الصخيرات المغربية.. مدينة التوافقات الليبية

مدينة الصخيرات المغربية Skhirat - الموسوعة
تشتهر الصخيرات المغربية بإطلالتها على ساحل الأطلسي (غيتي)

مدينة مغربية شاطئية تقع بين العاصمة الرباط وحاضرة البلاد الاقتصادية الدار البيضاء، وتتميز بشواطئها الرملية الجميلة وبطقسها المعتدل والمشمس طوال العام، ما جعل منها واحدة من أهم المحطات البحرية في البلاد رغم صغرها. احتضنت مدينة الصخيرات منذ أوائل 2015 جولات كثيرة من مفاوضات الفرقاء الليبيين برعاية الأمم المتحدة.  

اشتهرت الصخيرات في التاريخ المغربي المعاصر بمحاولة انقلابية فاشلة ودموية نفذها طلاب المدرسة العسكرية للضباط بأهرمومو تحت قيادة العقيد محمد أعبابو، قائد المدرسة، والفريق أول المذبوح، ضد الملك الحسن الثاني يوم 10 يوليو/تموز 1971.

التسمية
الصخيرات تصغير في اللغة العربية لكلمة الصخور، ولها دلالةٌ مماثلة في اللغة الأمازيغية، وإن كان الراجح أنَّ أصل التسمية عربي.

ويُعتقد أن التسمية لها صلة بوجود أجراف صخرية تشرف على الشواطئ الممتدة بالمنطقة التي هي في الواقع جزءٌ من السهل الأطلسي الكبير الممتد من سفوح جبال البوغاز شمالا إلى مشارف جبال منطقة سوس جنوبا، يضيقُ أحيانا ويتسع في أخرى.

الموقع
مدينة الصخيرات شاطئية وتتميز بموقعها المتوسط بين حاضرتي البلاد الرئيسيتين، الرباط والدار البيضاء، اللتين ظلتا منذ عهد الحماية تُشكلان طرفي المحور المسمى "المغرب النافع" وهي تسمية رغم خلفيتها الاستعمارية لها دلالة اقتصادية وتنموية بينة. فأغلب الأنشطة الاقتصادية والتنموية ظلت متركزة بشكل كبير في هذا المحور طيلة العقود الخمسة الأولى اللاحقة على الاستقلال، على الأقل.

مدينة الحسن الثاني
يؤثر عن الملك الراحل، الحسن الثاني، حبه الشديد لهذه المدينة الوادعة (لا يتجاوز عدد سكانها 42000 نسمة وفق إحصاء عام 2004) التي اتخذ منها متنزها منذ كان وليا للعهد وتكرَّس ذلك الحب وتأكد مع توليه الحكم إثر وفاة والده محمد الخامس في مارس/آذار 1961. وروى الصحفي الفرنسي، إريك لوران، أنَّ جزءا هاما من المقابلات التي أجراها مع الملك الراحل خلال إنجازه لكتاب "ذاكرة ملك" تمت في الصخيرات. 

وقد شيد الحسن الثاني قصرا كبيرا في المدينة يُشرف على البحر، وبجانبه شُيدت إقامات فخمة للأمراء والأميرات وللمقربين من البلاط الملكي، ومازال الأمر على ما هو عليه في ظل الملك محمد السادس، إذ كثيرا ما يُشاهد أفراد الأسرة الملكية ومقربوها على شواطئ الصخيرات، كما أنَّ عددا من الشخصيات السياسية المقربة من البلاط تتخذ من الصخيرات سكنا لها سيما بعد التقاعد.

 أزيز الرصاص
اشتهرت مدينة الصخيرات خارج المغرب بانقلاب عسكري فاشل قاده العقيد محمد أعبابو، مدير مدرسة الضباط بأهرمومو، والفريق أول المذبوح ضد الملك الحسن الثاني في العاشر من يوليو/تموز 1971.

وشكلت المحاولة الفاشلة صدمة قوية بالنسبة للمغاربة الذين لم يعرفوا حتى ذلك اليوم الانقلابات العسكرية منذ الاستقلال، وإن كانوا سيعرفون بعد الصخيرات بعام واحد (16 أغسطس/آب 1972) انقلابا فاشلا ثانيا ضد الملك الحسن الثاني قاده وزير دفاعه ورجل ثقته، الفريق أول محمد أوفقير، واستهدف إسقاط الطائرة الملكية عند دخولها الأجواء المغربية قادمة من مدريد التي كان الملك أجرى بها توقفا في طريق عودته من زيارة إلى فرنسا.

اختار انقلابيو الصخيرات تنفيذ مخططهم في وقتٍ كانت تجري فيه الاحتفالات المخلدة لذكرى ميلاد الملك الحسن الثاني، وهو ما يُفسر وجود عددٍ من الأجانب ضمن القتلى، فقد كان الحسن الثاني قد وجه مئات الدعوات لساسة ودبلوماسيين وفنانين ورجال أعمال غربيين وعرب لحضور المناسبة.

غير أن الانقلاب فشل نهاية المطاف، وخلف عشرات القتلى، بينهم قادة الانقلاب إلى جانب مسؤولين مدنيين وعسكريين.

نشاط دائم
إذا كانت الصخيرات عُرفت بوداعتها وهدوئها، فإنَّ ذلك مقصور على المدينة القديمة التي يفصلها عن المحطة البحرية الصاخبة الطريق السيار الرابط بين الدار البيضاء والرباط، كما أنه يوجد قرب الصخيرات مركز دولي للمؤتمرات في بوزنيقة يُعد ضمن الأكبر بالبلد ويُسمى مركز مولاي رشيد.

ويحتضن هذا المركز، بقاعاته الكبيرة والمرتبة جيدا، عشرات الأنشطة على مدار العام، منها المؤتمرات الحزبية والنقابية، وحتى اللقاءات والندوات الدولية والإقليمية التي تستضيفها المملكة.

الليبيون والصخيرات
بلغت شهرة الصخيرات في ليبيا كما لم تبلغ أي بلدٍ آخر، فالمدينة الصغيرة المستريحة على ضفاف الأطلسي احتضنت منذ مطلع 2015 جولات متتالية من مفاوضات السلام بين الفرقاء الليبيين تحت رعاية أممية، وذلك بحثا عن تسوية سياسية للأزمة الليبية.

وقد تُوجت تلك الجهود بالتوقيع بالأحرف الأولى على اتفاقٍ سُمي اتفاق السلم والمصالحة يوم 11 يوليو/تموز 2015، ونص على تشكيل حكومة وحدة وطنية وإنشاء هيئة للحكم وأخرى للحكم المحلي كمدخل إلى تسوية سياسية شاملة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية