التوارث بين الأجيال.

وقد لعب الكاتب الإسباني الشهير خوان غويتيسولو، الذي اختار الاستقرار بمراكش منذ السبعينيات، دورا هاما في حشد الدعم لانتزاع هذا الاعتراف الدولي الأممي لحماية الفضاء ودعم استمرارية أنشطته ومساعدة رواده على الصمود في وجه تقلبات الحياة الحديثة.

النشاط الثقافي والسياحي
أصبحت ساحة جامع الفنا علامة سياحية مسجلة تجذب الزوار عبر أنحاء العالم. فهي واحدة من أشهر الفضاءات الإنسانية المفتوحة التي تعيش عصرها، وهي تختزن أسرار وإرث أزمنة سحيقة من خلال فنون الفرجة التي يقترحها ممارسون يحترفون أشكالا متعددة من التواصل الفني مع الناس، إما غناء شعبيا أو استعراضا رياضيا وبهلوانيا، أو فصولا من الحكايات التراثية أو فنون ترويض الأفاعي والقرود وغيرها من العروض التي تستهوي الزوار حسب أهوائهم.

وبالموازاة مع هذا النشاط الذي لا ينقطع عن الساحة، وعلى مدار النهار وحتى وقت متأخر من الليل، تزدهر مهن تقليدية مثل نقش الحناء وتقديم المأكولات التقليدية الشعبية التي تشتهر بها المنطقة ومختلف مناطق المغرب.

وعموما تشكل عروض الساحة التي تنتظم في شكل تجمعات دائرية حول الراوي أو الفنان أو البهلوان (تسمى الحلقة) فرصة للوقوف على ثراء وتنوع الموروث الثقافي الشعبي المغربي بأبعاده العربية والأمازيغية والصحراوية والأفريقية.

ومما ورد على لسان الكاتب الإسباني غويتيسولو أن الساحة "لا نظير لها عبر العالم" وإن كان ممكنا القضاء عليها بقرار إداري فإنه يستحيل إنشاء ساحة مماثلة بقرار من هذا النوع.

وقد ألهمت الساحة الكثير من الشعراء والروائيين نصوصا خلدت هذا الفضاء وخلدت به. وقد صنفت ساحة جامع الفنا ثانية أفضل عشر ساحات عالمية، من قبل موقع adioso.com المختص في السياحة والسفر.

المصدر : الجزيرة